اقتصاد » فرص عمل

نزوح الوافدين من أصحاب المهن يعيد تشكيل قطر

في 2016/07/20

قبل 5 أعوام غادر «سامر حبيب» الإمارات العربية المتحدة وانتقل إلى قطر حيث فتح مطعما حقق ربحا من خلال تقديم سلطات وشطائر لبنانية للوافدين، وفي/ يونيو حزيران الماضي أغلق المطعم.

وقال «حبيب» إن المحامين الأوروبيين والموظفين الهنود الذين ظلوا يترددون سنوات على مطعمه بدأوا يغادرون قطر في الشهور الأخيرة إذ استغنت شركات في القطاعين العام والخاص عن كثيرين منهم؛ بسبب انخفاض أسعار الطاقة.

وأضاف «الزبائن يأتون لي ويقولون: ‘سامر هذه آخر شطيرة أتناولها، يقولون إن هذه السنة صعبة».

وسعت قطر أكبر مصدر في العالم للغاز الطبيعي المسال شأنها شأن دول الخليج الأخرى المعتمدة اعتمادا كبيرا على مبيعات الطاقة إلى حماية وضعها المالي من أثر انخفاض أسعار النفط برفع أسعار خدمات المرافق وخفض الإنفاق.

وكان لذلك أثره على كثير من العمال الوافدين الذين يشكلون الجانب الأكبر من سكانها البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة.

وتشعر الشركات التي تعتمد في قطر على التعاقدات الحكومية بوطأة هذا الأمر وبدأت تعمل على تجميد المرتبات وتفسخ عقودا لمهندسين ومحامين ومستشارين وافدين من دول من بينها بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة والهند.

وينذر هذا الاتجاه بأن يؤدي إلى استقطاب متزايد في البلاد بين القطريين الأثرياء والعمال الآسيويين.

ومن المحتمل أن يكون الاستمرار في النشاط صعبا للشركات والأعمال التي تعتمد على استقدام عمالة أجنبية ماهرة بمرتبات معفاة من الضرائب ومنها المطاعم مثل مطعم حبيب والمدارس الخاصة وتوكيلات السيارات والمراكز التجارية.

وفي عام 2015 استغنت شركة قطر للبترول التابعة للدولة عن أكثر من 1000 من العاملين الأجانب فيها في إطار إعادة هيكلة وفقا لما قاله وزير الطاقة.

أما شبكة الجزيرة الإخبارية فقد أغلقت قناتها الأمريكية في أبريل/ نيسان الماضي واستغنت عن 500 من العاملين أغلبهم في الدوحة.

وقالت وحدة فودافون في قطر في شهر مايو/ أيار إنها ستخفض عدد العاملين فيها بنحو 10%.

مجموعة على فيسبوك

وليس معروفا على وجه الدقة عدد المغادرين من الوافدين الأجانب في قطر البالغ عددهم 1.6 مليون وافد ومازال عدد سكان البلاد يتزايد بسبب تدفق عمالة آسيوية لبناء طرق سريعة واستادات رياضية لنهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022.

غير أن مصادر من بينها رؤساء تنفيذيون لثلاث شركات قالوا لرويترز إن الاستغناءات واسعة الانتشار وإنه تم الاستغناء عن عشرات الآلاف من الموظفين المكتبيين في العامين الأخيرين.

وتأسست في مارس آذار الماضي مجموعة على فيسبوك للوافدين المغادرين ممن يعملون في بيع السيارات والأثاث المستعمل وأصبحت المجموعة تضم أكثر من 50 ألف عضو ويتم تحديثها على مدار الساعة.

ورغم ثراء قطر الشديد حيث إن نصيب الفرد من الدخل فيها من بين أعلى المعدلات في العالم فهي تواجه عجزا في ميزانية الدولة قدره 12.8 مليار دولار هذا العام وهي أول مرة منذ أكثر من عشر سنوات تواجه فيها البلاد عجزا.

