علاقات » عربي

«الشنقيطي»: الإمارات تشن حملة لابتزاز السعودية بمهاجمة «القرضاوي»

في 2016/07/11

اعتبر كتاب ومفكرون عرب أن الهجوم العنيف وغير المفهوم الذي يشنه عدد من المسؤولين السياسيين والإعلاميين الإماراتيين على رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» الشيخ «يوسف القرضاوي»، ليس إلا حملة سياسية لابتزاز السعودية ومنع أي تقارب لها مع أي شكل من أشكال الجماعات الإسلامية.

وقال أستاذ الأخلاق السياسية بـ«مركز التشريع الإسلامي والأخلاق» في قطر، «محمد مختار الشنقيطي»، في تصريحات لـ«قدس برس»: «أعتقد أن الأهداف هذه المرة أكبر من مجرد شخص الشيخ القرضاوي، وإنها ترجع إلى خشية بعض الأطراف من أي تقارب سياسي ولو كان سلاما باردا بين الدولة المركزية في الجزيرة العربية وهي السعودية، وبين القوى السياسية الإسلامية، التي دخلت بعض الجهات حربا خرقاء ضدها، أدت إلى استنزاف الأمة ماديا ومعنويا، وانكشاف دول الخليج العربية سياسيا واستراتيجيا، وفتح أبواب العنف والاضطراب والخراب في المنطقة كلها، خدمة لجهات دولية طامعة لا تريد لهذه الأمة أن ترفع رأسها».

وأشار «الشنقيطي» إلى أن التوقيت الذي جاءت فيه موجة الهجوم الجديد على الشيخ «القرضاوي»، تدل على أن المستهدف الأول منها هو إحراج السعودية، التي زارها الشيخ مؤخرا، والسعي إلى منعها من أي تعاون، أو حتى تعايش مع القوى السياسية الإسلامية.

ورأى «الشنقيطي» أن السبب في الهجوم على «القرضاوي» يأتي من كونه من العلماء العاملين الذين يأمرون بالقسط من الناس، ممن جمعوا العلم الشرعي والموقف الشرعي، وحملوا هم الأمة وآمالها وآلامها، ولذلك اجتمع على عداوته الطغاة والغلاة والغزاة.

وأكد «الشنقيطي» أن الهجوم المبتذل على الشيخ «القرضاوي» ومحاولة اغتياله معنويا ليسا أمرا جديدا، لكنه قال: «المريب الآن هو التوقيت، والسياقات السياسية الإقليمية التي جاء فيها، فمن المعيب حقا أن يتم التطاول على هامة علمية حملت هم الأمة، فحملتها الأمة في قلوبها، ونحن نرى كيف يعامل الصهاينة مستشرقيهم الذين سلخوا حياتهم في حرب الإسلام، من أمثال برنارد لويس، بكل إجلال وإكرام وتوقير».

ونفى «الشنقيطي» أن يكون للهجوم على «القرضاوي» أي مصلحة خليجية أو عربية، قائلا: «ليس من مصلحة دول الخليج خاصة ولا الدول العربية عامة استهداف العلامة القرضاوي، ولا استهداف القوى السياسية الإسلامية التي يمثل الشيخ أحد وجوهها العلمية».

وأضاف: «هذه القوى الإسلامية هي العمق الاستراتيجي الحقيقي للسعودية وللخليج أمام الاختراق الإيراني، والتواطؤ الأمريكي، والصلف الروسي».

وحذر «الشنقيطي» من أن التورط في حرب عدمية من هذا النوع يدل على قصر نظر سياسي، وعمى استراتيجي، بالإضافة إلى أنه خطيئة شنيعة ابتداء.

وتساءل مستغربا: «كيف يصدق عاقل أن تستهدف دول عربية علماء الأمة، وطلائعها وخيرة أبنائها، وهي تواجه إيران التي تستنفر كل من فيه رائحة تشيع، لتضرب به الكيان العربي في عمقه، وتمزق به أحشاءه؟! لكن من لا بصائر لهم يضربون الأمة في عناصر قوتها المادية والمعنوية كل يوم، ويمزقون صفها، حتى لم يعد جمهور أهل الإسلام، خصوصا في بلاد العرب، أهل سنة وجماعة، بل أصبحنا سنة من غير جماعة بسبب هؤلاء الطغاة، ومن يفكر بمنطقهم من الغلاة والغزاة».

