علاقات » اميركي

تحقيق استقصائي: كيف اشترى «بن زايد» النفوذ الأمريكي؟

في 2017/06/14

كشف تحقيق استقصائي موسع أسرار نجاح «محمد بن زايد» في اقتناص منصب ولي عهد أبوظبي في تسعينيات القرن الماضي، بمباركة أمريكية، وتحويل دفة بلاده من التحالف الاستراتيجي مع أوروبا، ممثلة في بريطانيا وفرنسا، إلى التحالف مع الولايات المتحدة.

التحقيق الذي أعده المحرر السياسي «محمد السعيد»، ونشره موقع «الجزيرة.نت»، يستعرض، كذلك، كيف تمكن «بن زايد» من تكون شبكة مرتزقة إعلامية وبحثية هائلة في الولايات المتحدة من خلال توظيف المال.

علامة فارقة

ويبدأ التحقيق بعلامة فارقة في هذا الصدد، وذلك قبل نحو 20 عامًا، وتحديداً في عام 1998؛ حيث كانت العائلة الحاكمة في الإمارات تعيش توترات مع صعود ملف خلافة الشيخ «زايد آل نهيان» إلى الواجهة، مع مرضه وإصابة «خليفة» ولي عهده بمرض في القلب بعد عملية أجراها عام 1995.

 ومع كون الشقيق الآخر، نائب رئيس الوزراء «سلطان بن زايد»، لا يتمتع بالكاريزما الكافية لتجاوز المعارضة لتوليه السلطة داخل عائلة «زايد» نفسها، كان التوتر يحتدم مع المنافسين المترقبين في دبي، مع قرب خلو مقعد رئيس الإمارات والأهم ولي عهده.

وفي ذلك الوقت كان توجهات الإمارات الرسمية تميل لأوروبا، وخاصة فرنسا وبريطانيا، لكن «محمد بن زايد»، الذي كان في الثلاثين من عمره في هذا الوقت، كان يخطط لإفساد كل ذلك، ونقل الدفة بأكملها إلى واشنطن، والأهم هو تأمين وصوله إلى مقعد ولي العهد، أو بالأحرى مقعد الحاكم الفعلي للإمارات مع ضعف «خليفة» المرشح الأول المتوقع.

كان الشاب «محمد بن زايد»، الشاغل لمنصب رئيس أركان الجيش الإماراتي، يدرك أن واشنطن لا تمنح مباركتها مجانًا، وأن الأمور تحتاج لما يشبه ضريبة تقديم الولاء إن جاز التعبير.

وتمثل هذا الولاء في صفقة ضخمة لشراء 80 مقاتلة من طراز «إف 16 بلوك 60» ضمن ما سوقه على أنه خطة شاملة لتحديث سلاح الجو الإماراتي، والتي بلغت تكلفتها 7 مليارات دولار، ورغم المعارضة لذلك داخل الأسرة الحاكمة، والميل لشراء طائرات فرنسية أو بريطانية نجح «بن زايد» في تمرير الصفقة، وتعدى الأمر، إلى تأمين منصب ولاية العهد، بمباركة واشنطن، والتي كان يرأسها آنذاك «جورج بوش الابن»، كثمن لتولي أخيه غير الشقيق خليفة رئاسة البلاد في أعقاب وفاة زايد الأب.

 كانت الولايات المتحدة تبحث عن موطن قدم لها في الاتحاد النفطي، وكان الأمير الشاب يبحث عن حلفاء يدعمون طموحاته للصعود إلى السلطة، لذا فإن الصفقة كانت رابحة لكلا الطرفين.

درس صفقة «موانئ دبي»

ومنذ صعوده إلى ولاية لعهد، واصل «محمد بن زايد» تعزيز نفوذه في واشنطن، في الوقت الذي كان يرسخ فيه سلطته أيضًا داخل سائر إمارات الاتحاد.

وعودة إلى استغلال المال مجدداً كسبيل لتعزيز العلاقات مع واشنطن، سعت شركة «موانئ دبي العالمية» إلى إبرام صفقة للحصول على حقوق إدارة 6 موانئ بحرية أمريكية، إضافة إلى عقود صيانة 12 ميناء آخر، لكن تلك الصفقة لم تجد طريقها إلى النور مع تشكل معارضة قوية له داخل الكونغرس  لخطورة ما تنطوي عليه من منح السيطرة لدولة أجنبية على الموانئ الأمريكية.

