قضاء » قضايا

نزاعات العقود التجارية.. تزاحم بمحاكم السعودية يبحث حلولاً عملية

في 2017/08/30

ياسين السليمان - الخليج أونلاين-

تتجه المملكة العربية السعودية نحو حصر فض وتسوية نزاعات العقود التجارية، داخل المملكة بدلاً من التوجه نحو مراكز التحكيم الأجنبية، وذلك عبر إدراج شروط جديدة في العقود التي تبرم بين المتعاقدين، إلا أن هذا التوجه قد لا يتواءم مع مبادئ التجارة الدولية ومتطلباتها.

المركز السعودي للتحكيم التجاري دعا، الشهر الماضي، رجال الأعمال والقطاع الخاص إلى إدراج شرط تسوية المنازعات في العقود التجارية عن طريق التحكيم وفق قواعد يقرها المركز، حسبما ذكرت صحيفة "الاقتصادية" السعودية في 15 يوليو 2017.

والتحكيم هو قضاء خاص تُحال بموجبه المنازعات بين الأطراف بشأن علاقة نظامية تعاقدية أو غير تعاقدية، على فرد أو أفراد محايدين يسمون "محكمين"، ليفصلوا فيها ويصدروا حكماً ملزماً وقابلاً للتنفيذ بدلاً من الفصل به قضائياً، ويكون اتفاق الأطراف بشرط وارد في عقد، أو مشارطة مستقلة بعد نشوء المنازعة.

وخلال الأشهر الـ9 الماضية (حتى أغسطس)، استقبلت محاكم التنفيذ في السعودية نحو 23 ألفاً و132 ألف دعوى منازعات في أوراق تجارية "كمبيالة"؛ بسبب مماطلة أصحابها في الالتزام بالتسديد، بمتوسط يومي يقارب 89 دعوى.

أوصى المركز القطاع التجاري خصوصاً بإدراج شرط التحكيم وفق نظام مركز التحكيم السعودي وإجراءاته، رغم تمتع مراكز التحكيم الأجنبية بمعايير واضحة وقابلة للتنفيذ في مسألة التحكيم وفض النزاعات التجارية، إذ يعلل المركز ذلك بأن الدعاوى الخارجية تسببت بخسائر كبيرة لعدد من التجار السعوديين؛ لكون العقود التجارية تنص على تخصيص مراكز تحكيم أجنبية.

وأنشئ المركز السعودي للتحكيم التجاري، مقره الرئيسي في مدينة الرياض، عام 2014، ويهدف إلى إنشاء بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار المحلي الأجنبي. كما يعنى بالإشراف على إجراءات التحكيم في المنازعات التجارية والمدنية التي يتفق الأطراف على حلها من خلال المركز.

ويقوم التحكيم التجاري وتسوية المنازعات بدور في تعزيز تنافسية البيئة الاستثمارية، ويساهم في جعلها بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي، كما يساعد على تخفيف الأعباء على المستثمرين والمرافق القضائية.

ويقول المركز إن دعم مؤسسات التحكيم الوطنية سيعمل على زيادة مصداقية تسوية المنازعات محلياً، ويقلل من اللجوء لمراكز التحكيم الأجنبية، التي قد لا تجري فيها التسوية في ظروف مواتية، إضافة إلى الإضرار الحقيقي ببيئة الأعمال في المملكة.

ويصطدم حل المنازعات التجارية في السعودية بمحاكم التنفيذ، إذ لا يمكن تسوية هذا النوع من المنازعات عبر تلك المحاكم؛ "لأنه لا يختص بنظر المنازعات التي تنشأ بين الشركات العامة والخاصة، إذ إن القرارات التي تصدرها الشركات لا تعد قرارات إدارية؛ لأنها تمارس أعمالها وفق أسس تجارية بحتة، وبالتالي يندرج الاختصاص في نظر منازعاتها للمحاكم التجارية"، بحسب أستاذ القانون التجاري، بكلية الحقوق بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، نايف بن سلطان الشريف، في مقال سابق له نشرته صحيفة "المدينة".

ويرى الشريف أن "نجاح التحكيم التجاري الدولي في المملكة يرتبط بشكل رئيسي بموقف القضاء السعودي تجاه التحكيم، وكيفية تفسير وتطبيق نظام التحكيم بشكل يتواءم مع مبادئ ومتطلبات التجارة الدولية والاجتهاد القضائي المعمول به في الدول المتقدمة عموماً وفرنسا خصوصاً".

ويشير إلى أهمية دور الندوات والمؤتمرات الدولية المتعلقة بالتحكيم التجاري الدولي، ومتابعة المجلات العلمية التي تتضمن أهم المبادئ والاجتهادات القضائية المتعلقة بمسائل التحكيم عالمياً.

ولفت الأستاذ الجامعي إلى أن "ورود لفظة (الشريعة الإسلامية) في مواد من نظام التحكيم يدعو إلى تدخل تنظيمي لتعريف المصطلح، إذ إن إطلاق مصطلح (الشريعة الإسلامية) دون تحديد لا يخدم المصلحة العامة، وقد يرتكن عليه بعض القضاة لتقويض الأهداف التي سن النظام من أجلها".

الخبيرة السعودية في القانون التجاري، مشاعل الرشيد، تحدثت في مقال نشرته بصحيفة "مال" الاقتصادية منتصف العام الجاري، عن وجوب أن "تكون هيئة التحكيم من عدد فردي"، مشيرة إلى أن "النظام الجديد في المملكة يتيح للنساء المؤهلات ممارسة التحكيم. ولم يشترط أن يكون المحكم مسلماً شرط عدم مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية، ولم يشترط جنسية معينة".

ومع أن إجراءات المركز قد تتعارض مع قوانين التحكيم في الدول المتقدمة، وله تبعات سلبية على العملية التنموية في المملكة بحسب مراقبين، إلا أن الخبيرة السعودية دعت المركز السعودي للتحكيم التجاري القيام بدور أكبر في مجال التوعية بأهمية التحكيم التجاري، كوسيلة فعالة لحل المنازعات التجارية، وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية.