ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

لا تزجوا بالشعوب في أزمة قطر

في 2017/06/30

أمجد المنيف- الرياض السعودية-  

من أهم الأمور في التعاطي مع القضايا، وخصوصاً عندما تتم الاستعانة بالتاريخ والخبرات، عدم إخراج الحالة من السياق، وإسقاط الظروف في أزمنة لا تتشابه، لأن المقارنة تصبح وقتئذ غير عادلة، أو مشوهة، أو لنقل لن تتطابق النتائج، وهذا كافٍ لعدم تجاهل ما يساعد على فهم التفاصيل.

في الأيام القليلة الماضية، منذ بداية الأزمة القطرية، تمت إعادة تدوير للمقولات والمقالات، المواقف والآراء، بعضها قديم جداً، وأخرى نصف قديمة، جاءت بالصدفة، وغيرها تجدولت بفعل فاعل، لتسيير الرأي العام. ولعل أكثر ما مر بي ما نسب إلى المبدع الراحل الدكتور غازي القصيبي: "دعوا الشعوب ولا تزجوا بها في الخلاف. الشرخ بين الزعامات يسهل رأبه، أما الشرخ بين الشعوب فيورث حقداً أسود، تتوارثه الأجيال.."، وهي كلمات مهمة ونوعية، وقد رأيت التعليق عليها عبر عدة نقاط:

أولاً: من اليوم الأول للأزمة القطرية ونحن نقول: إن المشكلة مع المراهقات السياسية، لدى الدوحة، وليس لدينا مشاكل - على الإطلاق - مع الشعب القطري، الكيان القطري أكبر من مؤامرات تقوم بها الدوحة. ولدينا أصدقاء كرام، من قطر، والاحترام باقٍ بالتأكيد.. المزايدة على علاقتنا بالشعب القطري مرفوضة، ولعل هذا كان واضحاً في بيان إعلان المقاطعة، والذي نص على الوقوف بجانب الشعب دائماً.

ثانياً: ما قاله غازي القصيبي كان في زمن ليس للناس منصاتهم الخاصة كما يبدو، التي يعبرون بها عن مواقفهم، وهو مفهوم وقتها، لكن الوضع تغير كثيراً، مع ثورة التواصل والتقنية. أصبح الناس، معظم الناس، جزءاً من حراك عام، يهتم بمختلف الأصعدة، السياسة والاجتماع والاقتصاد والرياضة والفن، وغيرها.. الكل أصبح صاحب رأي، هو ليس ملزوماً بالتعبير عنه، لكن التعاطي الجمعي يجبر - وأتمنى أن أكون موفقاً في وصف الإجبار - على طرح الرؤى والمشاركة.

ثالثاً: يميل الناس غالباً للتفتيش عن وجهات نظر قادة الرأي في القضايا، الذين زادوا وتناموا، واختلط الأمر بينهم وبين غيرهم، مع ضرورة الإشارة لاختلاف وتطور مفاهيم ومعاني "قيادة الرأي"، ووجود مجتمعات كثيرة مختلفة ومتباينة، حقيقية وافتراضية، لذلك يلاحقونهم عند أي حدث، لمعرفة رؤاهم. لأنهم يتأثرون، وهذا الأهم، وأحياناً للتقييم والمقارنة.. وهذا بالضرورة يتسق مع حدث أزمة قطر الكبير. أعتقد أن الكثيرين ينتظرون رؤى كثيراً من الصامتين، وبعيداً عن جدل وجوب حديثهم من عدمه، ولكن هذا ما يحدث.

قبل أن أنهي، وتماشياً مع علاقة الشعوب في عبارة القصيبي، تذكرت ما سألني عنه صديق قبل يومين: ماذا لو عادت العلاقات مع قطر؟ أجبته فوراً: موقفي من قطر منطلق من موقف السعودية، وليس موقفاً شخصياً، وهو متماهٍ معها بالكامل. كما أنه، وفي نفس الوقت، إذا تراجعت قطر عن سياساتها المتخبطة، واستجابت للمطالب، فبالتأكيد ستتغير الآراء. وهي إجابة لسؤال كثيرين، لم يطرحوه بعد. والسلام