الأمر الذي دفع موانئ دبي إلى إعلان انسحابها من الصفقة، وبيع أصولها في الولايات المتحدة إلى إحدى الشركات الأمريكية.

بالنسبة إلى صناع القرار في الإمارات، كان درس موانئ دبي واضحًا: لا تزال العلاقات مع الولايات المتحدة تحتاج لمزيد من الاستثمار، كما أنها تحتاج إلى نهج مختلف أيضًا لضمان رعاية المصالح الأمنية والاقتصادية المتنامية للاتحاد الخليجي.

ورغم أن الإمارات كانت توظف في ذلك التوقيت، (مارس/أذار) 2006، 16 مجموعة ضغط بعقود سارية في واشنطن، إلا أنها قامت برفع هذا العدد بشكل درامي إلى 24 مجموعة ضغط بعد 9 أشهر فقط، في (يونيو/حزيران) 2007، منها مجموعتين تم التعاقد معهما من قبل حاكم دبي «محمد بن راشد» مستخدمًا اسمه الشخصي، وفق بيانات وزارة العدل الأمريكية.

دور «يوسف العتيبة»

 لكن النقلة النوعية للنفوذ الإماراتي وقعت في 2008، حين تم تسمية «يوسف العتيبة»، مدير الشؤون الدولية السابق لـ«محمد بن زايد»، سفيرًا للإمارات لدى واشنطن.

وسرعان ما بزغ نجم السفير الجديد، وكان الاختبار الأول له في 2009، حين كانت أبوظبي تتفاوض مع واشنطن من أجل التوصل إلى «اتفاقية 123»، نسبة إلى المادة 123 من قانون الطاقة النووية الأمريكي لعام 1954، بهدف الحصول على التكنولوجيا النووية الأمريكية.

وتروي وثيقة لـ«ويكيليكس»، يعود تاريخها إلى 2009، تفاصيل اجتماع جرى بين «العتيبة»، ووزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك «هيلاري كلينتون»، ووزير الخارجية الإماراتي «عبد الله بن زايد»، لمناقشة الإجراءات التي يمكن أن تتخذها دولة الإمارات لتشجيع الكونغرس على تمرير الاتفاق.

اتخذ «العتيبة» فلسفة جديدة في صناعة النفوذ، تكشفت بشكل أكبر خلال رسائله المسربة مؤخرًا: تتطلب صناعة النفوذ أكثر من مجرد إلقاء الأموال إلى جماعات الضغط، التي يضمحل تأثيرها، بسبب المنافسة، في غياب شبكة علاقات حقيقية داعمة، يتم صناعاتها ورعايتها بشكل مباشر من قبل الدولة صاحبة المصالح نفسها. تبدأ هذه الشبكة من المسؤولين الأمنيين والسياسيين، ولا تنتهي عند الباحثين والصحفيين، وهو الأسلوب الذي تعلمه «عتيبة» من تداخله مع أعمال اللوبي الصهيوني في واشنطن.

وعلى عكس ما قد يبدو، فإن هذه الفلسفة الجديدة تتطلب إنفاق المزيد من المال من أجل صناعة الشبكة المطلوبة؛ لذا تشير بيانات وزارة العدل الأمريكية أن الإمارات أنفقت 5.3 مليون دولار على 23 جماعة ضغط في 2009، وهو ارتفاع ملحوظ في متوسط الإنفاق مقارنة بالأعوام السابقة.

مثل الربيع العربي نقطة فارقة جديدة في مساعي الإمارات لاكتساب النفوذ في واشنطن، مع الذعر الذي أصاب حكام البلاد من امتداد موجة التغيير إلى ديارهم.

وأظهر الإنفاق الإماراتي على الضغط السياسي منحنى تصاعديًا منذ عام 2011 إلى اليوم، فكان الرقم أقل من 6 ملايين دولار حتى عام 2010، إلا أن هذا التصاعد دفع الإمارات لتصدر قائمة الدول الأجنبية المنفقة على الضغط في واشنطن عام 2013، وهو العام الذي شهد الانقلاب العسكري على الرئيس المصري «محمد مرسي»، بواقع 14.2 مليون دولار.

