مجتمع » ظواهر اجتماعية

منعزلون على ذواتهم.. (انتبهوا لعيالكم)!

في 2016/07/05

تأتي سبل استثمار اوقات الابناء والبنات خلال اجازة الصيف من اهم الامور التي تشغل بال الكثير من الاسر لاسيما ونحن على ابواب مرحلة جديدة من هذه الاجازة بعد انقضاء شهر رمضان وحلول عيد الفطر المبارك وبعد بعض الاسر قليلا عن ابنائهم في المناسبات الاجتماعية الى جانب انشغال البعض بحزم حقائبه استعدادا للسفر، بينما يظل البعض الاخر اسيرا للوحدة والفراغ في واحدة من اطول الاجازات الدراسية التي يتمتع بها الابناء.

وإذا ما راعينا المعايير الأربعة التالية الترفيه، التجارب والخبرات، التعلم، الإيمان، وهذه هي القواعد الذهبية الأربعة التي ينبغي أن نراعيها ونحن نضع خطتنا الصيفية لأبنائنا، فإن النتائج قد تكون أكثر ايجابية، فالبعض من الأبناء يقضـون أوقاتهم بالنـوم أو الجلوس أمام التلفاز أو الحاسوب واللهو بالألعاب الإلكترونية، والتذمر من طول الوقت والملل وانعدام الشعور بالمتعة والتسلية، لذلك فإن غالبية الطلاب والطالبات يمرون بمرحلة الشعور بطاقة لا محدودة تصنع الرغبة في التعامل والتفاعل مع البيئة المحيطة، وهذه القدرات والمشاعر تجعل منهم في مرحلة من الانطلاق وعدم الرغبة في الإلتزام بروتين معين يسدل عليه ثوب الملل البغيض، فقضاء الاجازة الصيفية بشكل مفيد يملأ الفراغ ويحرك الطاقات ويجب ألا يكون هاجس الطلاب وأسرهم فقط، بل يجب أن تتنافس كافة المؤسسات المعنية على وضع برامج لهذا الغرض، وأن تحرص على ألا تخلو هذه البرامج من الترفيه بعد عام دراسي طويل، كما يجب أن يكون الترفيه ممزوجًا بالمتعة والفائدة.

دورات تأهيلية

أكد عبدالعزيز سلمان -طالب- أنه يحرص هو وأصدقاؤه في العطلة الصيفية على تنظيم رحلات إلى عدد من المواقع السياحية، كما انه سيسجل في دورة للغة الانجليزية لتقوية لغته، وأيضا دورة بالحاسب الآلي، فيما يشدد عبد الرحمن الصقوري -طالب- على أن الإجازة تمثل له فرصة لكي يقوم بعدد كبير من الأنشطة التي حرم منها طوال العام الدراسي بسبب الدراسة، حيث إنه يفضل ممارسة الرياضة خارج المنزل مع الأصدقاء بسبب حبه للألعاب التي بها حركة مثل كرة القدم، مضيفاً أنه بسبب عدم وجود ملعب لكرة القدم فإن الطلبة في كثير من المناطق يضطرون الى اللعب في الشوارع، وهذا يسبب كثيرا من المشاكل لأن الناس ينزعجون منهم، هذا بالإضافة لخطر السيارات، متمنياً أن يحضوا بساحات يستخدموناه ببعب كرة القدم.

أنشطة محدودة

وأكد محمد الوايلي إن العطل الصيفية من المواسم المهمة التي ينبغي أن يستثمرها الإنسان في توفير متطلبات النجاح والتفوق، مضيفاً: كذلك من الضروري أن تتحمل المؤسسات الرسمية والأهلية مسؤولياتها في هذا الصدد، فالمدارس والجامعات والمعاهد والأندية المختلفة ينبغي أن يكون لها بعض البرامج الصيفية التي تجذب وتستقطب العديد من الشباب الذين سيجدون في هذه البرامج القدرة على تأهيلهم وتنمية مواهبهم، مشددا على أن الأنشطة والمراكز الصيفية غير كافية.

وقال: إنه ليس من الغريب أن تصبح الشوارع والأحياء السكنية المكان الذي يلعب فيه الشباب الصغار في العطلة الصيفية، ودعا الى تحويل المدارس إلى خلية نشاط في الصيف وخصوصا في الأنشطة الثقافية والرياضية.

أدوار مفقودة

وأهاب محمد الجريان -مستشار أسري- بضرورة تشجيع المؤسسات والشركات الخاصة على القيام ببعض البرامج والأنشطة الصيفية التي تستوعب مجموعة من الطلبة وذلك لتأهيلهم وتنمية مواهبهم، فالاستفادة من العطلة الصيفية بحاجة إلى تكاتف الجهود من الجميع، لذلك فإن تشجيع المؤسسات الأهلية مهما كان اختصاصها على الانخراط في مشروع صيفي سواء لأسر الموظفين أو للجميع، سيساهم في امتصاص الكثير من الطاقات الشابة في المجتمع.

