علاقات » تركي

صبرنا على قطر 150 سنة وليس 20 سنة فقط

في 2017/07/08

سعيد الوهابي- الرياض السعودية-

ذاكرتنا التاريخية الببغائية التي تكرر "صبرنا عليكم عشرين سنة" والتي نشاهدها في كل القنوات الإخبارية ينبغي أن تنتهي، في الملف الحدودي صبرنا على قطر 80 سنة، الخلاف بين السعودية وقطر كان الأطول مقارنة بكل الأشقاء الخليجيين، فقد استمر بين البلدين من عام 1913 حتى العام 1999 حين تحالف عراق صدام وإيران مع قطر ضد السعودية. نحن صبرنا 150 سنة وهناك الكثير من الشواهد في تاريخ قطر، من استقطاب مشايخ نجد مطلع القرن العشرين إلى الدوحة ومحاولة تقويض فكرة اتحاد إمارات الخليج في الستينات إلى مؤامرة أفراد من عائلة آل ثاني عام 1983 عندما تم الكشف عن مؤامرة لتفجير شيراتون الدوحة لاغتيال حكام الخليج أثناء اجتماعهم لقمة مجلس التعاون.

تم توقيع الاتفاقية الشهيرة عام 1868 بين المقيم البريطاني وأول حاكم قطري وهو محمد آل ثاني والتي تقرر من خلالها الحماية البريطانية لقطر تحت حكم آل ثاني. بعد الاتفاقية ذهب ابن الحاكم ويدعى جاسم (أو قاسم) بن محمد لتوقيع اتفاقية دفاع أخرى مع ممثل الدولة العثمانية في الأحساء، وهذا ما حدث بالفعل فقد وصلت طلائع القوات العثمانية إلى قطر في صيف العام 1871 واستقبلها جاسم بالورود ورفع علم الدولة العثمانية على قصره على الرغم من امتعاض والده، وتقلد جاسم منصب "قائم مقام" براتب سنوي من الدولة العثمانية، لم يكن جاسم محباً للأتراك ولكنه رضخ لهم واستجلبهم إلى بلاده ليخفف من وطأة الحكم الإنجليزي والبحريني على بلاده، فقد كان سكان قطر تابعين للبحرين المزدهرة والقوية ويدفعون الضرائب لهم، بمعنى أن قطر كانت -ومازالت- تستغل الخلافات ومصالحها منذ نشأتها بشكل غريب وخطير ما يؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة. اتفاقية قطر المتناقضة والمزدوجة مع إنجلترا والدولة العثمانية آنذاك تسببت في توتر عسكري وسياسي في منطقتين، الأولى حول منطقة العديد بين قطر وأبوظبي وقد استمر الخلاف حتى العام 1892، والثانية بمواجهات عسكرية بين قطر والبحرين بخصوص عزم الأتراك بناء ميناء في منطقة الزبارة شمال الدوحة والتي حكمها تاريخياً آل خليفة.

لم يكن الوجود التركي في قطر بلا ثمن، فقد حاول الأتراك فرض سلطتهم عبر تعيين نائب عثماني للحاكم القطري ومدير عثماني لميناء الدوحة لتحصيل الضرائب، حتى كان العام 1893 حين شعر آل ثاني أن المواجهة قد ازفت، فتحايل الأمير القطري جاسم بالتنازل بالحكم صورياً لأحد إخوته وهو الشيخ أحمد للتهرب من المسؤولية والحكم في الخفاء (كما حدث عام 2013 بين حمد وتميم)، ولكن الخلاف انتهى بمعركة الوجبة والتي انتهت بانتصار آل ثاني على الجنود الأتراك والحد من نفوذهم في البلاد، ولكن بقي حاكم قطر يدفع مبلغاً من مدخول قطر للعثمانيين أكثر مما كان يدفعه والده للبحرين.

حكام قطر ورثوا هذا الإرث من الطموح والشقاق مع دول الجوار، فالعقل السياسي القطري غير متصالح ومشكك تجاه السعودية، في كتابه "قطر: التاريخ الحديث" يذكر آلن فروميرز أن اغلب طلابه في جامعة قطر عام 2008 قد تربوا غالباً ضد السعودية وعلى أهمية جهود القبائل القطرية خصوصاً آل بوكوارة (الكواري) على "الدفاع عن حدودهم ضد العدوان السعودي". قطر 2017 ببساطة هي قطر 1868.