في الأعوام التالية من 2014 إلى 2016، أنفقت أبوظبي مبالغ مالية مماثلة تقريبًا لتعزيز علاقاتها في واشنطن، وهي جهود تكللت بحصولها على نظام الدفاع الصاروخي «ثاد».

وترتبط الإمارات في الوقت الراهن بعقود سارية مع 13 مجموعة ضغط أمريكية على الأقل، وفقًا لبيانات وزارة العدل الأمريكية. وتهيمن «مجموعة كامستول» على معظم عمليات الضغط الإماراتية بعقد بقيمة 6.5 مليون دولار، تليها مجموعة «هاربر» بعقد قيمته 4.5 مليون دولار.

ومع هذا القدر الكبير من الاستثمار الإماراتي في واشنطن، فإن عمل هذا اللوبي، لا يقتصر فقط على دفع تعزيز مصالح أبوظبي الاقتصادية والأمنية، والدفاع عنها، ولكنه يقع أيضًا في القلب من جهود حكام الإمارات المذعورين في تقويض ومطاردة خصومهم السياسيين، الداخليين والخارجيين، وعلى رأس هؤلاء الخصوم جماعات «الإسلام السياسي» التي حملها الربيع العربي إلى الصدارة، والدول التي تدعمها وفي مقدمتها قطر.

«مجموعة كامستول».. فرس الرهان

كانت «مجموعة كامستول» هي فرس رهان الإمارات في عام 2014، وهو العام الذي شهد حملة إعلامية شرسة في واشنطن، برعاية أبوظبي، استهدفت الدوحة وجماعات «الإسلام السياسي»، وعلى رأسها جماعة «الإخوان المسلمين»، حملة جاءت متزامنة مع حملة موازية من التصعيد السياسي للإمارات والسعودية، وتضمنت سحب سفراء الدولتين، إضافة إلى البحرين، من قطر في (مارس/أذار) من نفس العام.

وبدأت خيوط اللعبة تتكشف في (أغسطس/آب)، حين تلقى الصحفي الشهير في «نيويورك تايمز»، «ديفيد كيركباتريك»، اتصالًا من «مجموعة كامستول» طلبت منه كتابة مقال يتناول العلاقة بين الدعم القطري و«الجماعات الإرهابية».

وفي حين لا يحظر القانون الأمريكي على الصحفيين تلقي الوثائق من جماعات الضغط، إلا أن إفصاح «كيركباتريك» عن تواصل «كامستول» معه فتح الباب أمام تحقيق موسع، أجرته صحيفة «ذا إنترسبت»، حول طبيعة عمل «مجموعة كامستول»، وحقيقة الجهة التي تقف وراءها، وهي التحقيقات التي أشارت في النهاية إلى دولة الإمارات، والتي وظفت «كامستول» من خلال عقد تم توقيعه عام 2012 باسم مؤسسة «أوت لوك» لاستثمارات الطاقة المملوكة لإمارة أبوظبي.

توظف «كامستول» مجموعة من كبار مسؤولي وزارة الخزانة السابقين في كلٍ من إدارتي «بوش» و«أوباما»، معظمهم على علاقة مع أنظمة الخليج العربي و«إسرائيل»، والكثير منهم من المنتمين إلى تيار المحافظين الجدد.

وعلى رأس هؤلاء يأتي مؤسس «كامستول» ورئيسها التنفيذي «ماثيو إبشتاين»، وهو مسؤول سابق في وزارة الخزانة، وملحق مالي سابق لدي أبوظبي. وتظهر برقية دبلوماسية تعود إلى عام 2009 أن «إبشتاين» عمل مع أبوظبي من أجل تنسيق الضغط ضد إيران.

وهناك أيضًا «هوارد مندلسون»، الذي سبق أن عمل مع الإمارات عام 2010 ضد طالبان و «بنيامين شميت»، الذي عمل مع «إسرائيل» في مواجهة «حماس».

ووفق تحقيقات «ذا إنترسبت»، تتبنى «كامستول» استراتيجية عمل واضحة للغاية؛ حيث تستهدف قوائم الصحفيين من المحافظين الجدد، والكتاب الموالين لـ«إسرائيل»، من أمثال «إيلي لايك» من مجلة «ديلي بيست»، و«ألانا غودمان» من مجلة «فري بياكون»، و«إليوت إبرامز» أحد أهم المستشارين السياسيين السابقين في الأوساط المحافظة والموصوف بـ«زعيم المحافظين الجدد»، و«جينيفر روبين» من «واشنطن بوست»، و«مايكل روبن» من معهد «أمريكان إنتربرايس».

