سياسة وأمن » حروب

واشنطن ضاعفت دعم الوقود للطائرات الإماراتية في اليمن بعد قصفها «مأتمًا»

في 2017/07/18

ذا إنترسبت- ترجمة شادي خليفة -

في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نفذ التحالف الذي تقوده السعودية غارةً جوية استهدفت مأتمًا، وقتلت أكثر من 130 شخصًا، وهي الضربة التي واجهت إدانة عالمية. غير أنّ الولايات المتحدة قد ضاعفت في الأشهر التي أعقبت تلك الضربة من كمية الوقود التي قدمتها إلى طائرات التحالف، وفقًا للأرقام التي تم الحصول عليها من قبل الجيش الأمريكي. وتؤكد الأرقام حقيقة أنّ الدعم الأمريكي للحملة استمر وازداد بالرغم من الحديث المتزايد حول الخسائر من المدنيين وجرائم الحرب المنسوبة للتحالف.

لكنّ مجلس النواب قد فوت لتوه فرصة التصويت على تشريعٍ كان سيقيد الوقود الذي يعطيه البنتاغون للتحالف السعودي ويحظر تزود طائرات التحالف بالوقود ما لم يستطع البنتاغون أن يؤكد للكونغرس أنّ المهام اللاحقة لن تضر بالمدنيين.

وقد فشل مشروع تعديل قانون تفويض الدفاع الوطني، الذي قدمه عضو الكونغرس، الديمقراطي، «رو خانا» بدعمٍ من الحزبين، في المرور داخل لجنة القواعد، ومن ثمّ لن يتم التصويت عليه.

وقال «خانا»: «أشعر بخيبة أمل من أنّ مجلس النواب لن يصوت على التعديلات التي كان من شأنها أن تفرض رقابة أكبر على العمليات الأمريكية في اليمن. إنّ الكونغرس يخطئ بعدم الاعتراف بالأثر المدني لعملياتنا العسكرية في الشرق الأوسط. يجب أن نضع التدابير لمنع المزيد من الفظائع في اليمن».

وفي 25 مارس/آذار عام 2015، أعلنت إدارة «أوباما» دعمها للحملة السعودية ضد المتمردين الحوثيين والقوات المتحالفة معها، التي استولت على مساحاتٍ واسعة من البلاد، بما في ذلك العاصمة صنعاء. وفي اليوم التالي، قال قائد قوات سينتكوم، الجنرال «لويد أوستن»، أنّه لا يعرف «الأهداف والغايات المحددة للحملة السعودية». ومنذ ذلك الحين قامت الولايات المتحدة بتزويد طائرات التحالف بـ 67 مليون رطل من الوقود، وهو ما يعادل تزويد طائرة مقاتلة 9 آلاف مرة، وفقًا لأرقام القوات الجوية المقدمة إلى «ذا انترسبت».

ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، فإنّ الائتلاف السعودي مسؤولٌ عن مقتل 13333 مدنيًا، على الأقل، في اليمن منذ بدء الدعم الأمريكي. ويمثل ذلك أكثر من 60% من جميع المدنيين المؤكدين الذين قُتلوا في الأعمال القتالية منذ عام 2015. كما تم توثيق إطلاق الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق «علي عبد الله صالح» النار عشوائيًا على المناطق المدنية، وزرع الألغام الأرضية وعرقلة قوافل المساعدات.

وقد سُجلت أكثر من 13081 غارة من قوات التحالف حتى 2 يونيو/حزيران.

وبعد شهرين من  ضرب «المأتم» في صنعاء في تشرين أكتوبر/تشرين الأول، حظر «أوباما» والبيت الأبيض بيع الذخائر الموجهة بدقة إلى المملكة، وكان الأمر بمثابة احتجاج على حملة دعمها لمدة 18 شهرًا، وضد بلدٍ وافقت الإدارة بالفعل على مبيعات أسلحة له تتجاوز 100 مليار دولار.

ويقول «خانا» أنّ الكونغرس لا يزال في غير مدرك إلى حدٍ كبير بخطورة قضية الوقود، لكن لابد من إدراك أنّه يساعد في وفيات المدنيين. وقال أنّه من الناحية الأخلاقية، لا بد ألا يساهم الكونغرس في ذلك.

