علاقات » عربي

من جديد .. صراع النفوذ يشتعل بعد رفض «هادي» سيطرة الإمارات على جزر يمنية

في 2017/03/03

منذ أن وطأت قدمها أرض اليمن، لم تتوقف الإمارات يوما ما عن محاولة إرساء نفوذها في ذلك البلد الذي يعاني من حرب ضارية منذ نحو عامين.

نفوذ تعددت سبل إرسائه، فتارة كان عبر دعم فصائل بعينها مثل الحراك الجنوبي في بعض المحافظات الجنوبية والذي يسعى إلى استعادة ذاكرة الماضي، والمضي بعيدا بالجنوب اليمني الذي يمثل موقعا استراتيجيا لإطلاله على طريق الملاحة الدولية من باب المندب.

أما الطريقة الثانية لبسط النفوذ، فكانت عبر التواجد العسكري الكثيف سواء عبر الجنود أو العتاد والأسلحة التي تزود بها المقاتلين على الأرض، وما يؤكد ذلك أن تلك الدولة صغيرة الحجم هي ثاني دولة مشاركة من حيث العدد والعدة في التحالف العربي بعد السعودية.

المساعدات الإنسانية، كانت الطريقة الثالثة لمحاولة الإمارات بسط نفوذها في اليمن وخاصة في المناطق الجنوبية التي تم تحرير غالبيتها العظمى من سيطرة مليشيا الحوثي وقوات الرئيس السابق «علي عبد الله صالح»، وهو ما ظهر جليا في إعلانها نهاية العام الماضي عن دعم الجنوب بمنح ومشروعات ومساعدات إنسانية تصل قيمتها إلى 1.2 مليار دولار.

ولعل أحدث حلقة في تلك السلسلة، هي سعي الإمارات إلى بسط نفوذها على بعض الجزر اليمنية، حيث ذكر مصدر يمني مطلع أن ولي عهد أبو ظبي ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ «محمد بن زايد آل نهيان»، تعامل مع الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي» بأسلوب غير لائق بروتوكوليا، وبقدر من الاستعلاء والفوقية، خلال لقاء عاصف ضم الإثنين مع قيادات أمنية واستخباراتية من الإمارات والمملكة العربية السعودية، في العاصمة الإماراتية أبو ظبي يوم الإثنين الماضي.

وذكر المصدر، لـ«القدس العربي» أن «بن زايد» تعامل مع «هادي» على أساس «أننا من أعدناك إلى عدن»، معددا له ما قدمته الإمارات لدعم إعادة الشرعية إلى البلاد.

وأضاف أن بن زايد قال إن «تضحياتنا ودماء 65 شهيدا إماراتيا لن تذهب سدى».

وذكر المصدر أن «هادي» قال في اللقاء ردا على ولي عهد أبو ظبي إن «الإماراتيين لم يعيدوا الكهرباء ولا الماء إلى عدن خلال عامين، وإنهم لم يدعموا البنك المركزي اليمني خلال هذه الفترة».

وأضاف أن حلفاء الإماراتيين في الجنوب يقومون بإيعاز من الإماراتيين بتعطيل هذه الخدمات أثناء وجود «هادي» في عدن، لخلط الأوراق وإظهار الحكومة بمظهر العاجز عن تقديم الخدمات.

وأكد أن الأزمة عميقة مع الإمارات التي «طالبت بأن يكون لها نفوذ يخل بالسيادة اليمنية على بعض الجزر»، وهو الأمر الذي رفضه «هادي» عارضا الدخول في شراكة بين اليمن والإمارات، على أساس ندي.

وعاد الرئيس اليمني إلى العاصمة السعودية الرياض ليبحث تطورات الأوضاع الأمنية الأخيرة في مدينة عدن، على خلفية محاولاته فرض سلطة الدولة على المدينة كعاصمة مؤقتة للبلاد، وهو الأمر الذي يجابه بتمرد بعض القيادات الأمنية الممولة من الإماراتيين.

ولعل منع طائرة الرئيس اليمني من الهبوط في مطار عدن الشهر الماضي مما اضطرها للهبوط في جزيرة سقطرى، يؤكد صحة النزاع الخفي بين «هادي» ودولة الإمارات، ويفضح  حدود سلطة الرئيس اليمني، من جهة، والنفوذ الكبير الذي تلعبه أبوظبي في المناطق الخاضعة، افتراضيا، لسلطات الشرعية اليمنية.

الإساءة التي جرت لم تصب الرئيس وحده بل أصابت أيضا أنصاره والمؤمنين بشرعيته واليمنيين عموما، فقد تم صد محاولة قوات الحماية الرئاسية الخاصة به لاستعادة السيادة على المطار بغارة لمروحية إماراتية على تلك القوات، كما لو أنها تقول إن اليد العليا في اليمن صارت للإمارات وليس للرئيس الذي قامت قوات التحالف العربي بالتدخل في اليمن استنادا إلى شرعيته.

كان للإمارات أسبابها الخاصة للتدخل في اليمن، بينها محاولة صد النفوذ الإيراني الذي تمدد عبر الحوثيين وقوات «صالح» وأدى إلى خطر جسيم على دول الخليج العربي، التي شعرت بجسامة الوضع اليمني بعد استيلاء الحوثيين على السلطة في صنعاء ومحاولة تحويل اليمن إلى منطقة نفوذ جديدة للإيرانيين.

ودفعت الإمارات، منذ انطلاق عملية «عاصفة الحزم» قبل سنتين، ثمنا باهظا لتدخلها في اليمن حيث قتل 65 من جنودها هناك، وهو ما حصل للمملكة العربية السعودية التي تقود التحالف وتتعرض يوميا لاعتداءات وهجمات وصواريخ بقايا المخلوع «علي عبد الله صالح» وحلفائه الحوثيين، لكن قرار الحرب في اليمن لم يكن ممكنا لولا أنه حظي بغطاء شرعي من قيادة اليمن، التي يمثلها الرئيس «هادي»، مما أمن لها غطاء دوليا من الأمم المتحدة التي أصدر مجلس أمنها عددا من القرارات المهمة الداعمة للشرعية والتي تفرض عقوبات على الانقلابيين (كان آخرها القرار 2342).

ووفق مصادر يمنية، فإن تفاصيل النزاع مع سلطات الرئيس اليمني وحكومته تمتد إلى التعيينات في السلطات المحلية والأجهزة ودعم شخصيات وتيارات من الحراك الجنوبي، كما يمتد الخلاف إلى طبيعة التحالفات السياسية التي يعقدها «هادي»، حيث تعترض الإمارات أيضا على أي تعاون مع حزب «التجمع اليمني للإصلاح» (الإخوان المسلمون)، وهو حزب داعم للشرعية، إضافة لكونه من المكونات الرئيسية التي تقاتل على الأرض، وهناك أنباء أخرى عن محاولات مستمرة من أبو ظبي للسيطرة على المجالات الاقتصادية اليمنية.

في صراع النفوذ هذا تفاصيل كبيرة لم يكشف عنها بعد، وربما تلقي الأيام المقبلة ما في جعبتها بهذا الخصوص، لا سيما مع سعي «هادي» لتوطيد أقدامه في عدن، وهو ما يواجه بضغوط المصالح الإماراتية هناك.

وكالات-