علاقات » اميركي

الحرب في اليمن.. نافذة لتعزيز الشراكة الخليجية الأمريكية

في 2017/05/01

عندما استقبل وزير الدفاع الأمريكي «جيمس ماتيس» وزير الخارجية السعودي في البنتاغون، الشهر الماضي، كان أول ما فعله إطلاق مزحةً حول الوقت «الذي حاول فيه الإيرانيون قتلك»، موجهًا حديثه للوزير السعودي.

وقصد «ماتيس» الإشارة إلى مؤامرة قد أحبطت عام 2011، وكانت إيران قد نفتها. الأمر الذي يعد علامةً قاطعةً على مدى اتساق إدارة الرئيس «دونالد ترامب» مع الحلفاء في الخليج حول ما يعبرون عنه بالتهديد الإيراني، وهو تحولٌ يبدو أنّه يمهد الطريق أمام زيادة مشاركة الولايات المتحدة في اليمن، على وجه الخصوص.

وبعد أن اتبعت الولايات المتحدة لفترة طويلة سياسة تجنب الحرب في اليمن، يبدو أنّ واشنطن، في ظل إدارة «ترامب»، وبشكلٍ متزايد، تنظر الآن للصراع من خلال منظور الخليج للتدخل الإيراني، حتى وإن كانت واشنطن تعطي الأولوية للقتال ضد تنظيم القاعدة.

وتجري حاليًا مناقشاتٌ تفصيلية داخل إدارة «ترامب» من شأنها أن توصي بتقديم مساعداتٍ أكبر للحلفاء في الخليج، الذين يقاتلون المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. ويقول المسؤولون أنّ ذلك قد يشمل توسيع نطاق مشاركة الاستخبارات الأمريكية.

وفي السعودية الأسبوع الماضي، قارن «ماتيس» دعم طهران للحوثيين بدعمها لحزب الله اللبناني الشيعي، وهو رأي طالما تبنته السعودية ودول الخليج الأخرى التي ترى الصلة بين المجموعتين.

وقال «ماتيس» للصحفيين في الرياض: «في كل مكانٍ تنظرون إليه، أينما وجدت المشاكل، فثَم إيران».

وترفض إيران الاتهامات السعودية بأنّها تقدم دعمًا ماليًا وعسكريًا للحوثيين في الحرب الدائرة في اليمن.

ويزيد التعاون بين الولايات المتحدة والخليج يومًا فيوم، بالنظر إلى قتال «القاعدة في جزيرة العرب»، وهي أولوية لدى الولايات المتحدة.

ويرى مسؤولون أمريكيون أنّ الحرب الأهلية الأوسع نطاقًا تشكل عقبةً أمام حملةٍ عسكريةٍ مستمرة ضد المسلحين، فضلًا عن تهديد مضيق باب المندب، وهو ممرٌ مائيٌ استراتيجي.

استعراض العضلات الإيراني في اليمن

وبالنسبة للعديد من المراقبين الأمريكيين والخليجيين، فإنّ دور إيران واضح في التطوير المتزايد والمستمر للقوات الحوثية.

وكانت الولايات المتحدة قد أطلقت «صواريخ كروز» على أهدافٍ للحوثيين العام الماضي بعد أن تعرضت سفينة حربية أمريكية لإطلاق نار من اليمن، كما اصطدم قاربٌ مفخخ بالمتفجرات ومتحكمٌ فيه عن بعد بمحركاتٍ تابعة لفرقاطة سعودية في 30 يناير/كانون الثاني، وهي أول ضربة تعرف من هذا النوع بسفينة «بدون قائد».

وقال نائب الأدميرال، «كيفين دونيغان»، في مقابلة مع «رويترز»: «لم تكن هذه الأسلحة موجودة قبل الحرب، ولم يكن هناك قاربٌ مفخخ في مخزون الأسلحة اليمنية».

وقال «دونيغان»، قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية، أنّ الصواريخ الباليستية التي أُطلقت على السعودية، تفوق في عددها عدة مرات مجموعة الصواريخ التي كانت لدى اليمنيين قبل الصراع.

وأضاف «دونيغان»: «عندما يكون لديك دولة غير كاملة مع أسلحة تشبه أسلحة الدول الكاملة، ويمكنها الوصول بها إلى المنطقة البحرية، فإنّها تثير الكثير من الاهتمام».

كما قارن مسؤولٌ بارزٌ في الإمارات الحوثيين بحزب الله، وقال أنّ الدعم الإيراني المتنامي قد ساعد في تعزيز موقفهم وحمايتهم من الضغوط التي تسعى لدفعهم للدخول في محادثاتٍ سياسية.

وقال المسؤول لـ «رويترز»: «إنّنا نشهد طائرات بدون طيار وصواريخ مضادة للدبابات ومضادة للسفن، بالإضافة إلى ألغام برية وبحرية».

