السلطة » انقلابات

العالم يتساءل: أين الأمير محمد بن نايف وماذا حلّ به؟

في 2017/07/29

DW- بالعربية-

تزاحمت الأسئلة حول مصير الأمير محمد بن نايف ولي العهد السعودي السابق بعد تسرب أخبار من أروقة القصر الملكي عن وضعه قيد الإقامة الجبرية. مطالبة منظمة هيومن رايتس ووتش سلطات المملكة بتوضيح مصيره جددت الاهتمام بالموضوع.

منذ أعتلى سلمان بن عبد العزيز آل سعود عرش السعودية عام 2015 تراجعت الأضواء عن ابن عمه الأمير محمد بن نايف الذي كان وليا للعهد، وما لبث الملك أنّ عين ابنه محمد وليا لولي العهد، ما أثار حينها أسئلة عن صلاحيات ولي العهد بوجود ولي له!

تاريخ ما جرى

وتعاقبت الأحداث، حيث نقلت وكالة أنباء رويترز عن مصدر مقرّب من الأمير محمد بن نايف أنّ الملك أمره بالتنحي لصالح ابنه الأثير الأمير محمد بن سلمان لأنّ إدمانه العقاقير المسكنة يؤثر على حكم ولي العهد على الأمور وتقديره لها، وجرى ذلك يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من يونيو/ حزيران2017.

وسارع مسؤول سعودي كبير، لم يتم الكشف عن هويته، الى نفي الرواية بأكملها في بيان نشرته رويترز مؤكداً أنّ "القصة الواردة هنا محض خيال ترقى إلى قصص أفلام هوليوود".

ثم كشف تقرير نشرته رويترز ايضا نقلا عن مصدر من داخل القصر لم تسمّه أن الأمير محمد بن نايف لا يزال قيد الإقامة الجبرية ولا يسمح له باستقبال زوار باستثناء أفراد أسرته، وهو لا يتلقى اتصالات هاتفية. وفي الأسبوع الأخير لم يسمح له إلا بزيارة والدته المسنّة بصحبة الحراس الجدد الذين كلفوا بمرافقته مؤخرا.

ونسبت رويترز الى نفس المصدر أنّ الأمير محمد بن نايف يود أن يصطحب أسرته إلى سويسرا أو لندن لكن الملك سلمان وابنه الأمير محمد قررا أنه يجب أن يبقى.

ثم طالب تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش نشر الخميس ( 27 تموز/ يوليو 2017) السعودية بتوضيح ما إذا كانت فرضت قيودا على حركة ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف مشيرة إلى أنّ المملكة يجب أن تنهي جميع حالات المنع التعسفي من السفر واعتقال المواطنين السعوديين. المنظمة لم تنس أن تُذَكِّر بما أسمتها "مفارقة مريرة نظرا لدوره (الأمير محمد نائف) في فرض قيود تعسفية من هذا النوع على آلاف السعوديين" من خلال منصبه حينما كان في وزارة الداخلية السعودية.
الكاتب والاعلامي محمد هجرس المتابع للشأن السعودي تحدث من مكتبه في القاهرة الى DW عربية عن توافقات داخل البيت السعودي مستبعدا نظرية " انقلاب داخل العائلة المالكة " التي تناقلتها وسائل الإعلام ومذكّراً بما جرى مع ولي العهد الأسبق مكرم بن عبد العزيز وتنحيته عن موقع المسؤولية ومضى الى القول" تفسيري لما حدث أنّ السعودية التي أطلقت العام الماضي رؤية 2030 الاستراتيجية تحتاج الى عملية نقل الحكم الى جيل الشباب لاسيما أنّ الأمير محمد بن سلمان هو من أشرف على إعداد هذه الرؤية، وهذا يفسر التغيير".

قصة الإدمان على المسكنات

صفحة تويتر مجتهد التي يعتقد البعض أنّها قريبة من البلاط السعودي نشرت عدة تغريدات عن وضع الأمير بن نايف الصحي، معتبرة أنّ الأمير محمد بن سلمان ولي العهد هو من سرّب هذه التبريرات الى صحيفة نيويورك تايمز.

