ملفات » قانون جاستا والسعودية

شظايا 11 سبتمبر

في 2016/09/10

لو لم تغنِّ له فيروز، لما كان ورقه ذهباً. ولو لم تحدث في الحادي عشر منه »غزوة نيويورك«، لما حل بالعرب هذا الخريف الطويل الطويل، ولما جفّ الزرع وعطشت الأرض واحترق الأخضر واليابس واللحم والعظم، ولم يزل يحترق. إنه شهر الوداع، موسم الرحيل، بداية البرد، أول المطر، رائحة التراب، نكهة الخصب.

وكما لكل شهر من شهور السنة اسم وحكاية، فإن لشهر سبتمبر حكايته.. أما مصدر الاسم، فيعود إلى اللغة اللاتينية، ومعناه »الشهر السابع« (من سَپْتَمْ septem: سبعة)، إذ كان الرومان القدماء يعدّون شهور السنة ابتداءً من شهر مارس، قبل إضافة شهري يناير وفبراير للتقويم الغريغوري/ الميلادى. وهو التقويم المستعمل في العالم الغربي، وفي أغلب الدول العربية.

يسمى هذا التقويم بالتقويم الميلادي، نسبة لما يعتقد أنه مولد المسيح. وتمثل السنة الميلادية دورة الأرض حول الشمس دورة كاملة، أي ما يعادل 365 يوماً تقريباً من أيامنا. العالم الإيطالي اليسيوس ليليوس، هو من قام بإنشاء هذا التقويم في عام 1581، كبديل عن التقويم اليوليوسي (نسبة ليوليوس قيصر)، ويسمى التقويم الغريغوري نسبة للبابا غريغوريوس الثالث عشر.

ويختلف عن التقويم اليوليوسي بثلاثة أيام في كل 400 سنة، فالسنة الأخيرة في القرن (مثلاً 1900، 1800) ليست سنة كبيسة، إلا كل 400 سنة (مثلاً 2000، 2400).

سبتمبر هو الشهر التاسع من شهور السنة الميلادية، حسب الأسماء السريانية المستعملة في المشرق العربي. يقابله في التسمية الغربية شهر سبتمبر أو شتنبر.

ارتبط سبتمبر بالتراث والحكايا الشعبية والأمثال في المشرق العربي. من الأمثال الشعبية المتداولة حول سبتمبر »أيلول ذيله مبلول« و»في أيلول مدوا الحلول«.

لكن في سبتمبر 2001، الذي تمر بعد يومين على ذكراه خمس عشرة سنة، لم تُمد الحلول، بل مُدت خيوط شبكة خبيثة لاصطياد العرب والمسلمين، حيث استيقظ العالم ليشاهد على شاشات التلفزيون، حدثاً ظنوه فيلماً من أفلام الخيال العلمي.

قال الصحافي الكبير روبرت فيسك، الكاتب المختص بشؤون الشرق الأوسط في »الإندبندنت« البريطانية، في إحدى مداخلاته على أحداث ذلك اليوم، أن لديه كثيراً من الأسئلة حول الهجمات الإرهابية يوم الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، وليس من اختصاصه أن يبحث عن إجابات.

إن الطرف المعني بإيجاد إجابات مقنعة، هي الحكومة الأميركية وأجهزتها الأمنية.

ولا شك أن كثيراً من المهتمين بالتحقق من الرواية الرسمية التي قدمتها الحكومة الفيدرالية، ما زالوا إلى اليوم يثيرون كثيراً من الشكوك حول إمكانات تنظيم القاعدة تنفيذ مثل هكذا عملية معقدة، وحول إمكانية طيارين صغار عديمي الخبرة، لم يمارسوا الطيران التجاري، قيادة طائرات ضخمة وإصابة الأهداف بدقة متناهية.

كما أن الكثيرين يثيرون الشكوك حول الطريقة التي انهار بها البرجان التوأمان، وحول الغموض الذي يكتنف بقايا الطائرة التي ضربت مبنى وزارة الدفاع في واشنطن.

نظريات المؤامرة والتشكيك في الرواية الرسمية، لقيت رواجاً شديداً في الولايات المتحدة، وتبناها كثير من الكتاب والصحافيين وأساتذة الجامعات وغيرهم. ظهرت الكثير من التساؤلات حول الحادثة، وقام العديد من المتطوعين بتحليل الوقائع، مثل »حركة حقيقة 11/9«، التي نشأت عنها نظريات سميت بنظريات المؤامرة. لم تظهر هذه النظريات مباشرة بعد الأحداث.

ولكن البعض منها بدأ بأخذ الحجج التي كان يصر عليها بعض المتضررين بعين الاعتبار، ثم انضم إليها متطوعون مناصرون، قادرون على تحليل الأحداث بدقة. بدأت أول هذه النظريات في أوروبا، مثل كتاب 9/11: الخديعة الكبرى، للصحافي الفرنسي تييري ميسان، وكتاب السي آي إيه و11 سبتمبر، للكاتب الألماني أندريه فون بولو.

انتشرت هذه النظريات في ما بعد في الصحف الأميركية، وكان بعضها مأخوذاً بشكل هزلي، ما جعل الحكومة الأميركية تقوم بمنعها، بحجة أنها »معادية للأميركية«.لقد فرّخت القاعدة التي أسسها أسامة بن لادن، ومساعده أيمن الظواهري بداية تسعينيات القرن الماضي، تنظيمات إرهابية، تسترت باسم الإسلام في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، منها:

جماعة أبو مصعب الزرقاوي، القاعدة في جزيرة العرب، جيش عدن-أبين، الجماعة الليبية المقاتلة، حركة المجاهدين الشباب-الصومال، جماعة أبو سياف-الفلبين، حالياً، وبمزيد من التطرف والوحشية: داعش والنصرة وأحرار الشام وغيرها.

مرت خمس عشرة سنة على تفجيرات 11 سبتمبر، وما زال السر مدفوناً في الأقبية المعتمة لمن يتحكم في هذا العالم. وفي نفس الوقت، لا تزال شظايا التفجيرات تتطاير على وطننا العربي، مرة على شكل ربيع حارق، ومرة على شكل حروب الإخوة الأعداء، ومرة على شكل سكين تقطع أوصال هذه الأمة!!

رشاد أبو داود- البيان الاماراتية-