خاص الموقع

ما هكذا تورد الابل يا تميم

في 2017/06/05

مبارك الفقيه- خاص راصد الخلبج- 

ما هكذا تورد الإبل يا تميم.. وما كان هذا المؤمل من الأخ الأصغر قطر التي طالما نعمت برعاية الأخ الأكبر المملكة العربية السعودية التي أمّنت الغطاء الذي كانت تحتاجه منذ أن تنفّست هواء الاستقلال.. ها هي قطر وبعد أقل من 50 سنة على جعلها دولة لها كيانها الخاص، تتطاول على اليد التي امتدت لها، وتريد تزعّم منطقة الخليج؟! وهل تستطيع قطر ببضعة عشرات من آلاف القطريين أن تغزو بلاد الملايين من العرب الأقحاح وتفرض سطوتها عليها؟! ما هكذا يكون الوفاء.

علمنا علاقات قطر الخفية والمعلنة مع إسرائيل منذ زمن وسكتنا على ذلك، وقلنا إن ذلك يشكّل الباحة الخلفية لسياسة دول الخليج ومجلسها التعاوني، وأن لا ضير من انفتاح مطلوب يغطي العلاقات العربية – الإسرائيلية المستترة، وقدّرنا هذه التضحية .. نعم إنها تضحية بأن تظهر قطر كالإبن المشاكس الذي يسير في الخط المعاكس للقرار العربي حيال القضية الفلسطينية، ولعلّ هذا الأمر برّر لنا دوماً الارتماء في أحضان أميركا وتبرير استجلاب الكفار إلى أرض الإسلام، أرض مكة والمدينة وأرض الرسالة والرسول (ص)، وهو ما مهّد لدول أخرى كالامارات والبحرين في المضي في هذا الطريق سراً وعلانية بعد الأردن والسلطة الفلسطينية، دون أن تواجه المملكة أي إحراج.

علمنا دعمك لحركات الأخوان المسلمين وعلى رأسها حركة حماس، ورأينا في ذلك سياسة ذكية في التغطية على التناقضات، علاقة مع إسرائيل من جهة واحتضان لأعدائها من جهة ثانية، وسكتنا على احتضانك زعمائها لا سيما بعد اندلاع الثورة في سوريا، وكانت خطوة مباركة أن نتج عن ذلك إعلان معارضتهم للنظام في سوريا علانية وجهاراً، واعتبرنا ذلك تقدّماً مهماً سيقضي على أطماع إيران من خلال إسقاط حكم الأسد، وهو ما شكّل تكاملاً مع رعايتنا الدينية والمالية للحركات المعارضة المسلّحة التي استجلبناها من كل أصقاع العالم، وبذلنا من أجل ذلك المليارات الكثيرة من الدولارات، لتتشابك الأيدي والجهود تحقيقاً للهدف المشترك.

علمنا مغازلتك لإيران من باب العلاقة التجارية الضرورية، ومداهنتك لحزب الله في لبنان كاستتباع لهذه الضرورة سياسياً ومالياً، وقدّرنا دورك في تلميع صورة قرار وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006، لا سيما بعد إخفاق إسرائيل على الرغم من كل الدعم الأمريكي والغطاء الذي توفر عربيا للتخلّص من النفوذ الإيراني في لبنان، واعتبرنا أن ذلك يعفينا من التورّط المباشر في مسار التراجع والاعتراف بالخطأ في دعمنا الحرب الإسرائيلية، وعلى الرغم من شعورنا بالألم ونحن نرى أمير قطر يتجوّل في شوارع ضاحية بيروت ولكن هذا الأمر ساعدنا على العودة إلى سياق الموقف العربي عبر تمويل جهود حكومة لبنان أنذاك برئاسة السنيورة لإعادة إعمار ما تسبّب به حزب الله من دمار للبنان.

تغافلنا عن انتفاضاتك الغبية علينا في ما مضى، باستيعاب كريم من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، من باب المسامحة وإعطاء الفرص، ودعمنا علاقاتك وتوسّعها باتجاه روسيا وأمريكا، واعتبرنا أن ذلك من لزوم تكوين كيانك السياسي الذي يمكّنك من أن تكوني في موقع الطرف المقبول الذي يُعمل له حساب في المعادلات الإقليمية والدولية، ولكن ها هو الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد جاء إلينا بكل إدارته واعترف بزعامة المملكة للخليج والوطن العربي والإسلامي، ولا مشكلة لدينا في أن نوظّف كل مواردنا المالية والسياسية والبشرية في تدعيم هذه الزعامة، وإذا كانت قطر تظن أن بألعابها هذه قد تشوّش على هذا الأمر فإنها واهمة.

إن طموحك الجامح يا قطر تجاوز كل حدود، ولم يعد لصبرنا من مجال للكبت وآن أوان نفاذه، وبات من الضرورة كسر الأيدي وتقليم الأظافر، وسندكّ كل ما بنيته لأن دورك قد انتهى ولم يعد لديك من وظيفة تقومين بها، وسينتهي معك كل من يدعمك أو يقوّيك على أسيادك، فها هي علائم تكوين شرق أوسط عربي جديد تلوح في الأفق القريب، ولن يكون لك مكان فيه إلا في حالة واحدة، ولا يزال المجال مفتوحاً من نافذة واحدة..أنظري أين تتموضع شقيقاتك الخليجيات والعربيات وعودي إلى الحظيرة السعودية.