وفي ديسمبر/ كانون أول خفضت الحكومة توقعاتها للنمو الاقتصادي إلى النصف وقالت الشهر الماضي إنها تتوقع تسجيل عجز لمدة ثلاث سنوات على الأقل بفعل ضغوط انخفاض أسعار النفط والغاز الطبيعي على الإيرادات.

ومن المحتمل أن يكون لهذه الاستغناءات أثرها على الاقتصاد.

فالفنادق والمراكز التجارية والمدارس الخاصة وغيرها من المشروعات - التي تأسست عندما كانت أسعار النفط مرتفعة وكان فوز قطر بحق تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم لعام 2022 عاملا رئيسيا في مشروعات البنية التحتية والنمو السكاني - أصبحت تتنافس على زبائن طبقة متوسطة من المهنيين تتناقص أعداد أفرادها.

وقال «محمد العمادي» أحد أقطاب السوق العقارية الذي أقام مركزا تجاريا فاخرا بلغت استثماراته مليار دولار في الدوحة وسيفتتح في سبتمبر/ أيلول إن مقاهي المركز ومتاجر الأزياء فيه لن تواجه مشاكل في جذب الزبائن.

لكنه سلم بأنه كان من الممكن أن يواجه المشروع متاعب لولا التصميم اللافت للنظر المبني بالرخام على طراز العمارة الإيطالية في القرن التاسع عشر والمتاجر المخصصة لكبار الأثرياء من القطريين الذين لم ينل التقشف من وظائفهم.

وقال «العمادي» إنه يجري بناء ما بين عشرة و12 مركزا تجاريا في الوقت الحالي في قطر وإنها ستفتح أبوابها قريبا. وأضاف أن بعض أصحاب المراكز التجارية اضطروا لخفض الإيجارات لجذب مستأجرين.

وتابع «هذه ليست علامة طيبة. وفي الوضع الاقتصادي الحالي... السوق لا تتحمل أي مراكز تجارية أخرى».

البناء يدفع الطلب

من المقرر افتتاح مركزين تجاريين آخرين في وقت لاحق من العام الحالي هما دوحة فستيفال سيتي وقطر مول وهو مبنى تعادل مساحته 50 ملعبا من ملاعب كرة القدم يضم أكثر من 500 متجر. وقد أرجأ المشروعان موعد الافتتاح.

كذلك فإن لدى أصحاب الفنادق أيضا مخاوف من زيادة العرض على الطلب مع تخفيضات الإنفاق الحكومي التي أثرت على سياحة الأعمال وأدت إلى انخفاض بنسبة 19 في المئة في أسعار الغرف الفندقية مقومة بالدولار في العام الحالي وفقا لما ذكرته شركة إرنست آند يونج.

ويستبعد الساسة القطريون فكرة هروب رأس المال ويرون أنها مجرد ترويج للشائعات.

ويقول الساسة إن مشروعات جديدة من بينها مطار حمد الدولي في الدوحة والجامعات الأمريكية وأحواض السباحة العالمية والاستادات الرياضية ستظل كلها تعمل على جذب السكان والزائرين للبلاد بغض النظر عن أسعار النفط.

وقال مسؤول في الحكومة القطرية «البناء سيدفع الطلب. ونحن نفكر في الأجل الطويل بعد 2022 (نهائيات كأس العالم) ونتطلع لمجالات نمو مثل السياحة الإقليمية من الخليج. وبالطبع مازال هناك مجال للمراكز التجارية والفنادق ... فهذه الأمور تشجع الناس على الزيارة والعمل هنا».

ومع ذلك ترى بعض الأنشطة في نزوح العاملين فرصة سانحة، فبعض تجار السيارات المستعملة في الدوحة يديرون نشاطا مربحا إذ يشترون السيارات الرياضية المستعملة من الوافدين المغادرين على عجل ثم يعيدون شحنها وبيعها في أسواق آسيوية.

وقال رجل أعمال غربي يدير شركة لتجارة السيارات في المدينة منذ أكثر من عشر سنوات «سيارات بنتلي وبورشه جي تي ومرسيدس إس إل 63 ... تقريبا كل يوم تصل إلينا سيارة منها».

رويترز-