علاقات » اميركي

وماذا بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض؟

في 2016/11/10

ما حدث في الانتخابات الأمريكية، وكان خارج كل حسابات حملات استطلاع الرأي، وقراءات كبريات الصحف الأمريكية التي قدّرتْ نسبة فوز كلينتون على دونالد ترامب بـ 9 من 10، إلى جانب سيطرة الجمهوريين بذات الوقت على مجلسي النواب والشيوخ، ما حدث هو مفتاح لجملة من الأسئلة العميقة التي ستحتاج إلى الكثير من الوقت للإلمام بها والإجابة عنها بموضوعية، لكن ما بات في حكم المؤكد أن إدارة الرئيس أوباما وتعاطيها مع معظم الملفات الداخلية منها والخارجية، هو ما مهّد الطريق لوصول ترامب إلى البيت الأبيض، خاصة في تعاملها مع منطقة الشرق الأوسط، وانخراطها في الاتفاق النووي مع إيران، والتغاضي عن أياديها في اللعبة المذهبية، وتغذية التطرف، الأمر الذي حوّل المنطقة إلى مسرح لتصدير الإرهاب إلى جانب مشروعها في تصدير الثورة، خاصة في ظل عدم جدية إدارة أوباما في إيقاف تلك التجاوزات الإيرانية.

هذا الواقع ربما ساهم بشكل أو بآخر في إيقاظ الحس العنصري عند الناخب الأمريكي، ويمكن قراءة هذه السمة من خلال ذهاب أصوات البيض تحديدا إلى صندوق دونالد ترامب، وكأنما هي تريد أن تعوّض نقصا ما جلبته لها إدارة أوباما، ولكن ورغم الحالة الاحتفالية التي بدت عليها تيارات اليمين في الولايات المتحدة وأوروبا، إلا أنه من المبكر الحكم على هذه الإدارة من خلال شعاراتها الانتخابية، والتصاريح التي أدلى بها المرشح في سياق حملته للوصول إلى البيت الأبيض، لأنه جرت العادة أن يستخدم المرشح من الأدوات في حملته ما يحاكي ديماغوجية الجماهير، لكن التعامل مع الواقع يفترض شروطا موضوعية لا تتيح لأي رئيس منتخب أن يكون مطلق اليد، وبالتالي فإن القراءة الأولية لشعارات حملة ترامب المليئة بالزنوفوبيا أو ما يُسمى بكره الأجانب مثلا، لا يمكن أن تتسق مع الثقافة الأمريكية والمجتمع الأمريكي المنحدر أصلا من عرقيات مختلفة، كذلك الحال فيما يتصل باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وهو شعار ربما تمّ ترديده مرارا في حملات سابقة، لكن شروط الواقع والتي تطغى عليها لغة المصالح أكثر من حسابات المبادئ ما تلبث أن تُخضع تلك الشعارات لمنطق الدبلوماسية.

وكما أنه ليس في السياسة شيء ثابت، إلا أننا بالتأكيد أمام منعطف جديد في السياسة الأمريكية يجعلنا كأمة مطالبين أكثر وأكثر بتوحيد الرؤية والموقف لحماية مصالح شعوب هذه المنطقة، والتعامل بالتالي مع هذه المتغيرات الدولية بما تستحقه من الوعي والبصيرة، خاصة وأن ملامح هذا التغير قد بدأت في إطار إدارة أوباما، وحتى قبل وصول ترامب إلى الرئاسة الأمريكية، مما يستدعي تحصين القضية المركزية «قضية فلسطين» والتي حيّدتها أحداث العالم العربي للأسف الشديد، بمزيد من التضامن معها، ووحدة الموقف العربي والإسلامي حولها.

ونعود لنؤكد في الجانب الآخر أن وصول زعيم قوي إلى البيت الأبيض ربما يكون أجدر في حسم تلك القضايا المتفاقمة، لأن المعيار لا يمكن أن يُبنى على شعارات الحملات الانتخابية، بقدر ما يبنى على ما يتم على الأرض من سياسات من قبل هذه الإدارة الجديدة.

كلمة اليوم السعودية-