ح.سلفية » الوهابية

السلفية والإرهاب

في 2016/08/01

بعض الناس يدَّعي، بحسن نية، وآخرون، بسوء نية، أن الإرهاب يستقي جذوره العقدية من السلفية، فيقولون إن دعوة الإصلاح والتجديد التي أطلقها قبل حوالي ثلاثة قرون الإمام محمد بن عبدالوهاب في قلب الجزيرة العربية وتبناها الإمام محمد بن سعود قد أسست لما يسمونه «الوهابية»، وإن الوهابية السلفية تمثل المعين الفكري لبعض التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة، ويقول البعض إن حركة الإخوان المسلمين الأصولية التي أسسها في مصر قبل حوالي مائة عام حسن البنا هي الحاضنة العقدية التي انبثقت منها جماعات إرهابية مثل التكفير والهجرة والقاعدة وغيرهما.

صحيح إن القاعدة العقدية المشتركة لكل هذه الدعوات والجماعات هي قاعدة الإسلام الحنيف بأصوله الشرعية المتفق عليها، ولكن الخلط بين هذه القاعدة الأساسية النقية وبين ما وصلت إليه الجماعات المسلحة من تكفير وإرهاب يشكل قفزة منطقية واسعة لا تستند إلى مبررات أو تُبنى على تدرُّج معقول.

لقد تمسكت المملكة العربية السعودية بمبادئ الدعوة الإصلاحية للإمام محمد بن عبدالوهاب، التي ارتكزت في الدرجة الأولى على تصحيح العقيدة ومحاربة البدع وتقويم السلوك الإجتماعي، ولم تتطرق إطلاقاً إلى التكفير، ولم تفكر في السلطة السياسية، والمملكة اليوم تسير على نهج إسلامي وسطي معتدل يميل إلى المحافظة ولكنه يرفض العنف رفضاً قاطعاً ويتبرأ من الإرهاب ويصف معتنقيه بالضلال، وعندما سعت المملكة العربية السعودية حكومياً وشعبياً إلى العمل على نشر الدعوة الإسلامية والمدارس الدينية في مختلف أنحاء العالم فإنها لم تبتعد أبداً عن النهج المحافظ الخالي من السياسة والبعيد عن التكفير والمناوئ للإرهاب بكل صوره.

صحيح أن بعض الإرهابيين قد انطلقوا من القاعدة الفكرية المشتركة ولكن هذه القاعدة لا يمكن أن تكون مسئولة عما تطور إليه الفكر الإرهابي من الأخذ بالنشاز من الآراء ومن توجيه غضبهم وإحباطهم الاجتماعي والسياسي نحو العنف، وربما أن القاعدة السلفية الفكرية كان ينبغي لها أن تكون أكثر حذراً وتربصاً لما يمكن أن يحوِّره البعض من أفكارها فتتصدى لها في وقت مبكر وتشذب أغصان شجرتها الفكرية حتى لا تنثر الأشواك في مكان أو آخر، ولكن الفارق كبير بين الإخفاق في ذلك وبين تحمل مسئولية الانفلات العقدي غير المنضبط للجماعات الإرهابية.

الفكر الإرهابي هو أشبه بالسرطان الذي لا تحاسب عليه خلايا الجسم السوية حتى لو انطلق منها، وعلينا أن ندعم جسم الأمة ونزوده بالقدرة على التصدي للخلايا السرطانية والقضاء عليها.

عبدالله بن يحيى المعلمي- المدينة السعودية-