مجتمع » ظواهر اجتماعية

علماء الشريعة يطلقون النار على «البوكيمون»: مُحرّمة شرعاً!

في 2016/07/19

هي لعبة «البوكيمون» التي تعتبر بمثابة «المغارة» التي فتحت فاها أمام الكثيرين، لا سيما الشباب منهم لدخول هذا «العالم الجديد»، بما يحمله من «مخاطر ترتقي إلى حد التجسس» كما يرى البعض، و«انتهاك خصوصيات الآخرين» كما يعرب آخرون، فيصبح الترفيه «مُجَرّما».

اللعبة لا تزال في طور البدايات، لكنها حققت نسبة عالية من «مشاهدة» تأثيراتها السلبية، الى حد دق جرس الإنذار... بتحريمها.

وفيما حذرت وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية الجمهور من لعبة «البوكيمون غو» «لاعتمادها على التجسس ولما فيها من اضرار بالآخرين»، أجمع عدد من علماء الشريعة في الكويت بحرمة هذه اللعبة «التي تعتدي على خصوصيات الناس»، في الوقت ذاته نبّه غير نائب إلى خطورة اللعبة، التي انتشرت أخيراً كالنار في الهشيم محذرين من «جوانبها السلبية سواء كانت أمنية أو اجتماعية أو أخلاقية»، واصفين اللعبة بأنها «أشبه بطرق التجسس غير المباشر وتحايل صارخ لاستدراج صغار السن من الشباب لتصوير أماكن حيوية مهمة».

وقال عضو هيئة الفتوى والخبير في الموسوعة الفقهية الكويتية في وزارة الاوقاف الشيخ الدكتور احمد حجي الكردي لـ «الراي» ان «لعبة البوكيمون حرام شرعاً استناداً الى النص القرآني (ولا تجسسوا)» مبيناً ان «هذه اللعبة تعتمد على التجسس وهي أمر محرم لما فيها ايضاً من إضرار بالآخرين».

وقال الكردي «ارى ان من يستعمل هذه اللعبة واع بتصرفاته ويتحمل عواقبها كافة وهي لا تذهب الادراك».

وأوضح الاستاذ في كلية الشريعة الشيخ الدكتور عجيل النشمي لـ «الراي» إن «(البوكيمون) بحد ذاتها لعبة ولكن حرمتها في مآلها وآثارها المدمرة، فهي تستهدف جيل الأطفال والشباب وتربطهم بأهداف تافهة وتشغل أوقاتهم بما يضر ولا ينفع».

وأضاف «في اللعبة أيضاً تعد على خصوصيات الناس، فيضع اللاعب صور بيته وربما المخفر وأماكن أمنية بحجة اللعب، وقد تقود لاعبها الى مصاعب ومصائد تعرضه للاعتداء أو الاستغلال المالي أو الجسدي، فهو لا يعرف ماذا يواجهه في طريق تنقله لصيد البوكيمون».

وشدد النشمي على انه «يجب على الجهات الأمنية منع اللعبة، وعلى الجهات التربوية دراسة هذه اللعبة وخطورتها على النشء والشباب والمجتمع، وعلى أولياء الأمور تحذير ابنائهم بإقناعهم بتفاهتها وخطورتها، وأن أهداف المسلم والمسلمة أسمى وأعلى، وأن ضرر هذه اللعبة يعم الأفراد والأسرة والمجتمع».

وقال الشيخ حاي الحاي: «لا شك في ان لعبة (البوكيمون) فتنة وفيها اضرار وأمور خطيرة»، مبيناً انها «تعتمد على التجسس والناس انشغلوا بها»، لافتاً الى ان «هذه اللعبة محرمة شرعا بسبب الانغماس فيها والأضرار المترتبة عليها».

واضاف «هذه اللعبة تعد فتنة لانها تقود لاعبها الى اماكن محظورة وهي تسحبه الى اماكن غريبة، وقال الله تعالى في كتابه الكريم (ولا تجسسوا) وهذا التجسس يفسد الناس، وكثير من الشباب فتن باللعبة التي تجر إلى الاطلاع على عورات الناس، وهي مفسدة للاخلاق، والله نهانا عن التجسس والغيبة والتطلع إلى عورات الناس».

واشار الى ان «هناك من الشباب من ترك الصلاة والاستقامة بسبب هذه اللعبة، كما ننصح الوالدين بمراقبة هواتف ابنائهم وبناتهم، فهم مسؤولون امام الله عن ابنائهم، فهناك من يتربص بشباب الأمة من خلال الألعاب الالكترونية التي تفاجئنا بما تحويه من مخاطر على النشء».

ووصف وزير العدل وزير الأوقاف السابق الدكتور نايف العجمي فتوى وكيل الأزهر بتحريم لعبة «البوكيمون» بأنها «قول شاذ»، مستغرباً تشبيه التركيز خلال اللعبة بحالة السكر، غير أنه لفت في الوقت ذاته إلى «منع أهل العلم للعبة لما تشتمل عليه من محاذير وليس لأنها سكر».