وأكد الجريان أن الفراغ يؤدي إلى خروج الشباب من البيت إلى الشارع وممارسة أفعال سيئة وغير محمودة هناك، كالتسكع بالسيارت مثلا في الطرقات ومعاكسة الفتيات والمشاكسة، بالإضافة الى الذهاب إلى الاستراحات حيث يقوم هؤلاء الشباب بممارسات غير صحية في ظل عدم وجود رقابة من الأهل، كما أن عدم اشغال الشباب لوقتهم في أمور مفيدة يؤدي الى فراغ ذهني خلال العطلة الصيفية، مما يؤكد ضرورة زيادة المراكز والمخيمات الصيفية وتكثيف نشاطات الأندية الثقافية والمنتديات العلمية والإهتمام بإعداد برامج ومسابقات علمية وثقافية مختلفة.

وقال الجريان: يجب توجيه طاقات الشباب في الإجازة الصيفية نحو الدورات التدريبية والتأهيلية في مختلف المجالات الثقافية والعلمية والرياضية، كحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية والأشغال اليدوية والكمبيوتر واللغات والمسابقات الرياضية.

فرصة لتطوير الذات

وفي هذا الصدد يقول د. أسامة جابر -استاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة نجران-، إن العطل الصيفية تعتبر من المواسم الأساسية التي تساعد الإنسان على تلبية رغباته وإشباع ميولاته المشروعة، وهي ضرورية ومهمة جدا لكسر الروتين والجمود، والتجديد في البرامج اليومية للطلاب، لهذا فإن العطلة الصيفية فرصة مناسبة من الضروري أن يستثمرها الشباب في سد ثغرات حياتهم العلمية والعملية، فالشاب الذي يرى أن من نواقص نضج واكتمال شخصيته (العلاقات الاجتماعية) ينبغي عليه أن يستفيد من هذه العطلة في تقوية علاقاته الاجتماعية، عبر زيارة الأصدقاء والدخول معهم في برامج اجتماعية مشتركة، والعمل على كسب أصدقاء ومعارف جدد، وبالتالي فإن الشاب يحول العطلة الصيفية إلى ساحة ومجال لتقوية الروابط الاجتماعية من خلال العمل الاجتماعي وميادينه الاجتماعية المتعدده، والخروج من واقع العزلة والتقوقع على الذات.

تهديد الأمن الاجتماعي

وقال د. أسامة: إن على الأسرة التفكير العميق في طرق الاستفادة من الإجازة على المستوى النفسي والاجتماعي والزمني، ويعتبر وقت الفراغ من العوامل الأساسية للانحراف والذي يؤدي الى بروز بعض المظاهر السيئة في الوسط الاجتماعي، لذلك ينبغي أن تتكاتف كل الجهود من أجل استيعاب الشباب والطلبة في العطلة الصيفية في برامج ترفيهية وتأهيلية تنهي حالة الفراغ وتساهم في تنمية مواهبهم وصقل إمكاناتهم وإنضاج مقاصدهم، وإذا لم تتمكن الأسر من ملء هذا الفراغ فإن الكثير من الظواهر السيئة ستبرز في الوسط الاجتماعي، ما يهدد مفهوم الأمن الاجتماعي ويوفر الفرصة للمشكلات الاجتماعية ويؤدي الى خلق أجواء التوتر على مستوى أفراد الأسرة بسبب عدم إشغال أوقاتهم بما يعود عليهم بالفائدة.

وأضاف: إن من القيم الحضارية التي ينبغي أن يعتاد عليها الإنسان هي قيمة المراجعة والتقويم للمسيرة العلمية والعملية للإنسان، حتى يكتشف من خلال هذه المراجعة عناصر القوة فيعمقها في نفسه، ويتعرف على نقاط الضعف ويجتهد لإنهائها من حياته ومسيرته، وبهذه القيمة وتداعياتها العملية والسلوكية يتقدم الإنسان باستمرار، والعطل الصيفية من المحطات الضرورية التي ينبغي أن يقف عندها الإنسان لكي يراجع مسيرته ويقوّم تجربته، موضحاً أن هناك فئات من الطلبة تذهب الى النوادي والمراكز الخاصة لقضاء عطلة الصيف، وفئة كبيرة من الطلاب يقضون وقت العطلة الصيفية في فراغ بدون إنجاز أي أعمال، والبعض الآخر يلجأ للعمل لمساعدة الأهل في أعباء الحياة الاقتصادية، فتكون العطلة الصيفية ملاذا له ولأهله للعمل ومساعدتهم في اعباء الحياة، وللمعلومية فـ ( 66%) من المتسربين من المدارس ينقطعوا عن الدراسة لأسباب اقتصادية، والحقيقة المؤلمة أن (35%) من أباء هؤلاء الطلبة كانوا في الأصل متسربين من المدارس لهذا لن يكون هناك أي أهمية عندهم في حال ترك ابنائهم المدارس.

وكالات-