ملفات » قمة العزم

لا تنخدعوا بخطاب «ترامب» في السعودية .. فهو لا يزال مروجًا للإسلاموفوبيا

في 2017/05/24

أمرٌ مدهش. من كان هذا الذي يتحدث في مركز الملك عبد العزيز للمؤتمرات في الرياض يوم الأحد؟

هل كان حقًا «دونالد ترامب»؟ هل هو صاحب «الإسلام يكرهنا»؟ هل كان المرشح الرئاسي الذي قال أنّه «سيدعم تمامًا» قاعدة بيانات لتتبع المسلمين، وادعى أنّ هناك «مشاكل رئيسية كبرى» مع اندماج المسلمين؟ هل هو الرئيس الذي وقع على أمر تنفيذي لمنع 170 مليون مسلم من 6 دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة، وعين مجموعة من مرضى الإسلاموفوبيا داخل إدارته؟ هل هو الذي اقترح أنّ سلفه كان مسلمًا في السر وهاجمه أيضًا لزيارة مسجد؟

لمدة 33 دقيقة في المملكة العربية السعودية بعد ظهر يوم الأحد، كان الانطباع الرائج عن «ترامب» أنّه معتدل. فقد ذهبت عبارة «الإسلام يكرهنا» لتحل محلها الإشارة إلى «واحدة من أكبر الديانات في العالم». وذهبت المقارنات المستمرة للاجئين بالثعابين وأحصنة طروادة، وحل محلها الثناء على الأردن وتركيا ولبنان «لدورهم في استضافة اللاجئين». وذهب الخطاب الانقسامي من كبار مستشاري ترامب «ستيفن بانون»، الذي ادعى أنّ «الغرب اليهودي المسيحي في صراع دموي ووحشي جدًا وحرب صريحة ضد الفاشية الإسلامية الجهادية»، وحل محله بيانٌ قاطع من ترامب نفسه «أنّ هذه ليست معركة بين مختلف الديانات والطوائف المختلفة أو الحضارات المختلفة».

ومع ذلك، كان الانطباع بالاعتدال مخادعًا. فبقدر ما أود أن أعتقد أنّ «ترامب» هو الآن «صديق حقيقي للمسلمين»، كما أعلن ولي ولي العهد السعودي بشكلٍ غير معقول، أو أنّ الرئيس قد ذهب إلى الرياض، بكلماته الخاصة، «لتقديم رسالة صداقة و أمل»، فإنّ ذلك سيكون ساذجًا وغير مسؤول كذلك.

الواضح تمامًا، هو ما لم يتم قوله في خطاب «ترامب». وعلى الرغم من التعامل غرفة مليئة بالأوتوقراطيين والديكتاتوريين والمستبدين من جميع أنحاء العالم الإسلامي، فإنّ كلمة «الديمقراطية» لم تظهر في أي مكانٍ في خطاب «ترامب» الذي بلغ 3400 كلمة. ولم يكن هناك أي إشارة إلى حقوق الإنسان أو الحرية. وكان جمهوره المستهدف يتألف من حكومات الدول ذات الأغلبية المسلمة وليس سكان تلك البلدان، بما في ذلك الناشطين والمعارضين والسجناء السياسيين والمتظاهرين الذين يكافحون من أجل انتخابات حرة ونزيهة، ولأجل الحقوق المدنية الأساسية.

لم يعترف «ترامب» بأكثر من ثلاثة ملايين مسلم أمريكي في أي مكان في خطابه. على عكس «أوباما» الذي أخبر جمهوره في القاهرة: «إنّ الإسلام كان دائمًا جزءًا من قصة أمريكا»، معتبرًا أنّه «منذ تأسيس الولايات المتحدة، كان للأميركيين المسلمين يدٌ في إثراء الولايات المتحدة. لقد قاتلوا في حروبنا، وخدموا في حكومتنا ... ولقد فازوا بجوائز نوبل، وبنوا أطول المباني لدينا، وأضاءوا الشعلة الأوليمبية». إذًا فلماذا لم يفتح «ترامب» حوارًا مع المسلمين في الداخل؟ هل لأنّهم لا يستطيعون أن يضمنوا له مليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة؟

ولا تتجاوز كلمات «ترامب» يوم الأحد آذان الحضور، بل إنّ أفعاله هي الأهم. هل سيطلق رئيسنا، صديق المسلمين، النار على أعضاء إدارته الذين شاركوا في التعصب المعادي للمسلمين؟ على سبيل المثال، النائب العام «جيف سيشنز»، الذي أشار إلى ما وصفه رئيسه «أحد الأديان الكبرى في العالم» بأنّه «أيديولوجية سامة»؟ أو وزير الإسكان والتنمية الحضرية «بن كارسون»، الذي قال، وهو مرشح، أنّه لا يجب السماح للأميركيين المسلمين بالترشح للرئاسة؟

ماذا عن «بانون»، كبير الاستراتيجيين في البيت الأبيض، الذي قال: «الإسلام ليس دين سلام. الإسلام دين رضوخ»؟ أو البروفيسور «ستيفن ميلر»، كبير مستشاري الرئيس في مجال السياسات، الذي قام بصياغة ما يسمى بالأمر التنفيذي للحظر الإسلامي، وأمضى أيام جامعته في مواجهة «الفاشية الإسلامية»؟ أو «مايكل أنطون»، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي ونائب مساعد الرئيس، الذي كتب أنّ «الإسلام والغرب الحديث غير متوافقين»؟ حسنًا، فقد ذهب «بانون» و«ميلر» و«أنطون» برفقة «ترامب» إلى المملكة العربية السعودية.

هل يمكن حقًا لـ 33 دقيقة أن تمسح عامين من الأكاذيب المعادية للمسلمين والشتائم ونظريات المؤامرة، وكلها ساعدت في المزيد من تغذية مجموعات الكراهية المعادية للمسلمين في الولايات المتحدة؟ هل يمكن أن تجعلنا ننسى وجود مراكز قوى معادية للمسلمين مثل «سيشنز» و«بانون» في أعلى مستويات الحكومة الأمريكية أو تجاهل مقترحات «ترامب» المروعة مثل حظر المسلمين؟

ما أتنبأ به، أنّه لن يمر وقتٌ طويلٌ قبل أن يعود الرئيس الأمريكي نفسه إلى نمط (معاداة الإسلام)، وخاصةً إذا وقع هجومٌ إرهابيٌ على أرض الولايات المتحدة. لا تنخدع بخطابٍ واحد. «دونالد» صاحب عبارة «الإسلام يكرهنا» سوف يعود قريبًا. فهو لم يذهب إلى أي مكان.

واشنطن بوست- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-