سياسة وأمن » حروب

اليمن وحصار قطر: الرئيس السابق «صالح» أبرز الرابحين و«الإصلاح» الخاسر الأكبر

في 2017/07/25

وكالات-

على السطح، ظهرت انعكاسات في اليمن لأزمة الخليج، حيث أعلنت السعودية والإمارات والبحرين، جنبًا إلى جنب مع مصر، قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وكانت واضحة إلى حدٍ ما. وفي 5 يونيو/حزيران، قطعت الحكومة اليمنية الخاضعة للرياض العلاقات مع قطر، متهمةً البلاد بدعم الحوثيين والمجموعات المتطرفة التي تتخذ من اليمن مقرًا لها. وقد استبعدت القوات المسلحة القطرية من التحالف بقيادة السعودية.

وفي الواقع، يبدو الوضع أكثر تشابكا، وقد جعلت الأزمة الصراع اليمني أكثر تعقيدًا. ومن المؤكد أنّه سلط الضوء على بعض التناقضات التي يواجهها دول الحصار المناهضة لقطر، وزاد من حدة الأزمة الوجودية التي يواجهها حزب الإصلاح الذي يتزعمه الإخوان المسلمون، والذي يعد أحد أقوى الفصائل السياسية في البلاد.

قطر واليمن

ويختلف موقف قطر في الأزمة الحالية عن دورها الهام سابقًا في اليمن. وقد لعبت قطر دورًا رئيسيًا في الوساطة بين الحكومة اليمنية والحوثيين في عامي 2007 و2008، واستضافت محادثات وقف إطلاق النار في الدوحة، وتقدمت لتمويل إعادة إعمار محافظة صعدة آنذاك. وفي حين رحب الكثيرون بالمحادثات في المجتمع الدولي، لم تحظ قطر بثقة الرئيس السابق «علي عبد الله صالح».

وقد وصلت هذه التوترات بين «صالح» وقطر إلى ذروتها عام 2011، عندما أيدت قطر بشكلٍ صريح الانتفاضة المناهضة للحكومة في اليمن، حيث وفرت منصة إعلامية وتمويل للعديد من المعارضين الرئيسيين لحكومة «صالح». ومع ذلك، في أعقاب أزمة الخليج عام 2014، عندما سحبت البحرين والسعودية والإمارات سفراءهم من قطر احتجاجًا على العديد من السياسات نفسها التي عجلت بالأزمة الحالية، وبعد إطلاق عاصفة الحزم، وهي عملية تهدف إلى استعادة الحكم من الحوثيين في اليمن، تراجعت حينها قطر إلى حدٍ كبير ودخلت في تحالف الخليج في اليمن. ونشرت قطر قواتها للعمل في الائتلاف الذي تقوده السعودية، ومن بين قواتها ستة أُصيبوا في القتال على الحدود اليمنية السعودية، في نفس الوقت تقريبًا الذي اندلعت فيه الأزمة الأخيرة، في الوقت الذي كانت تستضيف فيه المؤتمرات الإنسانية المدعومة من الائتلاف، وتقدم الدعم لأعمال التحالف في وسائل الإعلام التابعة لها. كما قدمت الحكومة القطرية مساعدات سخية إلى اليمن قبل عام 2011 ومنذ ذلك الحين.

المقاطعة والإصلاح

وعلى الرغم من هذا الدعم، سرعان ما أعلنت الحكومة اليمنية، التي تتخذ من الرياض مقرًا لها، مقاطعتها لقطر، تماشيًا مع قرار دول الحصار الأربعة، على الرغم من أنّ الحكومة القطرية كانت حتى وقتٍ قريب تدفع رواتب وزارة الخارجية اليمنية. وتحول المسؤولون الموالون للرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي»، بين عشيةٍ وضحاها، من ضيوف متكررين على قناة الجزيرة، لإدانة القناة كوسيلة للدعاية الإرهابية.

ومن غير المستغرب أن يؤثر ذلك على حزب الإصلاح اليمني، الذي عبر علنًا في الأعوام الماضية عن توجهاته الخارجية. وقد شهدت تظاهراته في اليمن رفع لافتات تندد بالانقلاب على الرئيس المصري «محمد مرسي»، ولافتات تشكر قطر. لكنّ الحزب الآن أضعف من أي وقتٍ مضى، في الوقت الذي تشتد فيه قبضة الحوثيين على العاصمة، والانفصاليين في الجنوب.

ومما لا يثير الدهشة، أنّ الأزمة جاءت نعمةً لخصوم الإصلاح والإخوان في اليمن. أيد «صالح» وأنصاره صراحةً تحرك دول الحصار لعزل قطر، مما يعكس عداءهم تجاه الإمارة لدعمها الانتفاضة اليمنية عام 2011. وفي تجمعٍ بعد بدء الأزمة مباشرةً، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي له علاقات وثيقة مع الإمارات العربية المتحدة، أنّ جماعة الإخوان المسلمين منظمةً إرهابية، وهي خطوة تتماشى مع القمع المتزايد لأنشطة الإصلاح في الجنوب المستقل سابقًا.

إلا أنّ الإصلاح لم يكن الطرف الوحيد المتضرر. وأضافت دول الحصار الأمين العام لحزب اتحاد الرشاد السلفي، «عبد الوهاب الحميقاني»، إلى قائمة الإرهاب. ولم تكن هذه الخطوة صادمة تمامًا، فهو مدرج سابقًا في قائمة وزارة الخزانة الأمريكية للإرهاب، لكنّ الأمر كان محرجًا بشكلٍ لا يمكن إنكاره، بسبب تواجده المتكرر في الرياض، وموقعه الحالي كمستشار لـ«هادي». وقد ساعدت هذه القرارات على تسليط الضوء على الانقسامات بين القوات المناهضة للحوثيين، لاسيما التوترات التي طال أمدها بين حزب الإصلاح والإمارات، والتي تصاعدت لتصبح حربًا كلامية مفتوحة، وهو ما انعكس في زيادة التقارير عن حالات مزعومة من الاحتجاز خارج نطاق القضاء والتعذيب على يد القوات الموالية للإمارات في جنوب اليمن.

وفي حين أنّ قضية قطر قد تظهر على أنّها قضية خارجية، فقد كان لها بالفعل تأثير كبير على الديناميكيات السياسية الداخلية لليمن، وقد يستمر ذلك مع استمرار الأزمة. وقد أدى غرق اليمن في الحرب الأهلية إلى زيادة قابليتها لعدم الاستقرار الناجم عن التحولات الجيوسياسية الإقليمية. بل إنّ هذا الضعف أكثر تعقيدًا من أزمة الخليج الحالية، مما قد يؤدي إلى تعقيد أي جهود سلامٍ في الأفق، الأمر الذي يترك اليمن في خطر أن يكون ساحة معركة للمصالح الإقليمية لأعوامٍ قادمة.