إضافة إلى الإعلاميين الناشئين، مثل «إيرين بيرنيت» من «سي إن إن»، و«مارك هوسينبال» من «رويترز»، و«جوبي واريك» من «واشنطن بوست» وغيرهم، وتدفعهم لكتابة مقالات وتغطيات تربط بين الدوحة وتمويل «الجماعات الإرهابية».

وأعطى التحقيق مثالا بالصحفي «إيلي ليك» الذي يكتب لصالح مجلة «ذا ديلي بيست» وعدة صحف أمريكية أخرى.

وكيف أن هذا الصحفي كتب مقالات عدة تهاجم قطر، ومنها مقال في «ديلي بيست» وصف فيه قطر بأنها من «أصدقاء الإرهابيين» عندما أعلنت إدارة «أوباما» عن خطة لإطلاق سراح معتقلي غوانتانامو وإرسالهم إلى قطر.

وعاد «ليك» للهجوم على قطر مرة أخرى في 31 (مايو/أيار) الحالي، عبر نشر مقال في «بلومبيرغ» أثنى فيه على الحملة الخليجية ضد قطر.

لا يبدو الأمر مقتصرًا على الصحفيين فحسب، حيث تشمل القائمة أيضًا العديد من الدبلوماسيين والمسؤولين السابقين منهم، على سبيل المثال فقط لا الحصر، الدبلوماسي الأمريكي السابق «دينيس روس»، مبعوث السلام إلى الشرق الوسط في عهد إدارتي «بيل كلينتون» و«بوش الابن».

في (سبتمبر/أيلول عام) 2014 نشر «روس» مقالا في صحيفة «نيويورك تايمز» بعنوان «الإسلاميون ليسوا أصدقاءنا»، طالب فيه إدارة «أوباما» بالتعاون مع الإمارات ونظام الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» في مصر في مواجهة «التيارات الإسلامية»، مثل «الإخوان» و«حركة حماس»، معرضًا بدعم قطر لهذه الحركات خلافًا للإمارات والسعودية.

الاستثمار في الفكر أيضًا

لا يقتصر عمل الإمارات في واشنطن على اللوبيات وجماعات الضغط فقط، وكان هذا هو أحد الدروس الكبيرة التي تعلمها حكام الإمارات من حادثة موانئ دبي السالف ذكرها.

في ذلك التوقيت لم يكن الكثيرون في واشنطن يعرفون شيئًا عن دبي سوى أنها إمارة قادمة من عالم النفط لشراء بلادهم، وهو ما لفت نظر حكام الإمارات أن عليهم الاستثمار في الفكر أيضًا.

لذا فإنه في نفس التوقيت الذي كانت الإمارات تنسج فيه اللوبي الأخطبوطي الخاص بها، فإنها بدأت أيضًا في الاستثمار في مراكز الأبحاث المقربة من الحكومة الأمريكية، وكانت البداية مع «مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية» (CSIS)، الذي قام في 2007، بدعم وتمويل إماراتي، بعقد سلسلة ندوات حول الأهمية الاستراتيجية لدول الخليج، وسبل إقامة شراكة بناءة مع الولايات المتحدة.

 كما دفعت الإمارات المركز لتنظيم رحلات سنوية إلى منطقة الخليج، حملت العشرات من الخبراء الأمنيين والسياسيين للقاء المسؤولين في أبوظبي ودبي.

ووفق تحقيق شهير أجرته صحيفة «نيويورك تايمز»، ساهمت ما لا يقل عن 64 حكومة أجنبية، أو كيانات ومسؤولين في دول، في تمويل 28 منظمة بحثية رئيسية في الولايات المتحدة، بإجمالي إنفاق يزيد عن 92 مليون دولار، في الفترة بين 2010 إلى 2014 في أدنى التقديرات.

وبينما لا تزال دول آسيا، اليابان والصين على وجه التحديد، تحتلان موقع الصدارة في هذا المضمار، فإن دول الخليج تأتي في المرتبة التالية مباشرة، وكالعادة فإن «هوس الإمارات» بالنفوذ يحملها إلى الصدارة أيضًا.

