خاص الموقع

هل حلّ غضب الله على قومنا في الجزيرة العربية؟

في 2017/03/30

مبارك الفقيه- خاص راصد الخليج-

صدف أن زرت منزل صديق لي لتقديم واجب العزاء حيث توفّي قريب له مؤخراً بسبب المرض، وسمعت أحدهم يتلو آيات من القرآن الكريم، فاستوقفتني آية تقول: ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾. سرت قشعريرة في بدني وأحسست بدافع فوري للبحث في ما ذكرته هذه الآية من صنوف العذاب والبلاء، فبادرت إلى البحث والتمحيص والقراءة، حتى خلصت إلى حقائق قصصية تاريخية ذكرها القرآن الكريم عن أقوام لقوا أنواع العذاب من الله.

الغرق والطوفان

عذب الله به الكافرين من قوم نوح، من كثرة ذنوبهم وعتوّهم وإصرارهم على كفرهم ومخالفتهم رسولهم فأُغرقوا، ثم عذب الله فرعون وجنوده بالغرق في اليمّ، كما عذب بالسيل والطوفان مملكة سبأ.

الريح والصيحة

الريح عذاب الله أنزله الله بقوم عاد لما كفروا بربهم، فجعلهم كأعجاز النخل الخاوية، أما الصيحة فهي التي عذّب الله بها قوم صالح المكذّبين، حيث نزلت بهم صيحة قوية من السماء، ورجفة شديدة من أسفل منهم، فخلعت قلوبهم وفاضت أرواحهم وزهقت نفوسهم وماتوا في ساعة واحدة.

الحاصب

وهي الحجارة التي عذّب بها الله قوم لوط لما كادوا الكيد بالباطل وكفروا وظلموا وارتكبوا الموبقات، وهذا النوع من العذاب نزل أيضاً بأصحاب الفيل الذين أرسل الله عليهم طيراً أبابيل ورمتهم بحجارة من سجّيل، فجعلتهم كعصف مأكول، وقد هدّد الله بني قريش بهذا العذاب بسبب عتوّهم وظلمهم.

الخسف

والخسف هو الزلازل التي تميد بالأرض فتخرب المدن بعد عمارها، وعذّب الله به قارون لما بغى وأفسد، وظن أن قدرته لن تضعف وماله لن ينفد، فعاقبه الله بطغيانه فأزال ملكه ووجوده، وبقي لوحده بلا ناصر ولا معين. وهذا النوع من العذاب توعّد به الله الأقوام في آخر الزمان، كما في حديث عمران بن حصين، الذي أخرجه الترمذي وأبو داود، حيث سمع النبي محمد (ص) يقول: "في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، إذا ظهرت القينات والمعازف، وشرب الخمور".

الجوع والعطش وضيق الأرزاق

وهو ما عذب به قوم سبأ، وجاء النقص في الثمار والزروع في مملكة سبأ بسبب المعاصي التي ارتكبوها. وقد حذّر النبي (ص) من وقوع هذا البلاء الذي يصيب الأقوام الذين يغشّون وينقصون الكيل ويمارسون الجور في سلطانهم على الناس.

الخوف وتسليط الأعداء والذل وكثرة القتل والحروب

هذا النوع من العذاب عذب الله به بني إسرائيل فجعلهم فرقاً كثيرة، وأضاف إلى ذلك الهوان والذلة إلى يوم القيامة

المسخ

عذّب الله بني إسرائيل عندما اعتدوا في السبت فجعلهم قردة وخنازير، وذكر الترمـذي وابن ماجه أن النبي (ص) أخبر أن هذا العذاب يكون في هذه الأمة، فقال (ص): "يكون في هذه الأمة أو في أمتي خسف أو مسخ أو قذف في أهل القـدر". وعن ابن تيمية قال: "المسخ واقع في هذه الأمة ولا بد، وهو واقع في طائفتين: علماء السوء الكاذبين على الله ورسوله (ص) الذين قبلوا دينه، والمجاهرين المنهمكين في شرب الخمر والمحارم...".

الأمراض والبلايا والطواعين

وهو نوع آخر من العذاب يصبّه الله على الأمم المتجبرة الكافرة أو المسلمة العاصية، وذكر أسامة بن زيد في حديث، أثبته مسلم والبخاري في صحيحهما، قال: "قال رسول الله (ص): الطاعون رجسٌ أرسل على طائفة من بني إسرائيل أو على من كان قبلكم". وقد توعد الله فيه عصاة الأمم؛ وقال (ص): "لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا".

متى نستفيق؟

وأمام هول ما خلصت إليه، لاحظت أن هذه البلاءات والعذابات نزلت بأقوام سكنوا الجزيرة العربية، وباليهود وبني إسرائيل الذين طغوا في الأرض، واجتاحتني رجفة غريبة، لا سيما أن معظم الأسباب التي تقف وراء هذه العذابات هي موجودة في حاضرنا ونعيشها في بلادنا، فالكافر الذي كان أبي ومشايخنا الأجلّاء يحذروننا منه أصبح محجّة لنا ولأمرائنا، وبتنا نتسابق لنيل رضاه ومباركته لمستقبل أمتنا، واستفحل الفقر والبطالة والفساد والظلم وغياب العدالة، واحتلّت الظواهر الاجتماعية الغريبة عن مجتمعنا الشرقي والإسلامي (لا سيما في الجزيرة العربية أو ما يعرف اليوم بالخليج العربي)، شوارعنا وبيوتنا ومؤسساتنا، وصار شبابنا وبناتنا يتخّذون من الغربي قدوة لهم، من ينتقل بين المنامة ودبي أو الكويت حتى الدوحة.. ومن يدخل "مولات" جدة أو الرياض، سيشاهد ما لا يشاهده حتى في بلاد الغرب؟، من فساد ظاهر للعيان، ربما يكون مظهره التبرّج، ولكن أوجه الفساد كثيرة ولا داعي لذكر أشكالها، يكفي أن تقول أن الخمر هو شراب متوفر في أي مقهى أو مطعم وحتى أنه يقدّم في الطائرات لبعض الخطوط الجوية الرسمية.

وحتى المال الذي أنعم الله به علينا حولناه الى بناء الأبراج العالية والقصور الكبيرة وممدنا به خزائن بلاد الغرب، بسبب هذا المال جاع الكثير من أبناء بلادنا.. وبهذا المال ذخّرنا الطائرات والجيوش وحتى العصابات ووجهناها للقتل.. من اليمن الى العراق الى سوريا وحتى آخر أصقاع الارض.

أنا خائف

اعتراني الخوف من أن الله تعالى بدأ المرحلة الأولى من مسلسل العذاب الذي قد يصيبنا، كما أن مشاهد الطوفان والمرض والجوع جعلتني أستحضر ما بتنا نشهده من أمراض غريبة وكوارث بيئية ومناخية خلال السنوات الأخيرة، فهل حلّ غضب الله الحتمي على سكان الجزيرة العربية، أو على الأقوام التي تسكن في المملكة العربية السعودية وجاراتها؟ أم ما زال هناك فرصة للاصلاح.. لاصلاح ما فسد في بلادنا، لاصلاح ذواتنا فنخرج من أنانياتنا وصراعاتنا على المال والنفوذ؟ متى نستفيق؟