خاص الموقع

التنمّر السعودي يجتاح دول الخليج.. وقطر ضحية أولى

في 2017/06/13

مبارك الفقيه- خاص راصد الخليج-

لم تكن المملكة العربية السعودية في أي فترة سابقة أكثر تنمّراً مما هي اليوم، ولم يكن الخطاب السعودي تجاه الدول العربية "الشقيقة" أكثر حدّة مما هو راهناً، وكأنّها استخرجت كل أحقاد الماضي وأفرغته دفعة واحدة في فترة قياسية والضحية: قطر. وتبدو السعودية واثقة من موقعها وأدائها المتنمّر حيال الإمارة الصغيرة التي خدعها ظلّها وهو يكبر على الأرض فيما هي مكبّلة بإجراء سعودي لم تكن تتوقعه.

قطر تحت الحصار الاقتصادي

إختيار قطر كضحية أولى للحلف الأمريكي – الخليجي الجديد ارتكز على العديد من العناصر الاقتصادية في الدرجة الأولى، حيث يمثّل التبادل التجاري بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي نحو 12 % من إجمالي حجم التبادل التجاري لقطر مع دول العالم، و84 % من حجم التبادل التجاري لقطر مع الدول العربية، و83 % من واردات قطر من دول الخليج تأتي من دولتين هما الإمارات (56 %) والسعودية (27 %)، وتستحوذ السعودية والإمارات على 65 % من صادرات قطر إلى الدول العربية، ومعظم التبادلات التجارية من وإلى قطر تأتي برّاً عبر منفذ أبو سمرة، وهو الوحيد الذي يربط جزيرة قطر باليابسة، وأي اعتماد لقطر على الدول الخارجية سيدخها في سياق الانفاق المرتفع بسبب الحصار البري والبحري.

الكويت قلقة من المستقبل

تُعتبر قطر الطرف الأضعف في تشكيلة مجلس التعاون الخليجي بالنسبة للسعودية، ومن المرجّح - في حال استمرارها برفض الخضوع للسعودية - أن يزيد هذا الحصار خنقاً لقطر في ظل مؤشرات بإيعاز أمريكي للمصارف العالمية بوضع قيود على التبادلات المالية والتجارية لقطر، وفيما تبدو الإمارات المتحدة والبحرين مطمئنتين حيال التنمّر السعودي، يعتمل في صدور أمراء الكويت الكثير من القلق حيال المستقبل القريب، وهي الإمارة التي طالما حظيت بالاحترام لدى زميلاتها الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، ولكنها اليوم تمر في حالة من العزلة المقنّعة بحيث يبدو أميرها جابر الأحمد الصباح كالطرف الذي يتقاذفه الصبيان الذين باتوا يتحكمون بالقرار السعودي والإماراتي، وهو قلق سيدفع الكويت تلقائياً إلى الخضوع لقرار ملك السعودية الفعلي محمد بن سلمان الذي يرى أنها في عصره الذهبي الذي يتيح له اجتياح دول الخليج وتنصيب نفسه حاكماً على المنطقة بدون منازع.

إسقاط قطر هدف مشترك

أخذت السعودية القرار بإنهاء الحالة القطرية المستجدّة يشجعها على ذلك عدم ممانعة واشنطن، واستعارت من القاموس الأمريكي شعار "محاربة الإرهاب" في حشر قطر بالزاوية وتصويب سهامها الحارقة عليها، تساعدها في ذلك الإمارات التي تستاء من التغوّل القطري المالي والسياسي في المنطقة والعالم، وكذلك البحرين التابعة للبلاط السعودي والتي يجمعها بقطر تاريخ حافل بالحروب والمواجهات على أكثر من صعيد، أما مصر فهي تجد في إسقاط قطر هدفاً دائماً يتّصل بدعمها لحركة "الأخوان المسلمين"، فضلاً عن استياء الحكم في مصر من تنامي نفوذ قطر كقوة إقليمية فاعلة على حساب النفوذ المصري حيال الدول العربية، وهناك شواهد كثيرة على الأداء القطري المتأمّر، ولا سيما خلال انعقاد اجتماعات الجامعة العربية.

السعودية راعية الإرهاب

حتى الأمس القريب كانت قطر شريكة السعودية تحت عنوان "محاربة الإرهاب" الذي سوّقته الإدارات الأميركية المتعاقبة، وكانتا إلى جانب الإمارات المثلث الخليجي الأساسي في التمهيد لقبول "إسرائيل" ككيان مقبول لدى المجتمع العربي والإسلامي، ورأس الحربة في تغيير معادلة الصراع العربي – الإسرائيلي، لتصبح الصراع العربي – الإيراني، تحت ذرائع عرقية واهية. ولن تنجح السعودية في درء تهمة دعم الإرهاب الداعشي عنها مهما حاولت تلميع تاريخها، ولن تنفع لائحة الاتهام، المصاغة بأسلوب أمريكي، والتي تضمنت شخصيات ومؤسسات قطرية أو مدعومة من قطر، في تلميع صورتها السوداء، أو أن تغيّر مسار التاريخ الذي يحفل بمعظم - إن لم نقل كل - عمليات القتل والإجرام والإرهاب التي كانت السعودية تمولّها أو تشارك في تنفيذها.