مجتمع » ظواهر اجتماعية

محتسبو الكتابة على الجدران.!

في 2016/06/29

حدث أن كنت شاهداً على قيام شخص بالكتابة على جدار مواقف سيارات إحدى المستشفيات الكبيرة لعدد من النصائح الدينية التي شوهت برداءة خط كاتبها ذلك الجدار.. وقد توقعت أن تقوم إدارة المستشفى بطمسها فوراً واعادة طلاء الجدار.. لكني تفاجأت في زيارتي التالية بعد شهرين تقريباً أن الكتابة لا تزال باقية دون أن يجرؤ أحد على ازالتها!..

وعرفت لاحقاً أن المسؤولين في المستشفى كانوا مترددين خشية أن يفهم تصرفهم بأنه ضد تلك النصائح أو ضد "التذكير".!

في نهاية الشارع لدينا جار طيب قام أحدهم باستغلال مساحة بيضاء على جدار بيته ليكتب (لا تنسَ ذكر الله).. ولم يجرؤ جارنا على ازالته خوفاً من تفسيرات الجيران.. أو ربما انه تحمل التشويه خوفاً من معصية ازالة "التذكير".!

عند شباك "تسليم طلبات السيارات" في المطاعم تنتشر عشرات الملصقات التي تغطي الشباك.. تلك التي تحمل عبارات الحث على "ذكر الله وسبحان الله واستغفر الله".. وعند سؤال الموظف عنها يجيب إنه لا يملك منعهم، أو يقول لك بلا مبالاة بأنه مجرد موظف وليس مالكاً لهذا الشباك ولا يرغب الدخول في المشكلات.!

الأسوأ في هذه الحالات أنها تتم بزعم "التذكير" والبحث عن الأجر، وتتخذ قداسة تجعل الجميع يتحملها دون أن يجرؤ أحد على المعارضة أو ملاحقة فاعلها كما يلاحقون بقية المتطفلين على خصوصياتهم وممتلكاتهم بالإعلانات التجارية أو غراميات مراهقي الكتابة على الجدران.. رغم الإيمان الراسخ لدى الجميع بأنه لا يوجد أي مسوغ شرعي للاعتداء على الممتلكات.. ولا توجد أي فتوى شرعية تدعم هذا التشويه وهذا السباق على لصق هذه الاوراق دون اعتبار للملكيات الخاصة والعامة؛ التي من الأولى ان يتجنب الانسان السوي اثم الاعتداء عليها وتشويهها.. واللافت انك لو قلت لاحد هؤلاء العابثين ضع هذا الملصق على سيارتك أو باب منزلك لرفض!.. ربما استناداً إلى عضويته بجماعة "الفئة الناجية" التي لا تحتاج إلى تذكير!.

يأتي شخص فارغ فكرياً يبحث عن الاجر بطريقة "الحسابة اللي بتحسب وانت نايم".. ويشوه ممتلكات عامة وخاصة.. ولا يجرؤ احد على ازالتها دونا عن مناقشته؛ التي تعتبر مغامرة ربما تنتهي بتشويه اكبر.. حتى بتنا اليوم نعاني من كسالى الدعوة الذين يبحثون عن الاجر بطريقة "العداد" الذي يضاعف لهم الاجر دون أي جهد إلا جهد ايذاء الناس والاعتداء على ممتلكاتهم واختراق خصوصيتهم بزعم "التذكير".. رغم أنه لا خلاف على أنه لا يجوز شرعاً الاعتداء على أملاك الغير، وأن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

عادل الحربي- الرياض السعودية-