سياسة وأمن » تصريحات

عوامل تسهم في جرائم قتل الأقارب

في 2016/07/12

فيما شهد المجتمع السعودي 5 جرائم مروعة لقتل الأقارب خلال عام، أعاد اختصاصيون في علم النفس وعلم الاجتماع ذلك إلى 3 عوامل تمثلت في خلل الوعي الفكري، والبيئة الأسرية، والقيم الاجتماعية، فارتباك الموروث السائد في التربية الأسرية المعتمد على العنف اللفظي، والإيذاء الجسدي، والاعتداء على الآخرين، ومصادرة حقوقهم في التعبير. أنتج داخل البناء الأسري شخصيات عدوانية، متجردة عن الإنسانية، تعبر عما بداخلها من غضب عن طريق الاعتداء والضرب والقتل، مقترحين إعادة النظر في العقوبات المعتمدة على السجن، واستبدالها بعقوبات خدمة المجتمع، بما يتناسب مع الفئة العمرية ونوع الجريمة.
 خلل قيمي
يؤكد خبير علم النفس السلوكي المعرفي الدكتور عبدالله الحريري لـ"الوطن" إن "الناس في مجتمعنا يمارسون العبادة كعادة وليست كسلوك، وهذا خلل قيمي خطير، يؤدي إلى انفصام في الشخصية ، وهو ما يعزز السلوك السلبي لدى العدوانيين، كما يعاني مجتمعنا من خلل في الموروث السائد في التربية الأسرية الذي يعتمد في صلبه على عبارة (خلّـك رجّـال، خلّـك أسد، خلّـك ذيب،  خذ حقك بيدك"، وهذه العبارات تعزز مفهوم شريعة الغاب في نفوس الناشئة، وتكبر معهم وتتحوّل إلى سلوك، وهذا ما نجني نتائجه اليوم في حوادث القتل للأقارب وغيرهم، والعدوان بدم بارد على المجتمع، ويتجه العدوان من هذه الفئة على الناس الأضعف في حياة الشخصية العدوانية، كالنساء والأطفال والشيوخ الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم بطريقة متكافئة، ما يجعل هؤلاء العدوانيين يستأسدون، ويمارسون عدوانهم بطريقة جريئة، ويتزامن هذا الخلل مع انفصام واضح بين التربية في المنزل، وما تقدمه المدرسة، والجامعة، فكثير من الأسر تتبع أساليب غير تربوية لا تتسق وقيم الإنسانية، والمدرسة والجامعة غائبتان تماما عن هموم المجتمع ومشاكله".   
 عقوبات بديلة
يرى الدكتور الحريري أن "الحل قيمي وقانوني بالدرجة الأولى، ما يعني وجوب تدخّل الدولة لوضع برنامج لتأصيل القيم الإنسانية، بإشراف خبراء في علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلوم التربية، والقانون، بالتزامن مع ضرب القانون بيد من حديد على السلوكيات السلبية وممارسيها، من خلال العقوبات البديلة لخدمة المجتمع وليس السجن، فالعقوبات البديلة تتسق وإستراتيجية تأصيل القيم في نفوس البشر، فالدولة والمجتمع يعولان على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وفق رؤية المملكة 2030 في معالجة هذه المعضلة التي عزّزت التخلف في المجتمع بصورة ممقوتة".
 علاج نفسي سلوكي  
أبان الاستشاري النفسي الإكلينيكي الدكتور ماطر الفريدي لـ"الوطن"، أن "انتشار ظاهرة جرائم الشباب فكر جديد دخيل على المجتمع، ويجب دراسة أسباب هذا الفكر الضال، وعلاجه، وهو ما يتطلب مزيداً من التفكير والتأمل والبحث العلمي الجاد، ومعالجته، ولا شك أن العلاج النفسي السلوكي والمعرفي قادر على علاج هذه المشكلة، بتغيير الأفكار السيئة واستبدالها بأخرى صحيحة".
وأضاف أن "فكر الإرهابي أو المتطرف يكون دخيلا وضالا على المجتمع، لعدم وجود قنوات اتصال مباشرة مع المختصين النفسيين، لذلك يجب تفعيل الاستشارات الهاتفية للرد على تساؤلات الشباب، وتصحيح أوضاعهم واتزانهم النفسي والاجتماعي، حيث إن الكثير منهم لديهم اضطرابات نفسية وتراكمات اجتماعية وتربوية لا بد من الوقوف عليها ومساعدتهم في تجاوزها".
 فجوة وجدانية
أوضح أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور عبدالله الفوزان لـ"الوطن" أن "البيئة الأسرية القمعية، والمفككة التي يسودها الحرمان العاطفي والمادي، تسهم في صناعة الشخصية القابلة للانحراف، وانتهاج السلوك العدواني بما فيه القتل حتى للأقارب، كما حدث الفترة القليلة الماضية، إضافة إلى اتساع الفجوة الوجدانية بين الأبناء والوالدين، وتنامي ضغوط الحياة المعاصرة القائمة على التنافس المادي المحموم والطبقية، وكل تلك أسباب رئيسة لوجود حالات قتل الأقارب في مجتمعنا".
   اختلاف الدوافع
قال الاختصاصي في علم اجتماع الجريمة الدكتور أحمد الشهري، إن "لكل جريمة ملابساتها الخاصة، ومن المعروف أن العنف لا يولد إلا العنف، والمجتمع السعودي ليس مجتمع عنف، فلا زال الإيذاء فكرة ينظر إليها بمنظار شخصي بحت، ولا يجب تعميمها دون وجود أدلة قاطعة".  
وأضاف أن "دوافع كل جريمة قتل تختلف عن الأخرى، فمثلا "توأم الغدر" اللذان قتلا والدتهما كانا يعتنقان أيديولوجية فكرية تكلم الكثير عنها، بينما الدوافع تكون مختلفة في حالات أخرى، والبعض خرج بعيداً إلى الباراسيكولوجي، بينما وقع البعض الآخر في وهم السحر، وما فوق الطبيعة والواقع".
وأوضح الشهري أنه يميل إلى الطرح الفكري المعتدل، مع صعوبة منع انتشار مواقع التواصل في ظل التحكم الفردي الذاتي لأدوات الإعلام الجديد، وأن من المناسب توجيه قنوات الإعلام بمختلف أشكالها، نحو قراءة مختلفة لمثل هذه القضايا، مشددا على وجوب تحول النظرة العابرة لمثل هذه القضايا، إلى المعالجة الحاسمة، مع توظيف الجانب الوقائي باستخدام الوسائل نفسها، واستغلال التجمعات الشبابية والتربوية والعلمية لتنفيذ ذلك.
5  جرائم لقتل الأقارب شهدتها المملكة خلال عام
يوليو 2015
انتحاري سعودي يفجر نفسه أمام نقطة تفتيش على طريق الحاير بالرياض بعد أن قتل خاله وسلب سيارته
مطلوب يقتل والده بإطلاق النار عليه، وكان الجاني يعتقد أن والده أبلغ الجهات الأمنية للقبض عليه نتيجة اعتناقه الفكر المتطرف
سبتمبر 2015
شابان يقتلان ابن عمهما في حائل بعد انضمامهما لتنظيم داعش
فبراير 2016
 قتل رجل الأمن وأحد منسوبي قوة الطوارئ الخاصة بمنطقة القصيم، وتمت الجريمة على يد 6 أفراد من أبناء عمومته، ثلاثة منهم إخوة أشقاء
يونيو 2016
 توأمان يقتلان والدتهما، ويحاولان قتل والدهما وأخيهما بالرياض.
وكالات-