سياسة وأمن » تصريحات

البصمة الوراثية.. ضرورة أمنية كويتية تزول بضغوط مجتمعية

في 2017/01/14

بعد شد وجذب استمر شهوراً، تراجع مجلس الوزراء الكويتي، الخميس الماضي، عن إلزام الراغبين في الحصول على جواز السفر الإلكتروني بإجراء فحص البصمة الوراثية (DNA)، بعدما أثار الأمر جدلاً واسعاً منذ طرحه في عام 2015، وإن ظل الأمر قائماً بشكل طوعي.

وتُعرف البصمة الوراثية بأنها إحدى وسائل التعرف على الشخص عن طريق مقارنة مقاطع من الحمض النووي. كما تعتبر أهم تقدم للبشرية ضمن مجال البحث الجنائي؛ من أجل محاربة الجريمة. ويحتاج المحققون لتحديدها إلى العثور على دليل بشري في مكان الجريمة؛ مثل: العرق، السائل المنوي، الشعر، اللعاب.

وكان مجلس الأمة الكويتي قد أقر هذا القانون في مطلع يوليو/تموز 2015، وجاء مكوَّناً من 13 مادة، حيث نصت المادة الرابعة منه على أنه "لا يجوز للأشخاص الخاضعين لأحكام هذا القانون الامتناع عن إعطاء العينة اللازمة لإجراء الفحص متى طُلب منهم ذلك وخلال الموعد المحدد لكل منهم".

تفجير مسجد الصادق في حي الصوابر بالكويت، والذي وقع في 26 يونيو/حزيران 2015، في أثناء أداء صلاة الجمعة، ونتج عنه مقتل ما لا يقل عن 27 شخصاً، وجرح 227 شخصاً على الأقل، كان سبباً كافياً للسلطات الكويتية لإقرار القانون.

ونصت المادة الثامنة على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على 10 آلاف دينار كويتي أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مَنْ امتنع عمداً ودون عذر مقبول عن إعطاء العينة الحيوية الخاصة به أو بمن له عليهم ولاية أو وصاية أو قوامة".

- جدل

وأثار القانون جدلاً واسعاً في الداخل والخارج وكان محط اهتمام منظمات حقوقية ووسائل إعلام كبرى؛ حيث اعتبرته منظمة "هيومان رايتس وتش" الدولية لحقوق الإنسان تعدياً على الحقوق، معلقةً عليه بالقول: "يمكن للعديد من الإجراءات أن تفيد في الوقاية من الهجمات الإرهابية، لكن الفائدة المحتملة لا تكفي لتبرير التعدي الجماعي على حقوق الإنسان".

وتابعت: "قد تكون هناك فائدة في التقاط مقطع فيديو لكل شخص يستخدم المراحيض العامة، إلا أن هذا التطفل يكاد لا يتسم بالضرورة أو التناسب، مثله مثل الفحص الإلزامي للحمض النووي"، بحسب تعبيرها.

وكتبت صحيفة "ديلي نيوز" الأمريكية تقريراً بعنوان: "انسَ جواز السفر.. ستحتاج عينة من الحمض النووي لدخول الكويت". في حين قالت مجلة "نيوزويك" في تقرير حول هذا الموضوع: إن "الكويت ستكون أول دولة تجمع عينات الحمض النووي". في حين قالت قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، إن هذا الإجراء سيشمل أيضاً السائحين الراغبين في دخول الكويت.

وفي مارس/آذار الماضي، أعلن الوكيل المساعد لشؤون الجنسية والجوازات، اللواء مازن الجراح، أن الجواز الجديد "سيسهل المفاوضات الجارية مع الدول الصديقة لإعفاء الكويتيين من تأشيرة "شنغن" لدخول أوروبا.

ونقلت صحيفة "الراي" الكويتية عن مصادر لم تسمها، أن مجلس الوزراء "أوعز إلى وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح بصرف الجواز الإلكتروني دون الحاجة لإجراء البصمة الوراثية لأي فئة، وترك أمر تحديد موعد الصرف للوزير، بعد استكمال وزارة الداخلية استعداداتها حول آلية الصرف والمقرر أن يباشر به بعد عطلة الأعياد الوطنية في فبراير/شباط المقبل".

وأوضحت المصادر أنه تم سحب مختبرات الفحص النووي من مراكز الصرف الستة المنتشرة بالبلاد، وبوشر في إعداد الأجهزة الخاصة بعمل البصمة الآلية للإبهام والتوقيع الإلكتروني والصورة الآلية، عدا البيانات المخفية بالشريحة الإلكترونية في الجواز لتكون وسائل الحماية الأولى في الجواز الإلكتروني.

وأشارت المصادر إلى أن وزارة الداخلية تسلمت حتى اللحظة ما يقارب 200 ألف جواز خام وبصدد تسلم الدفعه الثالثة في شهر مارس/آذار المقبل، حيث من المقرر أن تتسلم 200 ألف نسخة كافية للصرف لحين وصول الدفعات التالية في شهري مايو/أيار وأغسطس/آب المقبلين.

وكشفت المصادر عن تنسيق مع مركز نظم المعلومات بهدف تحديد موعد الصرف؛ تمهيداً لوقف أجهزة الطباعة القديمة واستبدال أخرى حديثة بها، مؤكدة أنه تقرر وقف صرف جوازات مادة 17 الخاصة بالبدون (غير محددي الجنسية) وتقرر الانتهاء من صرف آخر دفعة من جوازات الكويتيين؛ نظراً لأن وقف الصرف يعني وقف النظام القديم كلياً.

ووفق المصادر ذاتها، فإن اللجنة المشكّلة من مجلس الوزراء لبحث وتحديد الحالات التي سوف يشملها الفحص، ستستمر في عملها لحين تحديد الفئات وبعدها ستقرر آلية عمل البصمة الوراثية لها بعيداً عن مشروع الجواز الإلكتروني.

ويحق للمواطن إجراء البصمة الوراثية، بشكل طوعي، لدى تقدُّمه لاستصدار الجواز الإلكتروني، بحسب موقع "عيون الخليج".

وكان مقرراً أن يحصل الكويتيون على جواز السفر الإلكتروني في سبتمبر/أيلول 2016، وهو ما لم يحدث بسبب الجدل الذي أثير بشأن مسألة التحليل.

يوسف حسني - الخليج أونلاين-