علاقات » امم متحدة

توصية "النقد الدولي" للكويت بـ"التقشف".. وصفة حل أم مدخل أزمة؟

في 2016/11/19

رغم حالة الرفض الشعبي والسياسي لإجراءات التقشف، أوصى صندوق النقد الدولي الكويت باعتماد مزيد من التقشف لاستيعاب العجز في ميزانيتها الناجم عن تراجع أسعار النفط، وذلك رغم المخاطر السياسية الجدية التي ترافق مثل هذه السياسة.

وكان التراجع الكبير الذي شهدته أسعار النفط على مدار العامين الماضيين، قد دفع الكويت إلى تطبيق خطة تقشف كبيرة طالت دعم الوقود والماء والكهرباء، وهو الأمر الذي أثار مخاوف وأحدث خلافاً سياسياً انتهى بحل مجلس الأمة (البرلمان) في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

واعتمدت الحكومة الكويتية، في وقت سابق من هذا العام، خطة بهذا الاتجاه تنص خصوصاً على تنظيم كتلة الأجور التي تمثل قرابة نصف النفقات العامة، لكن هذه الخطة ووجهت بمعارضة شديدة داخل مجلس الأمة المنحل، كما أنها مرفوضة من معظم المرشحين لانتخابات المجلس الجديد التي ستجرى في 26 من الشهر الحالي.

وسجّلت الكويت، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، في آخر ميزانية لها عجزاً بقيمة 14 مليار يورو، وهو أول عجز منذ 16 عاماً.

ورغم هذه الإجراءات، تحتاج الكويت إلى 108 مليارات يورو لتمويل عجز الميزانية لفترة 5 سنوات، بحسب ما أورده صندوق النقد في تقرير نشر الثلاثاء الماضي.

اقرأ أيضاً :

"النقد الدولي" يدعو الكويت لتطبيق مزيد من الإصلاحات

وشجع التقرير السلطات الكويتية "على المضي قدماً لاعتماد سياسة أفضل لترشيد الدعم" على المنتجات النفطية التي بلغت 6.5 مليارات يورو في آخر ميزانية (الأول من أبريل/نيسان 2015- 31 مارس/آذار 2016)، مضيفاً أنه "من الضروري اتخاذ إجراءات أخرى".

ووفقاً لـ"فرانس برس"، دعا صندوق النقد الكويت إلى مراقبة حجم الأجور وزيادة الموارد غير النفطية.

وتشكل الإيرادات النفطية 92% من إجمالي الموارد الكويتية، في حين يبلغ الدعم الحكومي لأسعار الوقود والكهرباء والمياه نحو 18 مليار دولار، ومن المقرر أن يوفر رفع الدعم عن أسعار الوقود نحو 3.29 مليارات دولار للدولة.

- رفض وإضراب

وأبدى قطاع كبير من الكويتيين رفضهم قرار الحكومة برفع أسعار البنزين بنسبة تصل إلى نحو 80 في المئة، وارتفعت وتيرة النقاش على صفحات التواصل الاجتماعي مع دخول القرار حيز التنفيذ في أغسطس/آب.​

واتخذت الحكومة هذا القرار في إطار خطة تقشف اعتمدتها منذ بداية العام الماضي، لتخفيض نفقات الموازنة، وتشمل الخطة المواطنين، والمقيمين في البلاد على حد سواء.

وكان مجلس الوزراء الكويتي قد وافق على رفع أسعار مادة الجازولين (البنزين) بأنواعه المختلفة اعتباراً من مطلع شهر سبتمبر/أيلول.

ووفقاً لوكالة الأنباء الكويتية (كونا)، فقد تمت زيادة سعر البنزين الممتاز بنسبة 40%، في حين ارتفع سعر البنزين الخصوصي 60%، أما البنزين الألترا فشهد زيادة بنحو 80%.

