دول » الامارات

السياسات القبلية للأزمة الخليجية

في 2017/09/14

جيمس دورسي - إنترناشيونال بوليسي دايجست- ترجمة أسامة محمد -

تختلف قطر ومنتقدوها في كيفية نظرتهم للعالم من حولهم، وكيف يرغبون في تشكيله، ولكنهم يتفقون حول اتفاق ضمني على الهيكل السياسي الأساسي لدولهم التي يبدو أنها مصممة لوضع قشرة القرن الحادي والعشرين على نمط من الحكم القبلي.

ومما لا شك فيه أن قطر تصدرت الدفاع عن سياستها الخارجية المثيرة للجدل وعن علاقاتها مع الإسلاميين بلغة دولة تطلعية تتضمن مفاهيم الديمقراطية وحرية الصحافة. كما تدافع الإمارات عن نهجها كدعامة لمكافحة الإرهاب والتطرف.

إن جوهر النزاع في الخليج هي استراتيجيات مختلفة للحفاظ على الأنظمة حيث اضطرت الأنظمة الخليجية لتنويع وترشيد اقتصاداتها وإعادة صياغة العقود الاجتماعية التي لم تعد توفر المواطنين الرفاه مقابل الاستسلام للحقوق السياسية. وتكمن جذور الاستراتيجيات المختلفة في التصورات حول كيفية التعامل مع عالم ما بعد 2011 والمنطقة التي هزتها الثورات الشعبية عام 2011.

إن احتضان قطر صعود الإسلام السياسي والسعي إلى التغيير الذي انفجر على الساحة السياسية مع الانتفاضات التي أطاحت بأربعة قادة عرب، تحديا مباشرا لاستراتيجيات البقاء التي اعتمدتها دولة الإمارات والسعودية والبحرين ومصر.

ومن بين الدول الأربعة، كانت دولة الإمارات هي الأكثر راديكالية مع ما يترتب على ذلك من جهود لضمان بقاء حكامها. وأكثر من أي دولة خليجية أخرى، فقد اختارت دولة الإمارات تجاهل حساسية الماضي تجاه التعاطف العام مع القضايا الإسلامية لصالح مواءمة سياساتها لمكافحة الإرهاب كليا مع سياسات الولايات المتحدة، ووضعت نفسها كحليف عسكري لا غنى عنه، وقمعت المعارضة بوحشية.

وتهدف عملية إصلاح السياسة إلى ضمان الدعم العسكري الأمريكي لبلد كان قد عاش الأمن جزئيا بعد احتلال إيران المستمر لثلاث جزر خليجية هي أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى. حيث استولت إيران على الجزر عام 1971، أي قبل يومين من حصول دولة الإمارات على الاستقلال.

وقد شجع صعود الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» بتعاطفه الواضح مع الاستبداد العربي وعدم الاهتمام بالتشجيع الأمريكي التقليدي للقيم الديمقراطية، المسؤولين الإماراتيين على أن يكونوا أكثر صراحة بشأن الفلسفة السياسية التي يريدونها كنظام للحكم.

 وقال «يوسف العتيبة»، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة المؤثر في الولايات المتحدة، مؤخرا لمجلة «ذي أتلانتيك»: «لدينا أسلوبنا الديموقراطي. لدينا شيء يسمى نظام المجلس، وهو منتديات مفتوحة حيث يأتي الناس لقادتهم، ويعبرون عن شكاواهم ويأتون ويقولون إننا بحاجة إلى هذا أو هذه مشكلة، وهذا هو النمط البدوي للديمقراطية». وأضاف: «هل هذا أسلوب جيفرسوني للديمقراطية؟ بالطبع لا ولكن ذلك مفيد بالنسبة لنا، وهو من من ثقافتنا، ومن هويتنا».

وقال «العتيبة» في مقابلة تلفزيونية منفصلة: «إذا سألت الامارات والسعودية والأردن ومصر والبحرين عن نوع الشرق الأوسط الذي يرغبون في رؤيته بعد عشر سنوات فإنهم سيختلفون مع قطر». وقال إن منتقدي قطر يدفعون نحو وجود «حكومات علمانية قوية ومستقرة ومزدهرة».

وقد ظهر ترويج «العتيبة» للأسلوب الغربي العلماني على النقيض من كلمات النشيد الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة الذي يجسد الإسلام كجزء من هوية البلد.

وبعد أيام فقط من تصريحات السيد «العتيبة» قامت أبوظبي إصدار حكم بالسجن لمدة سنتين على اثنين من السنغافوريين، رجل وامرأة متحولة جنسيا، بتهمة ارتداء الملابس الخليعة. ويشير ذلك إلى أن مفهوم السفير للعلمانية كان أكثر على غرار القواعد العامة المتدرجة. وليس العلمانية المعروفة في الغرب وتم تخفيض العقوبات بعد ذلك، وتم السماح للسنغافوريين بالعودة إلى ديارهم.

وفي مقابلة أخرى، كان «عمر غباش»، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى روسيا، بنفس القدر في دفاعه عن الاستبداد. وأضاف: «لا ندعي أن لدينا حرية صحافة. ونحن لا نعزز فكرة حرية الصحافة. إن ما نتحدث عنه هو المسؤولية في الحديث». ويبدو أن «غباش» يبرر موقف دولة الإمارات من نفس الحجة الضمنية في تصريحات السيد العتيبة: «إن حكام البلاد بدلا من مواطنيها يعرفون ما هو الأفضل لهم». وقال «غباش»: «الكلام في منطقتنا من العالم له سياق خاص، وهذا السياق يمكن أن ينتقل من سلمي إلى عنيف في أي وقت من الأوقات ببساطة بسبب الكلمات التي يتم التحدث بها».

ولكي نكون منصفين، فإن تصور التغيير في الخليج ينطبق أيضا على قطر، حيث أثارت أزمة الخليج موجة جديدة من القومية التي تركز على دعم أمير البلاد الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني». ومثل نظرائه في دولة الإمارات و السعودية، فإن الشيخ تميم هو «الرجل الذي يقود» ولا تعارضه أي معارضة.

وسنعلم لاحقا ما إذا كان هذا نموذجا سياسيا يمكن أن يتحمل الإصلاحات الاقتصادية البعيدة المدى، وإعادة صياغة العقود الاجتماعية بشكل جذري، والتقدم التكنولوجي المستملا. ومع ذلك، فقد سمح حتى الآن لقطر أن تقف على قدميها في الأزمة التي يحاول كل طرف أن يكون بطلها.