سياسة وأمن » حروب

الضرائب الجديدة بالخليج تحاصر العمالة الأجنبية وتثقل كاهلها

في 2017/08/07

الخليج أونلاين-

يواجه العمال الأجانب في دول مجلس التعاون الخليجي تحديات متصاعدة، في ظل خطط التقشف التي تتبعها حكومات هذه الدول لمواجهة الأعباء الاقتصادية المتجددة وعجز موازناتها وانخفاض مؤشرات نموها بفعل أزمة انخفاض أسعار النفط، التي قلصت وارداتها المالية إلى أرقام لم تكن تتوقعها.

تلك الصعوبات التي أدت إلى رفع أسعار السلع والمحروقات، وفرض ضرائب جديدة، إضافة لإقرار رسوم إقامة مرتفعة على العمال وعوائلهم، دفعت عشرات الآلاف من العمال الآسيويين والعرب للعودة لمواطنهم، في حين يفكر آخرون جدياً في مغادرة دول الذهب الأسود، رغم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تمر بها بلادهم.

ويُقدَّر عدد العمالة الأجنبية الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 25 مليون نسمة من المقيمين فيها، بحسب بيانات البنك الدولي.

المصرية هبة عبد الناصر، التي تعيش مع عائلتها المكونة من 6 أفراد في السعودية منذ 34 عاماً، شرحت لـ"الخليج أونلاين" أهم الصعوبات التي باتت تواجهها العمالة الأجنبية في المملكة بسبب إجراءات التقشف.

وقالت عبد الناصر، التي يملك والدها شركة لتأجير الفنادق السياحية بالسعودية: "قبل الأزمة الاقتصادية الأخيرة في دول الخليج، كان العمال الأجانب يعيشون في ظروف ممتازة، فرواتبهم جيدة وتكلفة المعيشة غير مرتفعة".

وتضيف: "حالياً، هناك ارتفاع في الأسعار بشكل كبير، والمرتبات لا تكاد تكفي لتوفير مستلزمات المعيشة الأساسية، وعلاوة على ذلك فرضت السلطات السعودية رسوماً على تجديد الإقامة للعمال وعوائلهم".

وأشارت عبد الناصر إلى أن "العمال الأجانب، وخاصة العرب، في السعودية ودول الخليج عموماً، كانوا يرسلون حوالات مالية كبيرة شهرياً إلى عوائلهم في مواطنهم. أما الآن، فأعداد كبيرة من هؤلاء العمال عادوا إلى بلادهم، ومنهم من يفكر في ذلك جدياً؛ بسبب ارتفاع مستوى المعيشة، وعدم قدرتهم على تسديد رسوم الإقامة".

ومطلع مايو الماضي، أعلنت السعودية رسمياً البدء بتطبيق فرض رسوم على العمالة الأجنبية، ومُرافقيها اعتباراً من يوليو الماضي، بواقع 100 ريال سعودي (26.6 دولاراً) عن كل مرافق.

ويرتفع الرسم الشهري عن كل مرافق، إلى 200 ريال (53.3 دولاراً) العام المقبل، و300 ريال (80 دولاراً) في العام اللاحق له، و400 ريال (106.6 دولارات) بحلول 2020.

الخبير الاقتصادي عاصم أبو العز، رأى أن الأسباب الرئيسة لأزمة العمالة الأجنبية بدول الخليج تتركز في الأعباء الاقتصادية الجديدة التي فُرضت على هذه الدول بسبب أزمة انخفاض أسعار النفط، الذي كان يشكل مورداً مالياً رئيساً لموازناتها، فبات لديها عجز ضخم بالموازنات السنوية، وتباطؤ شديد في النمو الاقتصادي.

وأظهرت بيانات البنك الدولي، نهاية شهر يوليو الماضي، تباطؤاً في مؤشرات النمو لدى معظم دول الخليج خلال عام 2017؛ بسبب أزمة أسعار النفط، حيث كانت بداية التراجع في أضخم الاقتصادات الخليجية، فقد توقفت مؤشرات النمو في السعودية، المُصدّر الأول للنفط الخام عالمياً، عند 0.1%، خلال النصف الأول من العام الجاري، مقابل 0.3% في توقعات النمو لشهر أبريل الماضي.

ورأى أبو العز في تصريحات لـ"الخليج أونلاين"، أن "دول الخليج العربي تحاول رفد اقتصاداتها بموارد مالية جديدة؛ في محاولة لتخفيف الأعباء عنها، فرفعت أسعار المحروقات، وأقرت نظام ضرائب جديداً، منها ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية؛ ما تسبب في رفع أسعار السلع بشكل كبير، إضافة إلى أن السعودية أقرت رسوماً مالية على المقيمين الأجانب".

وإضافة إلى تلك الإجراءات التي أثقلت كاهل العمال الأجانب خاصة ذوي الدخل الضعيف، فقد بدأت الحكومات الخليجية أيضاً بمحاولة استبدال العمال الأجانب بآخرين محليين؛ في محاولة لتخفيف معدلات البطالة لديها.

وأشار أبو العز، الذي يعمل رئيساً لقسم البحوث والتحليلات الاقتصادية في شركة "تشارت فويس" للاستشارات المالية والتدريب، إلى أن "كل تلك التحديات ستدفع أعداداً كبيرة من العمالة الأجنبية للعودة لبلادها".

وعن تأثير عودة العمال إلى بلدانهم، يرى المحلل الاقتصادي أن "ذلك سيتسبب في تداعيات سلبية كثيرة؛ أولها الضغط الكبير على الخدمات الضعيفة أساساً في تلك الدول، إضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة".

تلك التأثيرات الاقتصادية ستكون أكثر خطراً على الدول الفقيرة مثل مصر، أو تلك التي تعيش حروباً منذ أعوام كاليمن.

وتملك مصر نحو 3.3 ملايين عامل في دول الخليج العربي، بينهم مليونان في السعودية، و587 ألفاً بالكويت، و400 ألف في الإمارات، و300 ألف بقطر، و23 ألفاً في سلطنة عُمان، و17 ألفاً في البحرين.

أما اليمن، فيبلغ عدد مواطنيه في دول الخليج نحو مليون ونصف المليون عامل، أغلبهم في السعودية بنحو مليون و200 ألف عامل.

وستشكل عودة هذه الأعداد الكبيرة من العمال إلى مصر واليمن ضغطاً اقتصادياً كبيراً على الدولتين؛ فأعداد العاطلين عن العمل -المرتفعة أصلاً-

ستزداد، وجزء كبير من إيرادات الدولة المالية سيتلاشى، فهؤلاء العمال يرسلون شهرياً أو سنوياً، على الأقل، مبالغ مالية بالعملات الصعبة إلى عوائلهم؛ وهذه تعد جزءاً مهماً من اقتصاد هذه الدول.

وتشير بيانات أصدرها البنك المركزي المصري، مؤخراً، إلى أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج سجلت نحو 17.1 مليار دولار، خلال العام المالي الماضي.

وبحسب أحدث بيانات البنك الدولي، فإن قيمة الحوالات المالية السنوية للعمال الأجانب بدول الخليج تبلغ نحو 100 مليار دولار.

وتتصدر السعودية القائمة؛ إذ أرسل نحو عشرة ملايين عامل وافد في المملكة نحو 44 مليار دولار كتحويلات للخارج، تليها الإمارات بنحو 29 مليار دولار، ثم الكويت بـ12 مليار، وقطر بـ9.5 مليارات دولار.