علاقات » اميركي

السعودية ورطت «ترامب» في أزمة قطر

في 2017/07/10

ناشيونال إنترست- ترجمة أسامة محمد -

بدأت أزمة قطر التي بدأت ككرة ثلجية بعد وقت قصير من عودة الرئيس «ترامب» من رحلته الخارجية الأولى، وقد برهنت الأزمة على حماقة سياسة الإدارة المؤيدة للسعودية دون خجل. وبسبب ذريعة الدعم القطري للجماعات الإرهابية والمسلحة، قطعت السعودية وحلفاؤها السنة العلاقات الدبلوماسية مع قطر وحاصرتها. وبينما أشار ترامب في البداية إلى دعمه للإجراءات السعودية ، فإن قراره كان أبعد ما يكون عن دراسة متأنية، بعد أن أصبح النطاق الكامل للمشكلة واضحا في وقت لاحق. ومن الواضح أن محاولة «ترامب» لتشكيل ائتلاف مناهض لإيران تتفكك بين حلفاء الولايات المتحدة. ولذلك، من المهم فهم الوضع، حيث تستضيف قطر وجودا كبيرا للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط، وهي موقع لإطلاق العديد من الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وقد أدت هذه الأزمة الأخيرة أيضا إلى تقسيم البلدان في المنطقة، بما فيها البلدان التي تقيم الولايات المتحدة معها علاقات هامة. وقد وصفت تركيا الحصار بأنه «غير إسلامي»، خاصة لأنه وقع خلال شهر رمضان المبارك، وقامت بنقل القوات والمعدات إلى قطر، حيث أصبح لديها قاعدة. وتقوم إيران، مستفيدة من هذه الفوضى، بإرسال شحنات من المواد الغذائية والمشروبات إلى قطر.

يعود الصراع السعودي مع قطر إلى عام 1995، عندما استولى الشيخ «حمد بن خليفة آل ثاني» على السلطة. وقد دفع الشيخ الجديد نحو إصلاحات محدودة وزاد بشكل كبير في إنتاج الغاز، ونفوذ قطر. والآن يواصل ابنه، الأمير الحالي، يواصل تلك السياسات. ولكن السعوديين والإماراتيين، خوفا من انقلابات مماثلة في ممالكهم الخاصة، يعارضونه. وقد تحسنت العلاقة مع قطر بعض الوقت، لكنها لم تتعافى تماما، حيث أن قطر كانت دائما تدعم بعض المنظمات السياسية مثل الإخوان المسلمين وحماس، وهو موقف اتخذته عندما اندلع الربيع العربي، وقد قدمت قطر موارد كبيرة للثوار السوريين وغيرهم. وجاءت أسوأ المخاوف من الحكومة المصرية عندما كان الإخوان المسلمون، المدعومون من قطر، يعملون بشكل فعال في ملء الفراغ بعد الإطاحة بـ«حسني مبارك».

وكانت مصر و السعودية والإمارات قد عارضوا الدعم القطري للمجموعات التي تهدد بقاءهم.  ولم تكن ادعاءات دعم الإرهاب أكثر من ذريعة للدفع نحو ما كانوا يريدون فعله.

في أعقاب الزيارة الأمريكية إلى السعودية، المصحوبة برقصات السيف، جاءت خطوة الرياض ضد قطر في الوقت المناسب.ولعل الشيء المحير هو أن البيت الأبيض واصل الوقوف بقوة خلف السعوديين في وقت كان فيه حاجة ماسة إلى اتباع نهج أكثر توازنا، وهو بذلك يتحدى المنطق السياسي. فمن ناحية، نجد أن تهديد الجهادية الوهابية ينطلق من الرياض نحو نيويورك ومانيلا ومانشستر وحتى طهران، وهي البلد الذي يمكن القول بأن بها أكثر السكان علمانية في دول الخليج، وأحد الدول الأكثر ديمقراطية في تلك المنطقة. وفي المقابل فإن السعودية، ليست بأي حال من الأحوال نموذجا لحقوق الإنسان، وهي تمول أيضا العديد من الجماعات المسلحة والإرهابية، وهي قوة دافعة رئيسية تؤجج الفوضى في سوريا.

في الفيزياء، إذا كان من المفترض أن يتحرك كوكب في مدار محدد مسبقا ولكن لم يحدث هذا، فمن المفترض أن شيئا آخر، وربما يكون من الأجرام السماوية الأكبر، قام بالتدخل وسيغير مساره. نفس الشيء أيضا مع سياسة خارجية لم تتبع النظريات لفترة طويلة. ما الذي يمنع الولايات المتحدة من متابعة الانفراج أو التحالف مع إيران؟ هل اللوبي السعودي له تأثير غير متناسب على صنع القرار الأمريكي، الذي يخضع لفحص متجدد؟ من الذي يؤثر هل هم المحافظون الجدد والمعسكر المناهض لإيران؟ وكما يقول الباحث «ماكس أبراهامز» باستمرار، فإن فكرة أن السعوديين يعارضون قطر لأن قطر تدعم الإسلاميين أمر مثير للسخرية.

لقد جاء «ترامب» إلى السلطة، في جزء كبير بناء على نداء عاطفي من «القوة». ويكشف ذلك قيامه باتخاذ خطوط صارمة في تصور الأعداء، والتعبير عن مواقف السياسة الخارجية مع القليل من الوضوح. وهناك مواقف مماثلة فيما يتعلق بكوبا، واتفاق باريس بشأن المناخ.

ولكن مع تغير الاتجاهات، فإنه ليس من المنطقي الحفاظ على نفس السياسة لفترة أطول. إذا كان هناك أشخاص عاقلون يترأسون مؤسسات الدفاع في واشنطن، فإنهم سيتركون الشرق الأوسط إلى الجهات الفاعلة الإقليمية، ويوقفون حرب الإبادة الجماعية في اليمن والحرب بالوكالة في سوريا، ويركزون أكثر على جعل الحياة أفضل للآلاف من الناس الذين صوتوا من أجل التغيير الحقيقي، أولئك الذين لديهم خيبة أملهم من التدخل الأجنبي الذي لا معنى له.

بدلا من ذلك، يبدو أن الرئيس «ترامب» أكره بطريقة ما من قبل السعودية، ليخوض أولا في هذا النزاع، مما قد يزيد من زعزعة الاستقرار في الخليج، ويحرض على المزيد من الحروب بالوكالة.