دعوة » هيئة الامر بالمعروف

استيعاب الاحتساب

في 2017/03/14

يقال إن الرأسمالية تستوعب الظواهر التي تطرأ عليها حتى وإن كانت تخالف مبادئها. تبتلعها كما يبتلع الثقب الأسود النجوم. لكل شيء أياً كان مساوئ ومحاسن. لنستفد من محاسن الاحتساب. لماذا نعلن الحرب على ذلك الشاب الذي اعتدى على ممتلكات الوفد الماليزي في معرض الكتاب؟ من منا ينكر أنه أصبح نجما، شاء من شاء وأبى من أبى؟ هذا الشهرة التي اكتسبها في خمس دقائق اشتغل عليها محمد عبده خمسين سنة.. لماذا لا تجرى معه مقابلات لتعميم النجاح. يشرح للشباب الطموح كيف وصل إلى ما وصل إليه، والخطة التي أعدها، ونطلب منه أن يدلنا على مشائخه الأفاضل الذين استظل بهديهم. يحدثنا عن مشاريعه المستقبلية؟ بماذا ينصح الشباب المتحمس الغيور؟ هل لبس العقال سيحل مكان البشت المطرز بالزري، وهل لبس الكبك سيسهل على دعاة المستقبل ضرب المفاطيح دون أن يطووا أكمامهم؟

كلامي هذا ليس جديدا. عولج في مكان آخر، ومازال يجد من يؤيده. خذ على سبيل المثال التفحيط. إصرار المفحطين ومثابرتهم جعلتهم مساكين. شباب يريدون التنفيس. حتى المربون والمرشدون صاروا يرددون: لماذا لا نخصص لهم مكاناً يفحطون فيه؟ منطق التخصيص هذا يؤكد أن من حقهم أن يفحطوا في أي مكان. يقتلون ما شاء لهم القتل. تسكنهم طاقة شبابية، تريد أن تعبر عن نفسها. المذنب هو المجتمع الذي حرمهم من هذا التعبير. هذا الكلام الذي قلناه ورددنا عن المفحطين لماذا لا يستفيد منه أبناؤنا المحتسبون أيضا؟ المحتسبون طاقة أيضا تحتاج ان تنفس عن نفسها. لماذا لا نستفيد من الفئتين معا، نحولهم إلى فلكلور وطني؟ المفحط يقوم بعروضه في الشوارع والطرقات وفي كل الأوقات، والمحتسب يقوم بعروضه في الصالات المغلقة وفي كل المناسبات.

لم ينته التفحيط رغم كل النصائح العظيمة، والاحتساب لن يقف أيضا مهما حشونا أسماعنا بالنصائح. أعمالهم العنيفة ليست عنيفة كما نتوهم، وإنما تعبير يندرج تحت خصوصيتنا (لمن يريد أن يتذكر) ومنتج من منتجاتها. تمارس كثير من الشعوب أعمالاً غريبة، تتنافي مع القيم الحضارية، ومع ذلك صارت من أشهر الأنشطة. خذ مثلا العنف الموجه ضد الثور في إسبانيا. لماذا لا نقدم أنفسنا لشعوب العالم بتفردنا بالاحتساب، والتفحيط؟

طالما توفر للمفحط من يقف معه ويبرر أعماله، فالمحتسب أولى. على الأقل المحتسب له مستقبل. قد يأتي اليوم ونراه داعية كبيرا، أو يصبح راقياً يوفر علينا جزءا كبيرا من مصاريف وزارة الصحة.

عبدالله بن بخيت- الرياض السعودية-