ففي مداخلة هاتفية مع تلفزيون «الراي»، رد العجمي على فتوى وكيل الأزهر بتحريم لعبة «البوكيمون» قائلاً: «اعتبار لعبة (البوكيمون) في حكم شرب الخمر لأنها تذهب بالعقل وتخطف الذهن قول شاذ لا يقوم على ساق صحيحة ولا على ساق عرجاء، ولم يراع قواعد الاستدلال ومناطات الأحكام».

وأضاف العجمي إن «ذهول الإنسان وإغراقه في التركيز لا يعد سُكراً عند أحد من أهل البصر والبصيرة»، مستدركاً أن من منع هذه اللعبة من أهل العلم بنى اجتهاده على ما اشتملت عليه من المحاذير، «وليس لكونها سكراً».

واشار العجمي الى ان «مثل هذه الآراء الشاذة يجب على المختصين بيان شذوذها وانحرافها، كما يجب على من تحدث في أمور الدين أن يتكلم بعلم أو يصمت فالفتوى بغير علم كبيرة من كبائر الذنوب».

والى ذلك، ذكر خبراء ان لعبة (البوكيمون) تجعل الشخص يصور كل الأماكن دون أن يشعر، تبدأ من منزله حتى تخرج به لأماكن أثرية وحيوية، ومن شدة انجذابه لها لا إرادياً يتحول الى جاسوس من حيث لا يعلم، كما يتخيل أنه يلعب وفي الحقيقة فهو يتجسس ويصور كل ما حوله من أناس وأماكن وغيره، وهذا التصوير متصل مباشرة بـ (سيرفر) اللعبة وكله يتم تسجيله فيصبح من يلعبها جاسوساً مجانياً لا يحتاج الى تدريب ولا غيره فهو يقدم لهم ما يلتقطه على طبق من فضة.

وحذر النائب سلطان اللغيصم من استخدام لعبة «البوكيمون» داخل المؤسسات الحيوية في البلاد، خصوصاً أنها تسمح بالتقاط صور للعديد من الأماكن المهمة والأمنية، موضحاً أن اللعبة أشبه بطرق التجسس غير المباشر.

وقال اللغيصم لـ «الراي» إن وزارة الداخلية حذرت مبكراً من خطر هذه اللعبة وحملت المسؤولية لأي شخص يقوم بتصوير الأماكن الحيوية، وبدورنا سنقدم اقتراحاً يعاقب كل من يثبت تورطه بتصوير الأجهزة الأمنية بحجة لعبة «البوكيمون»، مؤكداً أن هذه اللعبة لها جوانب سلبية في تسريب المعلومات دون علم مستخدمها.

وأكد أن «هذه الألعاب أصبحت خطراً، وعلينا أن نعي خطورتها وأنه لا تهاون مع من يسيء استخدامها مهما كانت نواياه»، مشدداً على ضرورة أخذ الأمر بجدية «لأن اللعبة استدراج للتجسس وعلينا أن نكون متيقظين لخطورتها».

وفضل النائب عسكر العنزي التعامل بحذر مع «البوكيمون» لأنها «لعبة لا تخلو من الغرابة والتحايل ويلجأ محركوها إلى طرق متنوعة للتحايل ولجذب مستخدميها»، مؤكداً وجود الهاجس الأمني من هذه اللعبة، الأمر الذي حذرت منه وزارة الداخلية في بيانها الأخير.

وقال العنزي لـ «الراي»: «إن الحذر مطلوب لا سيما أن هناك متخصصين يَرَوْن أن (البوكيمون) وسيلة للتجسس»، مطالباً بتقرير علمي يقوم عليه مهتمون يُبين بوضوح خطر هذه اللعبة تفادياً لأي تطورات سلبية سواء كانت اجتماعية أو أمنية، ومنعاً لتوظيف اللعبة واستغلالها في أغراض غير أخلاقية.

واعتبر أن اللعبة تركز في الغالب على الشباب صغار السن، وأن مخاطر التعاطي معها يكمن في ما يطلب من تصوير مواقع وأماكن تعود إلى جهات أمنية، داعياً إلى التعامل مع اللعبة بكل يقظة وحذر «لأنها تجاوزت الترفيه وانتقلت إلى الهاجس الأمني».

ورأى النائب الدكتور عبدالرحمن الجيران أنه «لا يوجد فعل من قبل شركة (البوكيمون) يستحق التجريم وأن التحريم لا مسببات له»، داعياً إلى التعامل بحذر إن كانت هناك تداعيات أخرى للعبة.

وقال الجيران لـ «الراي»: «أما بالنسبة للمستخدم فإذا أدى فعله الى جرم معين كدخول منزل دون إذن أو التقاط صور دون إذن، أو وقع منه ضرر على الغير أو وقع عليه ضرر بسبب إهماله، فإن من يقوم بارتكاب الفعل المجرم يعاقب وفق القانون».

الراية الكويتية-