اقتصاد » احصاءات

انخفض سعر النفط وارتفعت أسعار مشتقاته.. مواطنو الخليج يدفعون الثمن

في 2016/10/29

سارعت دول الخليج إلى طرح بدائل لدعم ميزانياتها بعدما واجهت عجزاً للمرة الأولى لبعض هذه الدول، على خلفية انخفاض أسعار النفط أكثر من 60% منذ منتصف 2014، من 115 دولاراً للبرميل إلى أقل من 30 دولاراً، قبل أن تسترد الأسواق جزءاً من خسائرها وترتفع الأسعار إلى أكثر من 50 دولاراً للبرميل في الفترة الأخيرة.

وفي ظل الخطط التقشفية لدول الخليج، ارتفعت أسعار الوقود أكثر من 50%، مقارنة بنهاية العام الماضي، بعد إلغاء الدعم وتحرير الأسعار، حسب تقارير رسمية.

وفي المقابل، وفّر الدعم لخزينة السعودية على سبيل المثال نحو 4.4 مليارات دولار سنويا، ويأتي أغلب التوفير من البنزين الذي يسهم في 65% من إجمالي الموفورات، بحسب صحيفة «العربي الجديد».

وعلى الرغم من تهاوي أسعار النفط عالميا، بل وتراجع أسعار المشتقات البترولية أيضا، إلا أنها خليجيا ارتفعت، بعدما رفعت دول خلجية الدعم على عدد من السلع والخدمات الأساسية، ولا سيما الوقود مثل البنزين والسولار والغاز والمازوت وغيرها، للحد من الأزمات المالية الخانقة التي تمر بها الموازنات العامة.

ومع الزيادات المستمرة في أسعار المحروقات اكتوى المواطن الخليجي بنار الخطط التقشفية التي اتبعتها معظم حكومات المنطقة، ضمن مساعيها للسيطرة على عجز موازناتها في ظل تراجع إيرادات العديد من قطاعاتها الإنتاجية والنفطية.

النفط الخليجي

ولم يفلت مواطنو دول الخليج الغنية بالنفط من مقصلة ارتفاعات أسعار معظم المحروقات وفي مقدمتها البنزين، التي طاولت مختلف المجالات المعيشية، بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط في الأسواق العالمية والاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تشهدها دول عدة في المنطقة.

وشكّك محللون اقتصاديون خليجيون في فرضية تحمّل الدولة أعباء ثقيلة بسبب الدعم، وشدّدوا على أن أسعار الوقود في دول الخليج تحقق ربحا للدولة حتى مع وجود الدعم، لكونها تحصل على النفط بشكل شبه مجاني من حقولها، وتكرره في مصافيها.

وكانت النتيجة، أنه لم يستفد سكان دول مجلس التعاون الخليجي من الانخفاض الحاد في أسعار النفط.

الخبير المالي السعودي «حمود العمري»، قال إن المشكلة لم تكن في أسعار البنزين المقدم للمواطن، لأنه في كل الحالات كان يباع بسعر أعلى من التكلفة وكان يحقق هامش ربح، حتى ولو كان أقل سعرا من الدول المجاورة، لأن النفط في نهاية المطاف يأتي مجانا من باطن الأرض.

وأضاف «العمري»: «إن الهدر لم يكن من الوقود المخصص للمواطن، فمع أن استهلاك السعودية اليومي للوقود يبلغ نحو 4 ملايين برميل يوميا، إلا أن 33% من هذه الكمية تذهب لشركات البتروكيماويات للتكرير، ويصدر أكثر من 90% منه للخارج».

وشدد «العمري» على أن المواطن ظلم حتى في أسعار الكهرباء، بعد أن حملوه مسؤولية الهدر فيها، مضيفاً: «الارتفاع الكبير في استهلاك الطاقة يأتي من القطاع الصناعي، وهذا مثبت فعليا في تقارير الشركة السنوية، وهو يبلغ ثلاثة أضعاف الاستهلاك المحلي، ولكن من دفع الفاتورة في نهاية المطاف هو المواطن».

من جهته قال الاقتصادي السعودي «خالد الجوهر»، إن التقارير التي تم نشرها لتأكيد هدر المواطنين في الطاقة كان مبالغاً فيها.

سوق عقارات السعودية

الأمر لم يقف عند هذا، بل وصل إلى العقارات أيضا، حيث ذكر «جميل غزنوي» رئيس مكتب السعودية لشركة الاستشارات العقارية العالمية «جونز لانج لاسال»، أن قرارات التقشف الحكومية قد تفرض ضغوطا على قدرة المواطنين على شراء المساكن وتؤدي لحركة تصحيح للأسعار التي تتجاوز بالفعل قدرة أصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة.