وتابع: «المستهدف ليس القرضاوي كشخص، بل المستدف هو روح الأمة، وطموحها إلى الخروج من العبودية والذلة والتبعية.

وتوقع «الشنقيطي» أن من يسيرون في هذا الدرب، الذي وصفه بـ«المعتم» أن يعضوا أنامل الندم يوما على ما اقترفوه في حق أنفسهم وشعوبهم وأمتهم جراء غرورهم وجهالاتهم، على حد تعبيره.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يحتد فيها السجال بين دولة الإمارات والشيخ «يوسف القرضاوي»، فقد كانت حكومة الإمارات قد استدعت في فبراير/شباط 2014 السفير القطري المعتمد لديها لتقديم احتجاج رسمي على خطبة ألقاها «القرضاوي» في قناة «الجزيرة» المملوكة لقطر، رأت فيها إهانة للإمارات.

وقد جاء ذلك على خلفية انتقاد «القرضاوي» للحملة التي شنتها دولة الإمارات العربية ضد «الإخوان المسلمين».

ويقول مراقبون إن هذا الخلاف يعكس الانقسام الذي حصل بين الدول العربية الخليجية منذ اندلاع ثورات «الربيع العربي» أواخر العام 2010، حول الموقف من الحركات الإسلامية التي كانت من أبرز القوى الصاعدة على أنقاض دول الاستبداد المنهارة.

وقد كان موقف دولة الإمارات حازما في إسناد الجيش المصري ماديا وسياسيا في الإطاحة بحكم «الإخوان»، ودعمت ذلك بحملة اعتقالات لناشطين إماراتيين ومصريين وعرب محسوبين على «الإخوان».

وقد دشن مسؤولون وإعلاميون إماراتيون منذ عدة أيام حملة ضد «القرضاوي»، عقب نشر صورة له في مكة المكرمة بدعوة من العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، وفي أعقاب التفجير الانتحاري الذي وقع بالمدينة المنورة على مقربة من المسجد النبوي الشريف.

وقد انتشرت الصورة بكثافة في مواقع التواصل الاجتماعي السعودية والخليجية، على نحو دفع بوزير الخارجية الإماراتي «عبدالله بن زايد آل نهيان»، إلى المبادرة بنشر تغريدة على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، قال فيها: «هل تذكرون تحريم الشيخ الجليل بن باز رحمه الله للعمليات الانتحارية، هل تذكرون مفتي الإخوان القرضاوي عندما حرض عليها».

فرد الشيخ «القرضاوي» بإعادة نشر التغريدة ذاتها وكتب معلقا عليها «خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين، نعوذ بالله من شر الشياطين إذا ما انحلت أصفادها».

وكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات «أنور قرقاش»، على صفحته الشخصية على «تويتر»، أيضا ضمن هذا النقاش منشورا جاء فيه «في الجدل الدائر في تويتر بين تغريدة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، ورد يوسف القرضاوي، اليوتيوب هو الحكم والدليل يدحض دفاع مفتي الإخوان».

وأضاف: «من برر وأفتى بالفتاوى الانتحارية يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأمور، أرواح آلاف الأبرياء أزهقت لأغراض النفوذ والسلطة وتحت عباءة الدين»، على حد تعبيره.

وعلى الرغم من أن الأمر يبدو في ظاهره بين مسؤولين وإعلاميين إماراتيين والشيخ «القرضاوي»، إلا أن مراقبين ومهتمين، يرون بأن الهجوم الإماراتي في الحقيقة لا يستهدف الشيخ «القرضاوي» في حد ذاته، وإنما يستهدف منع حصول أي تقارب، مهما كان نوعه بين السعودية والإسلاميين.

يذكر أن الملك «سلمان» قد استضافت الشيخ «يوسف القرضاوي»، وهو محكوم بالإعدام في مصر، وكذلك زعيم حركة «النهضة» التونسية الشيخ «راشد الغنوشي»، المعروف بإسناده للمصالحة بين المؤسسة العسكرية و«الإخوان» في مصر.

وكالات-