دول » دول مجلس التعاون

الشباب الخليجي يتهافت على تبادل «البوكيمونات»

في 2016/07/13

يعدّ حدوث ما يعرف بـ(Booming) في التسويق، أو ما يعني بالإنفجار التسويقي لعلامة تجارية أو لمنتج ما، نجاحا لفريق التسويق أو للمنتج نفسه أو لوسيلة الدعاية المبتكرة. لكن في لعبة الهواتف الذكية (Pokémon Go) التي خرجت علينا منذ أيام، لم يكن الانفجار عاديا، ولم تكن الأسباب عادية أيضاً.

فوجئ العالم بشركة نيانتيك (Niantic) تعلن عن إطلاق لعبة (Pokémon Go) الخاصة بالهواتف الذكية في السابع من شهر يوليو/تموز الجاري، بتقنية جديدة تربط اللاعبين في العالم الافتراضي بالعالم الواقعي، عن طريق تقنية تحديد المواقع «جي بي إس» وكاميرا الهاتف، ليبدأ اللاعبون حول العالم بتنزيل اللعبة من متجري جوجل بلاي وأبل ستور بطريقة هستيرية، رغم أن الشركة كانت قد سبقت وأعلنت أن النسخة الحالية من اللعبة هي نسخة تجريبية (beta) وأنها متاحة فقط لبعض البلدان للتجربة وتقييم اللعبة قبل إطلاق نسختها الرسمية الكاملة لكل دول العالم.

وتسبب هذا الإقبال الهستيري على النسخة التجريبية من اللعبة بمشاكل عديدة في خوادم الشركة التي ناشدت اللاعبين حول العالم انتظار النسخة الرسمية، لأن الخوادم التجريبية لا تتحمل كل هذا الضغط. إلا أنّ شركة نينتندو (Nintendo) اليابانية المالكة الأصلية لمسلسل الكارتون ولعبة (Pokémon)، وشريكة نيانتيك في إطلاق اللعبة الأخيرة، قد ربحت قيمتها السوقية 7 مليار دولار أمريكي في يومين وهي نفس قيمة انخفاض القيمة السوقية للشركة ذاتها في عام 2015! (يتضح ذلك في الرسم البياني التالي من موقع بلومبيرغ).


وبالرجوع إلى عالمنا العربي وبخاصة منطقة الخليج نجد أنه لم يكن بمعزل عن هذا الإقبال الهستيري، ورغم أن الشركة لم تطرح اللعبة بعد للبلدان العربية، إلا أن الشباب العربي والخليجي احتال على ذلك ببرامج البروكسي وتغيير المواقع (change location)، وبنظرة سريعة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» نجد أن التفاعل الخليجي مع اللعبة فاق كل التوقعات.
يقول «يحيى البنداري» طبيب من عمان في تغريدة له على الموقع: «يا للعجب! ظهر هذا الـ(cubone) [إسم أحد البوكيمونات] أمامي وأوقفني أثناء خروجي من المستشفى». وأنهى تغريدته بوسم (#Pokémon_Go in Oman).

وفي تغريدة للشاب السعودي علي الشمري يقول: «لقد جعلتني (Pokémon Go) أجري في الحي في الساعة الخامسة صباحا بحثا عن البوكيمون كالأحمق».

وفي تغريدة طريفة لـ«سعود أحمد»، عرض فيها مجموعة من البوكيمونات التي استطاع صيدها، بحسب قوله، للبيع أو التبادل، حاصلاً على العديد من الردود من مغردين سعوديين وخليجيين يعرضون فيها قبول التبادل.

وإذا نظرنا في أسباب هذا الانفجار التسويقي للعبة نجد أن أسبابه لم تكن تلك الأسباب العادية من نجاح لفريق التسويق أو للمنتج الدعائي أو حتى لفكرة اللعبة نفسها أو لقيمتها التقنية، وإن كانت ذا قيمة كبيرة وتمثل طفرة حقيقية في عالم الألعاب. لكن السبب الأبرز وراء ذلك ربما يرجع إلى رمزية لعبة البوكيمون التي ترجع لقيمة أساسية مرتبطة بذكريات الطفولة للعديد من الأجيال الشابة في هذا الزمن، فاللعبة ترجع إلى المسلسل الكارتوني الياباني والمدبلج إلى لغات عديدة حول العالم (Pokémon)، والذي كانت شركة نينتندو قد أطلقته في عام 1995، وربما كان يحلم العديد من الشباب في العالم وفي عالمنا العربي بأن يتمكنوا يوما من عيش هذا العالم الخيالي على أرض الواقع.