وعلى مدى السنوات الماضية أنفقت المملكة عشرات المليارات من الدولارات لحل مشكلة الإسكان، لكن البيروقراطية وصعوبة الحصول على الأراضي اللازمة للمشروعات حالت دون توفير القدر الكافي من الوحدات السكنية في السوق، لاسيما لأصحاب الدخل المتوسط والمحدود حيث يتركز معظم الطلب.

ومع تأثر إيرادات المملكة بهبوط أسعار النفط لجأت الحكومة إلى خفض الإنفاق وهو ما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين.

كما أعلنت الحكومة الشهر الماضي، خفض مكافآت ومزايا العاملين بالقطاع الحكومي الذي يعمل فيه نحو ثلثي المواطنين العاملين.

سوق السيارات بالكويت

وبالعودة إلى ارتفاع أسعار الوقود والمحروقات، ولكن هذه المرة في الكويت، والتي ارتفعت بنسب تتراوح بين 40% و80%، قال تجار وسماسرة في معارض السيارات المستعملة إن حركة البيع شبه متوقفة، في انتظار ما ستؤول إليه نتائج المحكمة الإدارية حول مدى قانونية رفع أسعار الوقود.

وفي مطلع أغسطس/آب الماضي، تم الإعلان عن رفع أسعار البنزين لأول مرة منذ تسعينيات القرن الماضي، لتصبح مرتبطة بالأسعار العالمية، لتشهد الكويت ضغوطاً معيشية غير مسبوقة.

وبات قطاع السيارات المستعملة، يعاني من ركود كبير بسبب قرار الحكومة رفع الدعم عن أسعار الوقود والمحروقات.

وتعتبر سوق السيارات المستعملة في الكويت من أكبر الأسواق في الخليج، حيث تقدر عوائدها بعشرات ملايين الدولارات سنوياً. كما أن جزءاً كبيراً من السيارات يجري تصديره إلى العراق.

وقال «سعد الفضلي» وهو صاحب معرض سيارات: «البيع توقف بشكل شبه تام بعد قرار رفع أسعار الوقود، والجميع في انتظار هل سيبقى هذا القرار صامداً أم أن الحكومة ستتراجع عنه»، مضيفا: «الشلل الأكبر أصاب السيارات الأميركية، فأسعارها هبطت بنسب تتراوح بين 20% و30%».

وشرح أن «قرار زيادة أسعار الوقود سيقطع رزق المئات من أصحاب المكاتب الذين يعيلون عائلاتهم منها».

إعادة هيكلة رواتب

وكان وكيل وزارة المالية الكويتية «خليفة حمادة»، قال قبل أيام إن الحكومة تعكف حالياً على دراسة إعادة هيكلة رواتب موظفي القطاع الحكومي، على أن يتم الانتهاء منها بحلول عام 2019.

وأوضح أن الدراسة تستهدف معادلة المزايا بين الموظفين في القطاع الحكومي لتكون متناسقة مع بعضها بعضاً، ولا تعتمد بشكل رئيس على تخفيض الرواتب، وإنما ستعالج مشكلة الفروقات، والعمل على تحقيق العدالة والقضاء على التفاوت الكبير بين الرواتب بنفس التخصص أو المؤهل.

«حمادة»، قال أيضا إن الوزارة ستراجع الإجراءات الحكومية الخاصة بصرف الدعم، بهدف التحقق من وصوله إلى مستحقيه، والسيطرة على الهدر.

وأضاف أنه سيتم إنشاء وحدة الدين العام، لتقوم بإجراءات اقتراض الدولة، لافتا إلى أنه يجري حالياً التنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار لطرح سندات بقيمة 3 مليارات دينار في الأسواق العالمية، قبل نهاية السنة المالية الحالية (تنقضي في أبريل/ نيسان)، بغرض سد عجز الموازنة.

كما كانت أولى البدائل المطروحة أمام الحكومة بها لدعم الميزانية، هو الحد من دعم السلع، الذي يشكل ربع الموازنة المهددة أصلا بتفاقم عجزها ليصل إلى 60% من إجمالي الناتج المحلي خلال السنوات المقبلة.

وحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء الكويتية (حكومية) فقد ارتفع معدل التضخم في أسعار المستهلك في الكويت، خلال شهر أغسطس/ آب، ليصل إلى 3.8% على أساس سنوي من 3.6% على أساس سنوي في يوليو/ تموز.

الإمارات وقطر

وفي الإمارات لجأت الحكومة إلى تسعير الوقود بشكل شهري، بناء على الأسعار العالمية، إلا أن الأسعار زادت بشكل كبير رغم انخفاض أسعار النفط العالمية.

وهو نفس ما حدث في قطر بعد أن قررت وزارة الطاقة والصناعة، في أبريل/نيسان الماضي، إعادة هيكلة أسعار الوقود في السوق المحلية، وتحرير الأسعار وربطها بالسوق العالمية للمشتقات النفطية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، حسب التقارير الرسمية.

الخليج الجديد-