ملفات » رؤية المملكة السعودية 2030

دول الخليج 2030.. رؤى استراتيجية طموحة تتجه نحو اقتصاد رقمي

في 2016/12/12

أعلنت دول الخليج العربي خلال السنوات الأخيرة عن خطط ورؤى استراتيجية طموحة تهدف إلى الانتقال إلى عصر التحول الاقتصادي، المبني على وسائل التكنولوجيا الرقمية لمنافسة الدول المتقدمة، بحكم توفر كل المتطلبات التنموية في منطقة الخليج.

وتتضمن الخطط حتى 2030 إقامة مصانع تكنولوجية وعسكرية واقتصادية عملاقة، وإنشاء مدن رقمية، أو ما يعرف بـ"المدن الذكية"، التي تعتمد على إنترنت الأشياء والأنظمة الإلكترونية والتطبيقات الذكية؛ وكذلك بناء أهم الجسور والمعابر البرية في العالم التي تربط بين قارتي آسيا وأفريقيا؛ منها جسر الملك سلمان بن عبد العزيز.

- السعودية 2030

في شهر أبريل/نيسان الماضي أعلنت المملكة العربية السعودية رؤيتها "السعودية 2030"، والمتوقع أن يمتد أثرها خارج حدود المملكة؛ وذلك لتأثير السعودية الواسع على محيطها والمنطقة في مختلف الملفات والمجالات، ويأمل الملك سلمان بن عبد العزيز بأن تكون نموذجاً يحتذى في العالم.

وتكشف الخطة 2030 ملامح السعودية في المستقبل، التي تستمد قوتها من عمق المملكة العربي والإسلامي والقوة الاستثمارية والموقع الجغرافي، كما توفر الخطة فرصاً ضخمة للاستثمار وبناء مشاريع التحول الوطني، ونمو الحركة التجارية التي توفر مئات المليارات من خلال مرور البضائع عبر المملكة.

وتخطط السعودية وفق رؤية 2030 لجلب مزيد من الكفاءات والخبرات في المنطقة إلى السعودية، من خلال مشروع البطاقة الخضراء "غرين كارد" الذي يمكّن العرب والمسلمين من العيش طويلاً في المملكة، ولدعم حركة الاستثمار، فضلاً عن فتح المجال للسياحة أمام جميع الجنسيات.

وبعد مرور أشهر على إعلان السعودية رؤية المملكة 2030، وشروع الدوائر والمؤسسات الحكومية والخاصة بالعمل وفق الخطط المرسومة لها لتحقيق أهداف المملكة الاستراتيجية، بدأت أنظار العاهل السعودي تتوجه نحو رسم ملامح جديدة لمستقبل دول الخليج والمنطقة انطلاقاً من رؤية 2030، في ظل تمادي النظام الإيراني في التدخل بدول الجوار.

وناقش قادة دول الخليج تشكيل الاتحاد الخليجي المُلح خلال قمة المنامة التي عقدت الأربعاء 7 ديسمبر/كانون الأول، إذ سبقت القمة عشرات المناورات العسكرية الخليجية المشتركة، وتفاهمات عميقة حول كيفية محاربة الإرهاب، في ظل ارتفاع المخاطر الأمنية وحاجة دول المجلس إلى تكاتف عسكري واقتصادي أكبر.

ويدعو خليجيون إلى إقرار عملة موحدة، ثم الانتقال إلى خطوة أبعد تتمثل بفك الارتباط الخليجي بالدولار؛ للتأثير على إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي طالب الخليجيين مؤخراً بدفع الأموال مقابل "الحماية".

كما ناقشت اجتماعات القمة الخليجية مسألة اتحاد دول الخليج لمواجهة التحديات الخارجية المشتركة؛ والمتمثلة بعواقب قانون "جاستا" والنفوذ الإيراني في المنطقة ومستقبل العراق وسوريا واليمن، وملامح العلاقات الخليجية الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى تشكيل كتلة اقتصادية وتنموية منافسة عالمياً.

وسبقت القمة الخليجية جولة تاريخية للعاهل السعودي استهلها بالإمارات في 3 ديسمبر/كانون الأول، ثم قطر ثم البحرين لحضور القمة الخليجية، ثم توجه إلى الكويت، حيث يرى مراقبون أنها تهدف إلى مناقشة مستقبل دول المجلس، وتقوية البيت الخليجي في ظل التهديدات الخارجية.