جدل ديني وسياسي

بالطبع لا يمكننا تخيل أي قضية طارئة على عالمنا العربي دون أن يتداخل معها الجدل الديني المعتاد، فبمجرد ظهور اللعبة وتحدث الشباب عنها في مواقع التواصل الإجتماعي، تجدد الجدل القديم حول لعبة (Pokémon) التي حرمتها دور الفتوى وشيوخ الأزهر وغيرهم بناءً على أدلة وأسباب خاصة بهم. ويظهر في الصورة صورة ضوئية لمقال يتحدث عن تحريم اللعبة لأنها تعلم الأطفال الإيمان بنظرية التطور لداروين بحسب ما صرح به «نصر فريد واصل» مفتي الديار المصرية في ذلك الحين، ولأنها مخطط خبيث للصهيونية والماسونية للتلاعب بعقول الشباب العربي بحسب شيخ الأزهر وقتها «سيد طنطاوي».


وبالعودة إلى نطاق العالم الأوسع خارج بلداننا العربية، وبربط اللعبة بالأحداث الحالية الجارية بالولايات المتحدة بعد قتل 2 من السود على أيدي رجال الشرطة الأمريكية في أقل من 48 ساعة، وعلى خلفية الاحتجاجات الواسعة للسود على تعامل الشرطة الأمريكية مع السود، كتب الكاتب بموقع ميديام (Medium)، «عمري أكيل»، وهو كاتب أسود البشرة ومدافع عن حقوق السود في أمريكا مقالاً بعنوان: «تحذير: بوكيمون جو ربما تقتلك، لو كنت رجلاً أسوداً». وتحدث الكاتب في المقال محذراً السود من التعامل مع اللعبة لأنها ستكون دافعا ومبررا لرجال الشرطة في أمريكا لقتلهم بسبب «الإشتباه»، في سخرية من تبريرات الشرطة الأمريكية في قتلها لأعداد كبيرة من السود خلال الفترة الماضية. وتابع الكاتب في معرض حديثه عن اللعبة بأنه قد لعبها لساعات قبل أن يشعر بالخطر على نفسه إذا رآه أحد أفراد الشرطة وهو يسير بجوار منزل ما في شكل مريب يبحث عن أحد البوكيمونات.

وذهب الأمر بعيدا جدا مع بعض الشباب من مصر حين زعم أحدهم مقابلة (آش) شخصياً في الشارع، وآش هو بطل مسلسل الكارتون (Pokémon) واضعاً صورة معدلة بالفوتوشوب لشخص يلبس ملابس شخصية آش، وصورة أخرى تبدو لكرة بوكيمون حقيقية.


إلا أن الغالبية العظمى من الشباب في منطقة الخليج والدول العربية تفاعل مع اللعبة بجدية ونزل بالفعل إلى الشوارع والميادين والأسواق باحثاً عن جمع شخصيات البوكيمون في أول لعبة تحقق هذا الارتباط بين العالم الافتراضي والواقع وذاكرة الماضي الجميلة. وبعيدا عن كل الأفكار المتداولة عن مؤامرات من هنا وهناك، إلا أن الإقبال التاريخي على اللعبة، والذي انعكس على الارتفاع الكبير في قيمة أسهم شركة نينتندو في الأيام الماضية، يبشر أنه ربما يكون هناك انفجار أكبر مع إطلاق النسخة الرسمية من اللعبة التي ستكون متاحة لكل بلدان العالم بحسب تصريحات مسؤولين بشركة نيانتيك، والأكيد أننا سنرى في قادم الأيام طفرة في عالم ألعاب الهواتف الذكية، ودخول لاعبين كبار آخرين في حلبة المنافسة.