ووفق توصية اللجنة الاقتصادية التي اعتمدها مجلس الوزراء، تقرر أن تكون أسعار البنزين الجديدة لفئة البنزين الممتاز (85 فلساً/لتر واحد)، والخصوصي 105 فلوس، والألترا 165 فلساً. وتأتي هذه الأسعار بالمقارنة مع 60 فلساً للبنزين الممتاز، و65 فلساً للخصوصي، و90 فلساً لبنزين الألترا.

ورفع محام كويتي دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية لوقف القرار القاضي برفع أسعار البنزين، مستنداً في ذلك إلى أن النفط ثروة طبيعية يملكها الشعب الكويتي، ومعتبراً أن المبالغ التي تدفع للمحروقات هي بدل الخدمة وليست ثمناً لها.​

وبالفعل، ألغت المحكمة الإدارية العليا في الكويت، القرار في الشهر نفسه؛ مستندة إلى أن القرار الحكومي تضمن عيباً إجرائياً بعدم عرض توصية زيادة البنزين على المجلس الأعلى للبترول الذي يعد أعلى سلطة تشرف على القطاع النفطي في البلاد، ما يعرّض قرار الحكومة للبطلان.

المحكمة أشارت إلى أن رفع الأسعار يعتبر نوعاً من الضريبة، ومن ثم يتوجب تمريره عبر مجلس الأمة (البرلمان) بشكل قانون، وفقاً لما نص عليه دستور البلاد، وهو ما لم تلتزم به الحكومة، الأمر الذي أحدث خلافاً حاداً بين الأخيرة والمجلس انتهى بحله بقرار أميري في 16 أكتوبر/تشرين الثاني.

اقرأ أيضاً :

الكويت تقر قانون خصخصة الأندية الرياضية قريباً

غير أن قرار رفع الأسعار ظل سارياً لحين الفصل في القضية أمام محكمة الاستئناف، وربما محكمة التمييز (المحكمة الأعلى)؛ لكون المحكمة الإدارية العليا، هي محكمة درجة أولى، وليس لديها صفة تنفيذية، بحسب "العربية".

وفي أبريل/نيسان الماضي، أضرب نحو 7 آلاف عامل في قطاع البترول اعتراضاً على إجراءات التقشف، وارتفع سقف المطالبات للمضربين من المطالبة بعدم المساس بالرواتب والمميزات المالية إلى المطالبة بتكويت القطاع.

- عجز

وأشارت صحيفة "الأنباء" إلى أن مؤسسة "أرنست آند يونغ" التي استعانت بها وزارة المالية الكويتية لإجراء دراسة للآثار المترتبة على الخطط الجديدة، توقعت أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلك 0.5 نقطة مئوية، ما يعني أن التضخم سيرتفع إلى 3.5 في المئة، وهو أعلى تضخم على مستوى دول الخليج.​

وكشفت دراسة رصدت الرأي العام الكويتي في وسائل التواصل الاجتماعي حول قرار رفع أسعار البنزين أعدتها، فاطمة السالم، المحاضِرة في جامعة الكويت، أن 81.5 في المئة يعارضون القرار، مقابل تأييد 14.8 في المئة، وفق ما نشرته صحيفة "القبس".

قرار رفع أسعار الوقود ترتب عليه رفع تعريفة النقل العام بواقع 50 فلساً، غير أن وزارة الداخلية دافعت عن القرار بالقول إن تعريفة النقل في دولة الكويت من الأقل خليجياً حتى بعد هذا القرار، وفقاً لما نشرته صحيفة "الصباح".

ولسد العجز في الميزانية، لجأت السلطات الكويتية إلى احتياطها المقدر بـ560 مليار يورو وقررت اقتراض 15.5 مليارات يورو.

وتتوقع الميزانية الكويتية القادمة التي تبدأ في الأول من أبريل/نيسان 2017، عجزاً قيمته 27 مليار يورو.

يوسف حسني - الخليج أونلاين-