- قطر

قطر من الدول التي اعتمدت رؤية استراتيجية شاملة للتنمية المستدامة للأعوام الـ15 المقبلة، بشكل مبكر، وتسير عليها بشكل حثيث، كما عززتها باستضافة عدد من الفعاليات العالمية المرموقة؛ على رأسها مونديال كأس العالم لكرة القدم عام 2022.

وتعد رؤية قطر الوطنية 2030 خريطة الطريق لتحويل قطر إلى مجتمع متقدم قادر على تحقيق التنمية المستدامة؛ بهدف توفير مستوى معيشة مرتفع لجميع المواطنين بحلول عام 2030، وتوفر إطاراً يمكن من خلاله تطوير الاستراتيجيات الوطنية وسبل تنفيذها، وتوجيه الاستراتيجيات والسياسات والخطط الحكومية، وأيضاً تخصيص الإيرادات والموارد نحو تحقيق هدف موحد، وفقاً للموقع الرسمي لها.

وتتعامل رؤية قطر 2030 مع خمسة تحديات رئيسية تواجه قطر؛ وهي: الموازنة بين التحديث والمحافظة على التقاليد، وتلبية احتياجات اليوم دون الإضرار باحتياجات الغد، وإدارة النمو، والحفاظ على التوازن بين القطريين والأجانب، والإشراف البيئي الجيد.

وتعمل رؤية قطر 2030 من أجل تحقيق التنمية في أربعة أركان مترابطة، خلال عقد ونصف؛ وهي: التنمية البشرية؛ التي تتمثل بتمكين القطريين من الحفاظ على النمو في البلاد، وتعزيزه من خلال التعليم والاعتماد على اقتصاد المعرفة، وتطوير نظام شامل وفعال للرعاية الصحية، وتطبيق سياسة "التقطير".

والتنمية الاجتماعية وهي الركن الثاني، ويتمثل بالمحافظة على تراث قطر وتعزيز هويتها العربية والإسلامية، وبناء مجتمع آمن ومستقر، وتعزيز روح التسامح والانفتاح على الآخرين، وتمكين المرأة.

أما في التنمية الاقتصادية فتسعى قطر لتحقيق التنويع وأيضاً النمو في القطاعات غير النفطية، حيث يجري العمل على تحويل الاقتصاد إلى اقتصاد قائم على المعرفة. ويشدد الركن الرابع المتعلق بـ"التنمية البيئية" على أهمية تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة.

- البحرين

منذ عام 2008 أطلقت مملكة البحرين رؤيتها الاقتصادية 2030، التي تهدف إلى استخدام موارد المملكة المتاحة بذكاء وإنصاف، وهي- وفقاً للموقع الرسمي- "رؤية اقتصادية شاملة لمملكة البحرين، من شأنها تحديد وجهة واضحة للتطوير المستمر للاقتصاد البحريني".

واستندت صياغة الرؤية إلى ثلاثة مبادئ توجيهيّة أساسية هي الاستدامة والعدالة والتنافسية. وتعكس في جوهرها هدفاً أساسياً مشتركاً يتمثّل في بناء حياةٍ أفضل لكل المواطنين البحرينيين.

وعمدت البحرين، منذ إطلاق رؤيتها، إلى تقسيمها إلى خطط على المدى المتوسط؛ حيث أطلقت رؤيتها الاستراتيجية للسنوات 2008-2014 ثم ألحقتها برؤية 2015-2018، ومن المتوقع إطلاق مزيد من الخطط بعد انتهاء الحالية.

- الإمارات

لم تعتمد دولة الإمارات رؤية عامة للاتحاد للعام 2030، إلا أن إمارة أبوظبي، عاصمة البلاد، أطلقت رؤيتها الخاصة "أبوظبي 2030".

وتعتبر رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 خطة شاملة من الحكومة لتحويل اقتصاد الإمارة وتنويعه على المدى البعيد. وتهدف إلى تقليل الاعتماد على قطاع النفط كمصدر رئيسي للنشاط الاقتصادي، وزيادة التركيز على الصناعات القائمة على المعرفة، وزيادة مساهمة القطاعات الأخرى في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة (الناتج المحلي الإجمالي) بحلول عام 2030، بحسب الموقع الرسمي.

وتحدد رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030، التي أعلن عنها في يناير/كانون الثاني 2009، اثنين من المجالات الرئيسية ذات الأولوية بالنسبة للتنمية الاقتصادية في أبوظبي؛ وهما: بناء اقتصاد مستدام، وضمان اتباع نهج متوازن في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإقليمية، بحيث تعود بالفوائد على الجميع.

