علاقات » ايراني

توقعات «ستراتفور»: «بن سلمان» ملكا قريبا واستقلال كردستان لا يزال بعيدا

في 2017/10/07

ستراتفور- ترجمة الخليج الجديد-

تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مفترق الطرق في العالم. وتشمل شبه الجزيرة العربية، وجبال إيران، وسهول تركيا، وصحارى بلاد الشام، والأراضي الواقعة شمال الصحراء، وجميع السواحل بينهما.

وتتلخص قصة المنطقة، كما هو الحال في كثير من الأحيان، في الأماكن العالقة بين اللاعبين الأجانب، وقصة التبادل التجاري والصراعات.

والقوى التقليدية في المنطقة حاليا هي تركيا وإيران، والسعودية ومصر هي القوى البارزة، وتتنافس جميعها للتأثير على الدول الضعيفة في المنطقة؛الأمر الذي يجعل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ساحة للعنف وعدم الاستقرار.

واشنطن وحدها ضد الاتفاق النووي

ومن الحرب في سوريا والعراق واليمن إلى استفتاء الاستقلال في كردستان العراق، سيكون لإيران يد في كل قضية ملحة تقريبا في الشرق الأوسط هذا الربع.

وهكذا، سنراقب المنطقة عن كثب لنرى كيف تتفاعل طهران مع العالم، خاصة في الوقت الذي يكون فيه اتفاقها النووي مع القوى العالمية أكثر هشاشة من أي وقت مضى.

وفى محاولة للحد من نفوذ طهران المتزايد في الشرق الاوسط، يضغط العديد من المسؤولين الأمريكيين لإعادة النظر في تطبيق بعض العقوبات ضد إيران، تلك التي تم تجميدها وفق خطة العمل الشاملة المشتركة (المنبثقة عن الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الكبرى).

وستتصدر هذه القضية أجندة وزارة الخارجية الأمريكية يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول، حين ستقرر، بناء على توصية الرئيس، ما إذا كانت ستجدد التصديق على الاتفاق النووي أم لا.

ووفق القوانين الأمريكية، فإن رئيس البلاد، لابد أن يدلي بإفادة أمام المشرعين في الكونغرس كل 3 أشهر، بخصوص مدى التزام طهران بالاتفاق النووي وتجديده التصديق على الاتفاق، وذلك اعتمادا على نتائج التحقيقات التي تجريها وزارة الخارجية الأمريكية. 

ولأن معظم الأدلة، بما في ذلك النتائج التي توصلت إليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تشير إلى أن طهران لم تكسر بنود الصفقة، سيكون من المستحيل تقريبا على البيت الأبيض أن يبرر عدم تجديد التصديق على الاتفاق على أساس خرق مادي من قبل إيران.

لكن واشنطن قد تختار عدم  تجديد التصديق بحجة أن الصفقة ليست فى مصلحة الأمن الوطني الأمريكي. وإذا رفض البيت الأبيض تجديد التصديق على الاتفاق، فإن الكونغرس الأمريكي سيكون لديه 60 يوما لبحث إعادة فرض العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني.

ونظرا للدعم المستمر للاتفاق بين حلفاء واشنطن، إلى جانب التركيز الأمريكي المكثف على كوريا الشمالية في هذا الربع، لن يأخذ المشرعون الأمريكيون الاقتراح بإعادة فرض العقوبات ضد إيران على محمل الجد.

فبعد كل شيء، لن ينتهك هذا التحرك الاتفاق فحسب، بل سيضر أيضا بالشركات الأوروبية والآسيوية التي تتفاعل مع إيران.

وعلاوة على ذلك، ستفقد الولايات المتحدة الثقة والشراكة مع شركائها الأجانب.

وتشير هذه النتائج مجتمعة إلى أنه على الرغم من أن خطة العمل الشاملة المشتركة تتسم بالهشاشة، إلا أنه من المرجح أن تظل قائمة خلال الربع الأخير من العام.

ومع ذلك، سيعبر البيت الأبيض عن انزعاجه من الأنشطة السياسية والعسكرية الإيرانية المعروفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وسيحاول الضغط على طهران حيثما كان ذلك ممكنا عن طريق فرض عقوبات جديدة لا علاقة لها بالبرنامج النووي للبلاد، وبالردود العسكرية السريعة للاستفزازات الإيرانية.

ورغم تردد الولايات المتحدة حول دعمها لخطة العمل المشتركة، فإن إيران ستحاول الحفاظ على الصفقة من خلال تعزيز علاقاتها مع الأطراف الأخرى في الاتفاق، والحفاظ على الامتثال لبنود الاتفاق وتحسين صورتها الدولية.

وقد عاود الاقتصاد الإيراني انتعاشه منذ تنفيذ خطة العمل المشتركة، نظرا لتجميد العقوبات المغلظة، وهناك عدد قليل من الفصائل في طهران على استعداد للتراجع عن هذا التقدم.

ويشير واقع النطاق الواسع لكمية الصفقات الاقتصادية الأخيرة التي أبرمتها إيران مع البلدان في جميع أنحاء أوروبا وآسيا والمحيط الهادئ إلى حرصها على جعل ملف عزلتها الدولية شيء من الماضي.

