ملفات » قانون جاستا والسعودية

هل يحق لعائلات الضحايا العرب مقاضاة أمريكا؟

في 2016/09/26

خمسة عشر عاماً مرت على أحداث سبتمبر المؤسفة، تلك الجريمة التي لم يذهب ضحيتها ثلاثة آلاف بريء كانوا في البرجين والطائرات فقط، بل تسببت في كارثة إنسانية للعراق وأفغانستان ذهب ضحيتها الملايين مابين قتلى وجرحى ومشردين.

هذا الحدث الكارثي وتبعاته لم يمر مرور الكرام، فقد اشتعلت بعده مباشرة حروب طاحنة. وكان أمرا مفهوما أن تقوم أمريكا المكلومة في ذلك الوقت بضرب أفغانستان التي تسيطر عليها طالبان والقاعدة. مالم يكن مفهوما أن يتم إدخال العراق في قائمة المعاقبين دون سبب واضح، وهذا ما دعا البعض (من الأمريكيين أنفسهم) للتشكيك في كون الحادث جزءا من مؤامرة وأنه تم بعلم أمريكا لتبرير احتلالها للعراق فيما بعد.

الأغرب من احتلال العراق وانتهاك سيادته في ذلك الوقت أن تستيقظ فجأة الآن، وبعد خمسة عشر عاما من الحادث، محاولات مستميتة لتمرير قانون يجيز للضحايا مقاضاة المملكة على ما حدث رغم عدم وجود دليل واحد يدين الحكومة السعودية في التورط بأي طريقة في أحداث سبتمبر المريرة.

التوقيت غريب جدا ويأتي في ظروف أغرب تمر فيها العلاقات المتينة الطويلة بين البلدين بمنخفض حاد. المبرر الوحيد الذي يعتمد عليه مشرعو هذا القانون هو وجود 15 سعودياً بين خاطفي الطائرات وهي حجة واهية تشير إلى أن اليد المبتزة التي حركت تشريع القانون تتوسل العاطفة دون الحقائق والأدلة الملموسة.

أوباما استخدم الفيتو في التصويت ضد القانون. ولم يك ذلك اصطفافا مع السعودية أو تضامنا معها وإنما "خشية أن يجعل هذا القانون الولايات المتحدة عرضة لأنظمة قضائية أخرى حول العالم". إلا أن فيتو اوباما لن يصمد مالم يقتنع ثلث أعضاء الكونغرس بمبررات الرئيس.

عائلات الضحايا لها الحق بالتأكيد في متابعة ملف القضية وملاحقة الجناة لكن ليس للمتاجرين بقضيتهم والمتنفعين من إثارة الموضوع في هذا التوقيت أي حق في الزج بالسعودية واتهام حكومتها بمالم تفعله بل إن كل الحقائق تشير إلى أن المملكة ضاعفت جهودها بشكل كبير جدا في محاربة الإرهاب بعد الحادي عشر من سبتمبر وعملت بشكل استثنائي على الحد من التطرف والتشدد وبدا ذلك واضحا في خطوات كثيرة اتخذتها داخليا وخارجيا.

الكونغرس الأمريكي الذي يصر على تمرير هذا المشروع يجب أن يفكر مرتين قبل أن يلاحق بلدا ثبتت براءته من تهمة دعم الإرهاب. خصوصا وأن يد أمريكا "الأنيقة" متورطة -بكل الأدلة والبراهين- في كوارث إنسانية مخجلة. ولملايين العراقيين، مثلا، كل الحق في ملاحقة أمريكا قضائيا بسبب احتلالها للعراق وتسببها في مقتل ما يزيد عن 500 ألف عراقي وتشريد مليوني إنسان هربوا خارج حدود وطنهم بعد أن دمره الاحتلال الذي عجز عن إثبات مبرر الحرب، وهو امتلاك النظام العراقي أسلحة دمار شامل.

الإنسان هو الإنسان في كل مكان وقيمته وكرامته وحزن محبيه على فقده لا يتغير من جنسية إلى أخرى!

عماد العباد-الرياض السعودية-