وتحدد الرؤية أولويات الحكومة الاقتصادية "الفورية"؛ وهي: تطوير بيئة أعمال منفتحة وفاعلة ومؤثرة ومتكاملة على الصعيد العالمي، واعتماد سياسة مالية منضبطة وقادرة على الاستجابة للدورات الاقتصادية، وإنشاء بيئة لسوق نقدية ومالية مرنة مع مستويات تضخم يمكن التحكم فيها، وإدخال تحسينات ملموسة على كفاءة سوق العمل، وتطوير بنية تحتية كافية وقوية وقادرة على دعم النمو الاقتصادي المتوقع، وتطوير قوة عاملة ماهرة ومثمرة، وتمكين الأسواق المالية من أن تصبح الممول الرئيسي للمشاريع والقطاعات الاقتصادية.

وتسعى رؤية أبوظبي 2030 لخلق فرص مميزة للقطاع الخاص المحلي والعالمي في إمارة أبوظبي، وفرص توظيف جديدة لمواطني دولة الإمارات في المستقبل، لا سيما في قطاعات أصحاب المهارات العالية، والقطاعات القائمة على المعرفة، وتلك الموجهة للتصدير.

- الكويت

أعدت الكويت في ديسمبر/كانون الأول 2007، مشروع رؤية الكويت 2010 – 2035، لإقراراها في مايو/أيار 2008، وشارك في هذه الرؤية ما يقارب 119 شخصية وطنية ووزيراً وقيادياً، إضافة إلى مؤسسات حكومية وأهلية وشركات وجمعيات، بحسب صحيفة "القبس" الكويتية.

وأعلنت الحكومة الكويتية حينها أن من أهم مقومات تحقيق الرؤية بيئةً تشريعية متطورة، ومخرجات تعليم عالية المستوى ورأس مال بشرياً متطوراً، وحكومة من دون صراعات سياسية أو تسييس للقرارات الاقتصادية، مع الالتزام بالعمل المؤسسي وبيئة أعمال من دون قيود ومعوقات إدارية.

ومن مقومات رؤية الكويت 2035 بناء قطاع خاص قوي وتنافسي، وبنية تحتية متطورة، واستقرار السلطتين التشريعية والتنفيذية، وخلق بيئة أعمال داعمة للاستثمار المحلي وجاذبة للاستثمار الأجنبي، ونظام أمني يوفر الأمن والطمأنينة، وكفاءة القطاع المالي، وناتج محلي متنوع.

- سلطنة عُمان

لم تعلن سلطنة عُمان عن أية خطط استراتيجية بعيدة المدى، ويُعتقد أنها تعمل على إعداد رؤيتها الاقتصادية (عُمان 2040).

وشكلت حكومة السلطنة اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية منذ العام 2014؛ لإعداد رؤية تواكب التطورات الاقتصادية والاجتماعية على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي، مع الأخذ في الاعتبار تقييم الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط للرؤية المستقبلية للاقتصاد العُماني (عُمان 2020)، كما شكلت ثلاث فرق عمل تخصصية في مجالات هي التنافسية وإدارة النظم السياحية والتسويق.

وتشير بعض المواقع المحلية إلى أن الحكومة العُمانية تسعى إلى أن تكون (رؤية عُمان 2040) مستوعبة للواقع الاقتصادي والاجتماعي ومستشرفة للمستقبل بموضوعية؛ لكي يتم الاعتداد بها كدليل ومرجع أساسي لأعمال التخطيط في العقدين القادمين؛ وكذلك لتحظى صياغة الرؤية بإتقان تام ودقة عالية في ضوء توافق مجتمعي واسع، وبمشاركة فئات المجتمع.

وتتضمن مرتكزات (عُمان 2040) تحديد الفرص المتاحة والاستغلال الأمثل للمزايا النسبية لكل قطاع اقتصادي، وخاصة المطارات والموانئ والمناطق الصناعية، إضافة إلى الموارد المتوفرة بما يحقق تنويع مصادر الدخل والتوسع في مشاريع التشغيل الذاتي، مع تأكيد أهمية التوزيع المتوازن للتنمية على المحافظات بما يتناسب مع حجم كل محافظة واحتياجاتها.

ياسين السليمان - الخليج أونلاين-