على رأس هذه المراكز التي تم ربطها بالنفوذ الإماراتي مؤخرًا يأتي «المجلس الأطلسي»، وهو مؤسسة بحثية مقرها العاصمة واشنطن، قامت بإطلاق فرع الشرق الأوسط الخاص بها تحت اسم مركز «رفيق الحريري» في 2011.

وتظهر بيانات المركز، الذي يتلقى 20% من تمويله من جهات أجنبية، إدراجه للإمارات ضمن فئة المانحين بمبلغ أكبر من مليون دولار.

وقد كشفت الرسائل المسربة من بريد السفير «العتيبة» المزيد حول علاقات الإمارات مع «المجلس الأطلسي»، ومنها مناقشات بعمل فيلم وثائقي حول فساد الفيفا يربط بينها وبين قطر.

بالإضافة إلى «المجلس الأطلسي» و«مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية»، تظهر الإمارات أيضًا ضمن قائمة مانحي مراكز بحثية مرموقة مثل «بروكينغز» -المرتبط اسما بالدوحة-، ومؤسسة «راند»، و«مركز التقدم الأمريكي» وغيرها.

وتسعى الإمارات لتوظيف نفوذها في هذه المراكز من أجل التأثير على صناع القرار الأمريكيين، لاتخاذ مواقف موافقة لرؤيتها في الملفات الحساسة، مثل التعامل مع إيران أو «الإسلام السياسي»، كما تسعى أيضًا لضمان الحماية السياسية لمجموعتها الواسعة من المصالح التجارية، وعلى رأسها المتعلقة بضمان حرية الطيران في الأجواء الأمريكية.

تمويل الجامعات

ومن المراكز البحثية إلى الجامعات.

وفي هذا الصدد، يحكي «أندرو روس»، الأستاذ بجامعة نيويورك قصة جديدة حول شراء الإمارات للنفوذ في جامعات أمريكا.

ومن ذلك «جامعة نيويورك» التي فتحت أحدث فروعها في أبوظبي عام 2014، وكلية إدارة الأعمال في «جامعة ميتشجان»، التي تملك فرعًا لها في دبي.

عد مرور ثمانية أعوام تقريبًا على واقعة موانئ دبي الشهيرة، وبشكل أكثر تحديدًا مع انتصاف عام 2014، حققت الإمارات أكبر انتصاراتها في مجال التصنيع داخل الولايات المتحدة، بعد أن تمكنت شركة إماراتية تدعى «غلوبال باوندريز» من الدخول في مناقصة، بقيمة 1.5 مليار دولار، للسيطرة على عدة مصانع في نيويورك وفيرمونت. والمثير هنا أن هذه المصانع هي المسؤولة، وحدها، عن تصنيع وبيع الإلكترونيات الدقيقة وأشباه الموصّلات لشركة «آي بي إم».

 كانت الصفقة شديدة الحساسية لدرجة احتياجها لتصريح من لجنة الاستثمار الخارجي في الولايات المتحدة، لأنها كانت تعني أن المتعهد الأول لتزويد وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» بأشباه الموصلات الخاصة بالأنظمة الدفاعية، سوف يكون شركة أجنبية، إلا أنه تمت الموافقة عليها في نهاية المطاف.

المال وحده لا يكفي

الكثير من المال والقليل من الوقت كفيلان بتغيير كل شيء، يبدو أن تلك القاعدة هي ما يؤمن به «بن زايد» ورجاله في واشنطن، الذين ينظر إليهم اليوم في العاصمة الأمريكية كمصدر غير محدود للمال اللازم لتمويل أي شيء.

لكن يبدو أن هناك حدودًا لما يمكن أن يشتريه المال، حتى هنا في واشنطن.

فرغم أن الإمارات استثمرت عشرات الملايين لتحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة، فضلًا عن مئات الملايين التي تنفقها الحكومة الإماراتية في العمل الخيري، ومليارات الدولارات من الاستثمارات في الشركات الأمريكية، فإنها فشلت في إقناع الإدارة الأمريكية بتزويدها بمقاتلات «إف-35» ، بسبب حرص واشنطن على التفوق النوعي لـ«إسرائيل»، البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي منحته الولايات المتحدة حق الحصول على تلك الطائرات. كما منيت جهود الإمارات في مناهضة الاتفاق النووي الإيراني بفشل ذريع، رغم الأموال الباهظة التي أنفقتها بصحبة السعودية على معارضة الاتفاق.

الخليج الجديد-