علاقات » دول أخرى

حكام الإمارات يسعون لشراء «فرماجو» بعدما فشلوا في عرقلة وصوله لحكم الصومال

في 2017/04/19

كشفت مصادر مطلعة عن مساعٍ إماراتية لشراء الرئيس الصومالي «محمد عبد الله فرماجو» بعدما نجح في اعتلاء كرسي الرئاسة في فبراير/شباط الماضي رغما عن إرادة أبوظبي.

المصادر المقربة من أوساط الحكم في مقديشو وأبوظبي، والتي طلبت عدم الكشف عن هويتها نظراً لحساسية الأمر، أوضحت لـ«الخليج الجديد» أن حكام الإمارات، وبصفة خاصة ولي عهد أبوظبي، «محمد بن زايد»، كانوا يفضلون استمرار الرئيس السابق «حسن شيخ محمود» في الحكم؛ خاصة أن الأخير منحهم، إبان حكمه، نفوذا كبيرا في البلاد تمثل بصورة أساسية في عقود لاستغلال وإدارة عدد من موانئ البلاد، التي تتمتع بموقع استراتيجي هام لحركة التجارة العالمية.

وذكرت المصادر أن حكام الإمارات استغلوا المال السياسي في مساعيهم لإبقاء «شيخ محمود» في سدة الحكم في الصومال خلال الانتخابات التي جرت في 8 فبراير/شباط الماضي؛ حيث دفعوا أموالاً طائلة إلى زعماء قبائل وسياسيين في هذا البلد الأفريقي الفقير تجاوزت الـ50 مليون دولار، من أجل استمالتهم لصالح مرشحهم المفضل.

لكن – وفق المصادر ذاتها – نجح «فرماجو»، رغم ذلك وبدون دعم خارجي، في الفوز بأغلبية أصوات البرلمان؛ حيث حصل في الجولة الثانية للانتخابات على أصوات 184 نائبا من أصل 328 شاركوا في الانتخابات، متفوقا على «شيخ محمود» الذي حصل على 99 صوتا فقط؛ الأمر الذي شكل صدمة كبيرة للإماراتيين، وظهر بقوة في غياب سفير أبوظبي لدى مقديشو عن حفل تنصيب «فرماجو».

وأضافت المصادر المطلعة أن مخاوف الإماراتيين من «فرماجو» تحققت بسرعة؛ حيث بدأ الأخير، وهو الرئيس التاسع للصومال منذ استقلالها في 1960، في مناهضة النفوذ الإماراتي المتصاعد في بلاده.

وظهر ذلك جلياً في المعارضة الشديدة التي أبداها «فرماجو» للاتفاقية التي وقعتها الإمارات مع جمهورية «أرض الصومال» - المعلنة من جانب واحد – والتي تمنح الأولى الضوء الأخضر لإقامة قاعدة عسكرية في مدينة بربرة على ساحل خليج عدن، الواقعة داخل حدود الثانية غير المعترف بها دوليا.

فعقب أيام فقط من انتخاب «فرماجو»، وبالتحديد في 14 فبراير/شباط الماضي، اتهم المدقق العام التابع للحكومة الفيدرالية في مقديشو «نور فرح» الإمارات بـ«انتهاك القانون الدولي»، على خلفية إبرامها تلك الاتفاقية مع «أرض الصومال»، معرباً عن أسفه لأن أبوظبي تعاملت مع الإدارة الموجودة في «أرض الصومال» مباشرة.

ولاحقا، وخلال زيارة أجراها «فرماجو» إلى السعودية، في الـ23 من الشهر ذاته، كشفت تقارير صحفية عن أن الأخير طلب وساطة السعودية لإقناع الإمارات، بالعدول عن مشروع إنشاء القاعدة العسكرية.