وقد أيد «ماتيس» علنًا ​​الحل السياسي للصراع. بيد أنّ المسؤولين الأمريكيين قد اعترفوا أيضًا بأنّ الضغط العسكري الذي تقوده السعودية يمكنه المساعدة في خلق الظروف المناسبة لهذا الحل التفاوضي.

ومع ذلك، تستعد الحكومة اليمنية والائتلاف الذي يقوده الخليج لهجومٍ محتمل على ميناء الحديدة، وهو نقطة دخول نحو 80% من واردات اليمن الغذائية، لأنّهم يقولون أنّ الحوثيين يستخدمونه لتهريب الأسلحة والذخائر.

وقد اقترحت الحكومة اليمنية على الأمم المتحدة أن تراقب الحديدة.

ولم يستبعد مسؤولو إدارة «ترامب» المساعدة الأمريكية في حالة مضي التحالف قدمًا، غير أنّ المسؤولين الأمريكيين قالوا أنّ واشنطن لا تفكر في شن هجماتٍ على أهداف الحوثيين أو نشر قواتٍ برية.

وحذر «إريك بيلوفسكي»، الذي ساعد في صياغة سياسة اليمن لـ«أوباما»، من مخاطر هجومٍ قد يدفع اليمن إلى مجاعة رهيبة، واقترح أن تعزز قوات التحالف، بدلًا من ذلك، هجومها بالقرب من كتاف، لزيادة الضغط على الحوثيين.

قتال القاعدة في جزيرة العرب

وقد شنت الولايات المتحدة المزيد من الضربات الجوية هذا العام في اليمن عما كان الأمر عليه في عام 2016، في إشارةٍ واضحةٍ إلى تزايد مخاوف الولايات المتحدة، والتركيز على «القاعدة في جزيرة العرب»، وتعميق المشاركة في اليمن.

غير أن الغائب عن الصورة إلى حدٍ كبير هو الشراكة مع الإمارات، والتي تساعد على توجيه هذا النشاط المتزايد.

وقد أسرت القوات المدعومة من الإمارات عناصر من تنظيم القاعدة. وبينما كانت غارة يناير/كانون الثاني هي الأولى لـ«ترامب» حتى الآن في اليمن، إلا أنّه منذ بداية توليه منصبه، نفذت القوات اليمنية المحلية المدربة من قبل الإمارات أكثر من 250 غارة في عدن وما حولها، وفقًا لما ذكره قائدٌ بارز بالتحالف العسكري لـ «رويترز».

كما تم استعادة ميناء المكلا، العام الماضي، على يد 10 آلاف جندي، معظمهم من اليمنيين الذين دربهم التحالف.

وقال المسؤول الإماراتي البارز: «نشعر بالتشجيع الذي يقدمه دعم الولايات المتحدة والتحول من سياسة الطائرات بدون طيار إلى مزيدٍ من الانخراط. فلا يمكننا، حقيقةً، هزيمة القاعدة وطردها بسياسة الطائرات بدون طيار».

وقد تم تبادل المعلومات الاستخباراتية، التي تم جمعها من العمليات التي تدعمها الإمارات، مع الولايات المتحدة، والتي تعيد بناء معرفتها عن المجموعة منذ أن أجبرتها الحرب على سحب أفرادها عام 2015.

وقال القائد العسكري البارز في التحالف: «من حيث دعم الولايات المتحدة لنا أو دعم التحالف للولايات المتحدة، فإنّ الأمر مشترك بالفعل». وأضاف أنّ التحالف لديه قدراتٌ استخباراتية بشرية قوية تكملها القدرات المخابراتية والاستطلاعية القوية في واشنطن.

ومع ذلك، يعترف المسؤولون الأمريكيون بأنّ هناك الكثير مما لا يعرفونه. حتّى أنّهم غير قادرين على افتراض حجم «القاعدة في جزيرة العرب»، وكل الأرقام المقدرة لهم بالآلاف هي مجرد معلومات ضعيفة.

وبعيدًا عن أمور مثل زيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية، يقترب المسؤولون الأمريكيون من الموافقة على بيع ذخائر موجهة بدقة إلى المملكة العربية السعودية، والتي كانت محظورة أثناء رئاسة «أوباما».

وقد وُصف اجتماعٌ عقد مؤخرًا بين «ترامب» وولي ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، بنقطة التحول في العلاقات التي كانت باردة في ظل إدارة «باراك أوباما»، ولكن حذر البعض من علاقة غير منضبطة.

وقالت «آن باترسون»، النائبة السابقة لمساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في إدارة أوباما، والتي دعت إلى بيع الذخائر، أنّه يتعين على الولايات المتحدة مساعدة الرياض أيضًا في تحسين دقة استهدافها.

لكنّ البعض قد أعرب عن التخوف والحذر.

وقال «توم مالينوفسكي»، مسؤول حقوق الإنسان في وزارة الخارجية الأمريكية خلال إدارة «أوباما»: «إنّ الأمر يجعل الولايات المتحدة متواطئةً مرةً أخرى في الأعمال السعودية، والتي تسبب معاناةً كبيرةً لا نملك السيطرة الكافية عليها».

رويترز-