لكنّ الكاتب والمستشار الاعلامي محمد هجرس المتابع للشأن السعودي شكك في حديثه الى DW عربية في صدقية هذه الأخبار مشيراً الى ضرورة التساؤل عن سبب وتوقيت نشر "هذه المعلومات الطائشة" حسب وصفه، وذكّر هجرس بمحاولة الاغتيال التي تعرض لها الأمير، وما خلفته من اصابة بليغة في جسده مؤكدا "الأدوية المخدرة هي الأدوية المهدئة للألم، وليس هناك معلومات موثوقة يمكن الأخذ بها، بالتالي فكلُّ هذه الاحاديث تدور في إطار حرب المعلومات".

هوفنغتون بوست حين تقول..

من جانبها، لفتت الانظار صحيفة هوفنغتون بوست التي يرأسها الاعلامي والصحفي الفلسطيني وضاح خنفر مدير عام شبكة الجزيرة القطرية السابق، الى "تغيب الأمير محمد بن نايف عن حضور الجنازة ومراسم العزاء لعمه الأمير عبد الرحمن، وهو ما عزز صدق التقارير التي نشرت في الصحف الأميركية عن فرض الأمير محمد بن سلمان الإقامة الجبرية على ابن عمه بن نايف، عقب أخذ البيعة منه". وعزز مقال الصحيفة هذه الاشارة بتغريدة من مجتهد.

إزاء ذلك، قلّل الكاتب والاعلامي محمد هجرس من جدية تغريدات مجتهد ودقتها مشيراً بالقول: "ربما يكون مجتهد موجودا كشخص لكنه محسوب على جزء من المعارضة السعودية التي تتخذ لنفسها مقرا في عواصم أوروبية مثل لندن على سبيل المثال، ولكن أنتم كقناة محترمة ولها رصيدها الكبير لا يمكن أن تأخذوا المعلومات بشكل كبير من وسائل التواصل الاجتماعي التي هي مجهولة بالأساس". ونحن بطيبعة الحال لم نأخذ هذه المعلومات على أنها حقيقة مطلقة، كما أننا نضعها في إطار البحث والتقصي في سياق مصادر معلومات أخرى كثيرة ومتعددة. 

خفايا القصر الملكي السعودي

الدخول الى أروقة القصر السعودي هو تحدٍ كبير لوسائل الاعلام، ومحاولة DW عربية الحصول على معلومات حول مصير الأمير محمد بن نايف من داخل القصر السعودي أو من أوساط مقربة منه واجهت نفس التحدي، لكنّ مصادر صحفية تحدثت عن اقتراب ولي العهد محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عاما من اعتلاء عرش السعودية، وهو ما يمكن أن يفسر التكتم الشديد حول الأمير محمد بن نايف ومصيره، وطبقاً لخبر نشرته وكالة الأنباء الفرنسية في الرابع والعشرين من يوليو الجاري فقد تولى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إدارة شؤون المملكة إثر توجه الملك سلمان بن عبد العزيز الى الخارج في إجازة خاصة الاثنين، كما اعلن الديون الملكي.

وأشار تقرير لوكالة رويترز للأنباء الى تكهنات تسري الآن بين دبلوماسيين ومسؤولين سعوديين وعرب بأنّ الملك سلمان يستعد للتنازل عن العرش لابنه.

ونقلت الوكالة عن مصدر سعودي نقلا عن شاهد بالقصر الملكي إنّ الملك سلمان سجل هذا الشهر بيانا يعلن فيه التنازل عن العرش لابنه، وقد يذاع هذا الإعلان في أي وقت، وربما في سبتمبر أيلول. والى ذلك اعتبر الكاتب والمستشار الاعلامي محمد هجرس المهتم بالشأن السعودي أنّ هذا لن يكون خروجاً عن المألوف، "فالملك سلمان جاوز الثمانين من العمر، وانتقال السلطة منه الى ولي عهده الأمير محمد أمر طبيعي منتظر".