علاقات » عربي

نصوص «حظر التنازل عن الأرض».. تهدد اتفاقية «تيران وصنافير»

في 2016/10/20

مداولات المادتين 1 و151 من الدستور المصري، هو الطلب الذي طلبته المحكمة الإدارية العليا في مصر، من محامي الحكومة، لتقديمهم في الجلسة المقبلة، قبل البت في الطعن المقدم من الحكومة على الحكم الصادر ببطلان التنازل عن جزيرتي «تيران وصنافير».

طلب المحكمة، تقديم مداولات المادتين بلجنتى الخبراء العشرة والخمسين اللتين أعدتا الدستور الحالي، يأتي لارتباط المادتين الوثيق بالقضية.

وتنص المادة الأولى على أن «جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، أو النزول عن شىء منها».

بينما تنص المادة 151 في فقرتيها الثانية والثالثة على: «يجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلاّ بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة».

هاتان المادتان، هما ما استندت عليهما محكمة القضاء الإدارى في حكمها الشهير ببطلان التنازل عن «تيران وصنافير» الصادر في 21 يونيو الماضي، إلى المادتين بشكل أساسي.

وذكرت المحكمة في حيثياتها أنه «التزاما بتلك الفقرة يُحظر التنازل عن الجزيرتين، لأنهما أرض مصرية من ضمن الإقليم البرى لمصر، وتقعان ضمن حدود الدولة المصرية، وقد مارست مصر السيادة على الجزيرتين بصفة دائمة ومستمرة... فهذا التنازل محظور على الرغم من محاولة ستره خلف اتفاق ترسيم الحدود».

صحيفة «الشروق» المصرية، نشرت محاضر مضبطة إعداد الدستور، المقرر عرضه على المحكمة السبت المقبل.

وتلجأ المحاكم في الغالب، إلى مضابط إعداد الدساتير لبحث أسباب سن النصوص الدستورية، والوقوف على المقاصد التشريعية لواضعيها، وتحديد معاني ما يغمض من ألفاظ وعبارات، مما يسهل لها الفصل في القضايا المنظورة أمامها.

وتمثل مضابط إعداد الدستور الحالي، عاملا مهما في تحضير عدد من القضايا المهمة فى الآونة الأخيرة.

وكان محامي الحكومة المستشار «رفيق عمر شريف»، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، ذكر في الجلسة الماضية معلومات تضاعف أهمية هذه المضابط، كونه كان عضوا بالأمانة الفنية للجنة الخبراء العشرة لتعديل الدستور، وقال إن «هذه النصوص الخاصة بحظر التنازل عن أجزاء من أرض الدولة قد صيغت لتلافى تكرار ما أقدمت عليه حكومة الإخوان في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي من التنازل عن جزء من سيناء للفلسطينيين أو التنازل عن حلايب وشلاتين للسودان»، على حد تعبيره.

ويتبين من المداولات أن لجنة الخبراء العشرة كانت أكثر اهتماما بالتفاصيل والآثار القانونية للنصوص الجديدة من لجنة الخمسين، ويتبين أيضا أن ممثلي المحكمة الدستورية العليا (أعلى سلطة قضائية بمصر) في اللجنة، هما من قدما المقترحين بإضافة نصي حظر التنازل في المادتين 1 و151.

بينما أعضاء لجنة الخمسين استغرقوا أكثر في خلافات الصياغة، دون طرح تصور عن الجهة التي يخاطبها هذا النص، ودون مناقشة الآثار التي ستترتب عليه، ودون التطرق إلى أمثلة واضحة للتنازل عن جزء من الإقليم أو تجزئته.

وتكشف الأحاديث الموثقة في المضابط، القلق الكبير الذى كان يساور الأعضاء، مما تم تداوله عن احتمال التنازل عن جزء من أرض مصر حسب رغبة رئيس الجمهورية، أيا كان انتماؤه السياسي.

المادة (1)

بدأت لجنة الخبراء العشرة التي شكلها الرئيس السابق «عدلي منصور»، في وضع تصور مبدئي لتعديلات الدستور مناقشة هذه المادة بجلستها الثانية المنعقدة في 23 يوليو/ تموز 2013.