وأوضحت المصادر أن سبب انتهاج «فرماجو» موقفاً مغايرا عن موقف سلفة تجاه الإمارات؛ يعود إلى مخاوف من توريط بلاده، عبر تلك القاعدة، في صراعات إقليمية أو حرب بالوكالة، وقبل ذلك كله، فهو يريد من أبوظبي التفاوض مع الحكومة المركزية في هذه القضية السيادية والمصيرية، والتي قد تؤثر بالسلب على شعبيته إذا بدا موقفه ضعيفاً منها.

الإمارايتون يعدلون سياستهم 

وحسب المصادر المطلعة ذاتها، عدل الإماراتيون من سياستهم تجاه «فرماجو»،استجابة لضغط السعوديين، وبعدما أصبح الرجل أمر واقع بالنسبة لهم؛ حيث بدأوا في مساعي استمالته بالمال كما فعلوا مع سلفه.

وفي سياق الموقف الإماراتي الجديد تلقى «فرماجو» دعوة لزيارة الإمارات؛ وهي الدعوة التي جرت بالفعل في وقت سابق من الشهر الجاري؛ حيث التقى الرئيس الصومالي ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد»، في 11 أبريل/نيسان، وأكد الأخير استمرار دعم بلاده لجهود الرئيس الصومالي في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية وبناء المؤسسات الوطنية، إضافة إلى تقديم المساعدات الاجتماعية والخيرية.

وبالفعل، وبينما كانت زيارة «فرماجو» لا تزال مستمرة، أعلنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي عن حملة إغاثية وتنموية كبرى في الصومال بميزانية أولية تتجاوز 27 مليون دولار، وقالت إنها سيتم إثراؤها لاحقا من أموال التبرعات.

وتؤكد المصادر أن سياسة حكام الإمارات الجديدة تجاه «فرماجو» تقوم على إغرائه بالمال والمساعدات مقابل مزيد من النفوذ الإماراتي في البلاد.

يشار أن الرئيس الصومالي السابق «حسن شيخ محمود» وحكومته عززت علاقاتها مع أبوظبي بصورة كبيرة للغاية، وفتحت الباب واسعا لنفوذ أبوظبي الأمني والعسكري في البلاد.

وزار «محمود» أبوظبي مرات عديدة في السنة الواحدة، وكان وزراء صوماليون يقومون بزيارات رسمية لأبوظبي بالجملة والتي تستمر لبضعة أيام في كل مرة.

سباق على القواعد

 ومع اندلاع الحرب في اليمن، في خريف العام 2014، سعت بعض دول الخليج الغنية، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، ولأول مرة في تاريخها، إلى بناء قواعد عسكرية خارج أراضيها، في منطقة القرن الأفريقي، وبالتحديد في دول إريتريا وجيبوتي، والصومال، القريبة من السواحل اليمنية، ومن خليج عدن، الذي يعد المدخل لمضيف باب المندب الاستراتيجي.

ومستغلة حاجة هذه الدول إلى التمويل مقابل السماح باستخدام أراضيها كقواعد عسكرية، بدأت الإمارات منذ سبتمبر/أيلول 2015 في بناء قاعدة عسكرية كبيرة شمال غرب مدينة عصب في إرتيريا، حسب صور من الأقمار الصناعية حصلت عليها مؤسسة «ستراتفور».

وجاء ذلك إضافة إلى المنشأة العسكرية التي تستخدمها أبوظبي في ميناء عصب.

وتأتي القاعدة الجديدة، التي تسعى إليها الإمارات في مدينة بربرة، ضمن مساعيها لحيازة نفوذ عسكري كبير في منطقة القرن الإفريقي، والاضطلاع بدور في تأمين مضيق «باب المندب».

كما تريد الإمارات، التي تدبر مكائد لتركيا في الخفاء، وفق مراقبين، إلى مزاحمة الأخيرة في الصومال؛ حيث تعد أنقرة من أكبر الدول دعما لمقديشو، وتستعد في وقت لاحق من الشهر الجاري لافتتاح قاعدة عسكرية  في العاصمة الصومالية  لتدريب الجيش الصومالي مساهمةً منها في تقوية الأمن وتعزيز الاستقرار في هذا البلد الأفريقي.