الطيران الإماراتي وليس السعودي

وقال المتحدث باسم البنتاغون، «أدريان رانكين جالواي»: «إنّ معظم عمليات التزود بالوقود لا تذهب بالفعل إلى طائرات سلاح الجو السعودية على وجه التحديد». وأضاف: «إنّ القوات الجوية الإماراتية هي القوة الجوية الرئيسية التي نساعدها في إعادة التزود بالوقود».

وقد اضطلعت الإمارات العربية المتحدة بدورٍ متزايدٍ في اليمن، وشنت حملات أرضية على طول الساحل الغربي وضد أهداف القاعدة في الجنوب. وتشمل العمليات على طول الساحل قوات برية من السودان، وهي دولة تقع تحت العقوبات الأمريكية حاليًا. وكان البنتاغون قد عزز من دعمه للعملية التي تقودها الإمارات للاستيلاء على أكبر ميناءٍ في اليمن، ميناء الحديدة، من الحوثيين.

وقد حذرت الأمم المتحدة من أنّ مثل هذا التحرك ضد أكبر ميناءٍ يمني قد يتسبب في كارثة وسط ما يعد بالفعل أحد أهم الأزمات الإنسانية في العالم. ويعيش نحو 7 ملايين يمني على حافة المجاعة، من بينهم 500 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. وقد تفشت الكوليرا وأصبحت خارج نطاق السيطرة، حيث أصابت أكثر من 320 ألف شخص وقتلت أكثر من 1740 شخصًا. وأدى الحظر المفروض على الطيران، الذي فرضه التحالف على صنعاء، إلى عزل شمال البلاد بالكامل، إلى جانب منع الصحفيين والعاملين في مجال حقوق الإنسان من دخول البلاد.

كما عملت الإمارات بشكلٍ وثيقٍ مع الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم القاعدة في اليمن. وفي أبريل/نيسان من العام الماضي، استولت القوات الإماراتية على مدينة المكلا الجنوبية من تنظيم القاعدة. وفي يناير/كانون الثاني، بعد أيامٍ قليلة من تولي الرئيس «ترامب» مهام منصبه، أُفيد بأنّ القوات الإماراتية قد شاركت في غارة أمريكية مثيرة للجدل أودت بحياة عشرات المدنيين بالإضافة إلى ضابط بحري. وفي يونيو/حزيران، كشفت وكالة أسوشييتد برس أنّ الإمارات تدير شبكة من مراكز الاعتقال التعسفي جنوب اليمن، حيث يتم استخدام التعذيب كوسيلة لانتزاع الاعترافات. واعترف البنتاغون بأنّ موظفين أمريكيين قد استجوبوا السجناء الذين تحتجزهم الإمارات، على الرغم من أنّهم نفوا أي علمٍ بالانتهاكات.

وقال «فارع المسلمي»، وهو باحث يمني في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، أنّ إعادة التزويد بالوقود تعكس تحولًا في السياسة الأمريكية لصالح الإماراتيين.

وقال المسلم أنّ «الإماراتيين قد أثبتوا للولايات المتحدة أنّهم حليفٌ أكثر خفة ومرونة من السعوديين. ويعطون المزيد من الخيارات في قضية مكافحة الإرهاب».

ولا تفصح واشنطن عن المهام التي تقوم بها طائرات الإمارات بعد تلقي الوقود.

ولم يرد التحالف السعودي ولا السفارة الإماراتية في واشنطن على الأسئلة حول أنشطتهم في اليمن.

شوقالت «كريستيان بيكرل»، الباحثة في الشؤون اليمنية في هيومن رايتس ووتش: «نحن نعلم أنّ الولايات المتحدة تقوم بتزويد طائرات التحالف بالوقود في مهمات قصف، لكنّ الولايات المتحدة لم تكشف ما إذا كانت الطائرات التي تُزوَد بالوقود قد ضربت الأسواق أو المستشفيات أو المنازل». وأضافت: «يجب على البنتاغون أن يكشف عن هذه المعلومات للجمهور، وإذا لم يفعل ذلك، يجب على الكونغرس أن يطالب بها».