وطالب المستشار «محمد خيرى طه النجار» نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، بإضافة النص الذي سيكون له بالغ الأثر مستقبلا على قضية «تيران وصنافير»، وقال إن جملة «مصر موحدة لا تقبل التجزئة» مأخوذة من دستور 1923 ومشروع دستور 1954، وأوافق عليها، وأضيف إليها من دستور 1923 عبارة «لا تقبل التجزئة أو النزول عن شىء منها».

وتابع: «بمقتضى هذه الإضافة نستبعد من نطاق المادة الخاصة بإبرام رئيس الجمهورية للمعاهدات، ونلغى من صلاحيات الرئيس النزول عن أى جزء من الدولة».

وفي لجنة الخمسين، كان هناك خلافا أكثر حدة، عندما ناقشت اللجنة هذه المادة في جلستها برئاسة «عمرو موسى» باجتماع 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، حيث عرضها المستشار «محمد عبدالسلام» مقرر لجنة الدولة والمقومات الأساسية، بالنص التالى متضمنا مقترح لجنة الخبراء العشرة بحظر النزول عن أى جزء من أراضى الدولة: «جمهورية مصر العربية دولة دستورية حديثة ذات سيادة، وهى موحدة لا تقبل التجزئة، ولا التنازل عن شىء منها، ونظامها ديمقراطى، يقوم على أساس المواطنة. ومصر جزء من الأمة العربية تعمل على تكاملها ووحدتها، وهى جزء من العالم الإسلامى، وتنتمى إلى القارتين الأفريقية والآسيوية، وتسهم فى بناء الحضارة الإنسانية».

دارت نقاشات طويلة حول هذه النقطة، واختلف الأعضاء كثيرا حولها خاصة، وسط اقتراحات «ولا التنازل عن شىء منها»، و«عدم التجزئة»، و«لا تقبل التجزئة»، و«لا تقبل التجزئة ولا التنازل»، وحذف عبارة «عن شىء منها»، لتنتهي في النهاية للصيغة النهائية التي نصت على: «جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، أو النزول عن شىء منها».

المادة (151)

في الجلسة الثامنة للجنة العشرة، المنعقدة في 3 أغسطس/ آب 2013، بدأ الأعضاء دراسة المادة 145 من دستور 2012، التى تحولت إلى المادة 151 من الدستور الحالي.

كانت المادة تنص على أن «يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس الشعب، وتكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها وفقا للأوضاع المقررة. وتجب موافق المجلس بأغلبية ثلثى أعضائه على معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة. ولا يجوز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور».

واقترح الأعضاء العودة لنص دستور 1971 باعتباره يفرض قيودا أشد على سلطة الرئيس، في الوقت الذي طالب آخرون بضرورة استفتاء الشعب على الاتفاقيات والمعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة، كما طالبوا بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس الشعب.

أما المستشار «محمد الشناوى»، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، آنذاك وأحد الممثلين الاثنين للمحكمة باللجنة، مطالبا بإضافة نص مشابه لما أضيف للمادة الأولى، يحظر إبرام أى معاهدة يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة.

فعقب المستشار «على عوض» متسائلا عن الصيغة المقترحة: «ولا يجوز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور أو الانتقاص من إقليم الدولة».

وفي اجتماعها المنعقد في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، ناقشت لجنة الخمسين المادة 151 التي كانت تحمل رقم 126 في المسودة التى أعدتها لجنة نظام الحكم، وكانت صياغتها تتضمن مقترحي لجنة الخبراء بحظر توقيع معاهدات يترتب عليها النزول عن جزء من إقليم الدولة، وبإجراء استفتاء على ما يتعلق بحقوق السيادة.

وكانت الصيغة المبدئية: «يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقا لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلاّ بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدات تخالف الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة».

وهذه الصيغة تطابق إلى حد بعيد الصيغة الحالية للمادة، باستثناء بعض التعديلات اللغوية وتعديل علامات الترقيم.

ولم يتطرق أى عضو فى اللجنة إلى هذه الإضافة، بل إن المقترح الوحيد الذى قدمته المحامية «منى ذو الفقار»، كان بإضافة كلمة «اتفاقيات» إلى الفقرة الأخيرة من المادة، بحيث لا يجوز إبرام أية معاهدات أو اتفاقيات تخالف الدستور.

وكالات-