ملفات » قمة العزم

عزم ترامب جمع العرب .. فهل تهب عاصفة الرياض على منطقة الشرق الأوسط؟

في 2017/05/23

مبارك الفقيه- خاص راصد الخليج-

اعتلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنبر مدجّجاً بحضور معظم أركان إدارته وكبار المجموعات الاقتصادية العاملة في الولايات المتحدة، ولا سيما في مجال الصناعات العسكرية.. امتدت إليه أعناق ممثلي أكثر من 55 دولة عربية وإسلامية، ليعلن بدء العصر الأميركي – العربي الجديد في الشرق الأوسط.. صفق الحاضرون طويلاً وبحماسة.. عاد الهدوء إلى القاعة بسرعة وترقّب الجميع ما سيضيفه القائد الجديد للحلف العربي – الإسلامي.. قال ترامب: "إن أصدقاءنا لن يشكّكوا أبداً في دعمنا، ولن يشك أعداؤنا أبداً في عزمنا.." فكان الشعار: "العزم يجمعنا"، واجتمعت عبارة "لا إله إلا الله" التي تكلّل العلم السعودي مع النجوم الساطعة التي تزيّن العلم الأميركي في تقاطع متين يكرّس أكثر من مئتي سنة من العهود والاتفاقات التي بدأت مع سعود الأول ولن تنتهي مع سلمان وترامب.

شراكة الإسلام والرأسمالية

هذا هو العزم الذي انطلقت عاصفته منذ عامين في اليمن، حيث اجتاحت صواريخ المقاتلات الأميركية مناطق اليمن تحت لواء قوات التحالف العربية والإسلامية، وما زال هذا العزم ينمو أكثر فأكثر على قاعدة "شراكة ستعزز الأمن من خلال الاستقرار، وليس من خلال الإضطراب الجذري، وقرارات على أساس النتائج في العالم الحقيقي، وليس بناء على أيديولوجية غير مرنة".. إنه العزم الذي جمع لأول مرة في التاريخ بين الأيديولوجية العربية - الإسلامية وبين الأيديولوجية الرأسمالية في لقاء فريد لا بد أن ينتج عنه مسار ستراتيجي تم التأسيس له منذ عشرات العقود وآن الأوان لبناء مداميكه وتظهير هيكله.

ترامب بالعباءة والكوفية العربية

بكل عجرفته المعهودة وتكلّفه الظاهر، فاخر ترامب بأنه استطاع في زيارته للرياض، وعلى مدى يومين فقط، عقد ثلاث قمم حصد فيها مئات مليارات الدولارات، بحيث بلغت قيمة الصفقات العسكرية وحدها 460 مليار دولار من بينها فقرة فورية التسليم بحدود 110 مليارات دولار، تشمل منظومة صواريخ مضادة للصواريخ، ومنصات بحرية، وذخائر وقنابل ذكية.. والباقي، أي 350 مليار دولار، فسيجري تسليمها على مدى السنوات العشر المقبلة، هذا عدا الصفقات والاستثمارات المالية السعودية في مشاريع البنى التحتية الامريكية. وجاء من يهمس في أذن ترامب أن يتواضع، وهنا رقص المشغوف بالاعلام والشهرة جنباً إلى جنب مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الرقصة التراثية السعودية حاملاً السيف المأثور، وكان ينقصه ارتداء العباءة والكوفية العربية لييستعيد حضور "لورنس العرب"، ولكن هذه المرّة ليس جاسوساً بل فاتحاً حاملاً لواء السلام الأميركي من عاصمة الإسلام وحاضنة مقدّسات المسلمين.

تحالف الشرق الأوسط

حسناً فعل الملك سلمان في استدراج رئيس أقوى دولة في العالم، لتكون السعودية أول دولة خارجية يزورها ترامب، وفي هذا اعتراف أمريكي ودولي صريح بأهمية ومحورية المملكة في صياغة المرحلة المقبلة في المنطقة.. وحسناً فعل في فرض أجندة القمم الثلاث عليه والتي تهدف إلى تكريس افسلام كدين تسامح ومحبة وسلام.. وردّ ترامب التحية بأحسن منها معلناً الرؤية الاستراتيجية المشتركة بين البلدين، تحت عنوان "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي" بحلول 2018، في سعي فعلي وحقيقي لتحقيق الأمن والسلم في المنطقة والعالم، ومكافحة الإرهاب وخطاب التطرّف، وتعطيل موارد الإرهابيين، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة من يهددون السلام في الشرق الأوسط.. وتبادل الملوك والزعماء العرب نظرات الفخر وابتسامات الرضا، واختطلت تنهدات الاطمئنان، فيما تمتم ترامب بعد نزوله عن المنبر: "كان هذا يوماً هائلاً.. استثمارات هائلة في الولايات المتحدة".

سيعود حق فلسطين

لبّى العرب الطلب وأعلن عدد من الدول المشاركة في "التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب" استعداده لتوفير قوة احتياط قوامها 34 ألف جندي لدعم العمليات ضد المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا عند الحاجة، وهذا أحد الجوانب الباهرة التي استفاد منها العرب والمسملون من نتائج زيارة ترامب إلى الرياض، وبات على الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يطمئن إلى إمكانية استرجاع شعبه المشرّد حقوقه المسلوبة، وأثلجت قلوب الفلسطينيين الموزّعين في الشتات بأن المليارات السعودية التي ستملأ الخزائن الأميركية ستعود عليهم بالخير وستحلّ مشاكلهم الاقتصادية ولن يعود هناك فلسطينيون مشردون داخل الوطن يسكنون في بيوت التنك، وبالطبع حمل ترامب هذا الهمّ الذي حمّله إياه الملك سلمان ليقنع به رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وهو الذي يشاطر الأميركيين والسعوديين ومن اجتمعوا في الرياض مسؤولية القضاء على الإرهاب، وبالطبع فإن التسليح الأمريكي للسعودية لن يكون أبداً موضع تهديد لإسرائيل، فالتاريخ لم يسجّل يوماً تهديداً من هذا النوع، كما أن هذه الأسلحة الستراتيجية ستكون بإدارة أمريكية، وستكون موجّهة إلى الإرهابيين الذين يهدون السلام في الشرق الأوسط والعالم.

اطردوهم من الأرض

إنها ساعة الحقيقة.. وكما جمع العزم تحالف العرب والمسلمين في عاصفة اليمن، جمع عزم ترامب غالبية رؤساء الدول والممالك والإمارات العربية والإسلامية، ولم يعد أمام أحد من اليوم فصاعداً أي عذر للتخلّف..  قالها ترامب بكل وضوح: "هذه معركة بين الخير والشر، ولكن دول الشرق الأوسط لا يمكنها انتظار تدمير القوة الأمريكية لهذا العدو الإرهابي بالنيابة عنهم.. على أمم الشرق الأوسط أن تقرر نوع المستقبل الذي تريده لنفسها، وبصراحة، لعائلاتها وأطفالها.. إنه خيار بين مستقبلين – وهو خيار لا يمكن لأمريكا أن تأخذه بالنيابة عنكم.. اطردوهم من أماكن العبادة. أخرجوهم من مجتمعاتكم وأراضيكم المقدسة.. أطردوهم من الأرض".