وبطريقة مماثلة، بدأت إيران في إعادة تأهيل صورتها كدولة مارقة، وإن كان ذلك جزئيا لإبعاد الانتباه عن استخدامها للوكلاء في الصراعات في جميع أنحاء المنطقة.

إيران تبقي أعداءها على مقربة

لن تكون الاتفاقات التجارية الأخيرة لإيران مع أوروبا آخر محاولاتها لتطبيع دورها في المجتمع الدولي.

وبينما يتصاعد الضغط من واشنطن، ستسعى طهران إلى الحصول على المساعدة في أماكن أخرى، من خلال إعادة الروابط تدريجيا مع السعودية وتركيا.

ومن شأن العلاقات الأقل عدائية مع هذين المنافسين أن تمكن إيران من إبقاء منافسيها على مقربة، من أجل تحقيق أهداف معينة، بما في ذلك إصلاح سمعتها.

ومنذ أن أعدمت السعودية رجل الدين الشيعي البارز، «نمر النمر»، مطلع عام 2016، وتحريض طهران على هجوم ضد السفارة السعودية في إيران، كانت العلاقات بين الرياض وطهران مشوشة بشكل كبير.

لكن المملكة سيكون لديها الدافع للسعي إلى تقارب محدود مع إيران، حيث تستعد المملكة لانتقال حساس في القيادة، وتهدف إلى تخفيف المدى الذي يمكن لطهران أن تقوض به الحكومة في الرياض. وتأمل إيران من جانبها في منع نفوذ المملكة من أن يمتد إلى معاقلها الدبلوماسية.

وفي حين يحاول كلا المتنافسين اختبار مياه التعاون منذ فترة طويلة، ستستمر المنافسة بينهما. وسيحتل تنافسهما مركز الصدارة في العراق، التي وجدت نفسها في مفترق طرق.

وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، وصلت السعودية (وإلى حد ما الكويت والإمارات) إلى الأجهزة السياسية والأمنية في العراق، وقدمت الدعم للسياسيين العراقيين من مختلف الخلفيات الدينية والعرقية، كما تستعد البلاد، التي مزقتها الحرب، لإعادة الإعمار، وإجراء انتخابات إقليمية وبرلمانية في النصف الأول من 2018.

ويتعين على كبار السياسيين الشيعة في العراق أن يجدوا طريقة لتحقيق التوازن بين مطالب الناخبين القومية والدعم الحازم لحليفتهم التاريخية، إيران، والمساعدات الجديدة من الشريك الجديد، السعودية.

وقد أوضحت المملكة السنية عزمها على توسيع نطاق نفوذها في جميع أنحاء العراق، وزيادة وجودها في الأراضي التي تعتبرها إيران تقليديا نطاقا للنفوذ الإيراني، من خلال التحضير لبناء قنصليتين في المناطق ذات الأغلبية الشيعية في هذا البلد. وسوف تظهر هذه الخطوة استقلال الحكومة العراقية عن إيران، وستعزز شرعية السياسيين بين الناخبين العرب قبل انتخابات عام 2018.

احتراق بطيء في سوريا واليمن

تصطدم مصالح السعودية وإيران في ساحة أخرى في الشرق الأوسط، هي ساحة الحرب الأهلية اليمنية.

ومع عدم وجود نهاية في الأفق للصراع الذي طال أمده، بدأت التصدعات تنتشر داخل تحالفات البلاد الشمالية والجنوبية.

أما في الشمال (صنعاء)، فإن التحالف العملي بين الحوثيين وأتباع الرئيس السابق «علي عبد الله صالح» قد تعرض لضغوط متزايدة؛ حيث حارب أعضاء الفصيلين بعضهما البعض.

ومع ذلك، سيستمر تحالف المتمردين طالما لا يزال الحل السياسي للحرب بعيد المنال. ومع كل محاولة جديدة يقوم بها المتمردون الحوثيون لإطلاق الصواريخ باتجاه السعودية، ستصبح الرياض أكثر اقتناعا بأن إيران تهرب لهم الأسلحة، الأمر الذي يؤكد التهديد على حدود المملكة.

ومن ناحية أخرى، سيسعى الجنوب إلى كسب مزيد من الحكم الذاتي من دول الخليج والحكومة التي تتخذ من عدن مقرا لها.

وفي بلاد الشام، ستسحب القوات السورية المدعومة من الولايات المتحدة عملياتها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في محافظة الرقة (شمال غرب) هذا الربع.

ومع استمرار التنظيم في فقد الأراضي بشكل مطرد في سوريا والعراق، ستعزز القوات الموالية لدمشق (النظام السوري) مواقعها في دير الزور قبل أن تضغط شرقا باتجاه الحدود العراقية.

وفي الوقت نفسه، ستركز تركيا جهودها على عكس المكاسب التي حققتها وحدات حماية الشعب الكردية. وتحقيقا لهذه الغاية، ستشن أنقرة هجمات جديدة ضد الوحدات في معقلها، في مدينة عفرين (شمال غرب).

لكن تركيا ستواجه مقاومة شديدة من روسيا، التي تحافظ على وجود عسكري في المنطقة، ووقفت مرارا ضد حركة القوات التركية في سوريا من قبل، على الرغم من محاولات أنقرة للتفاوض مع موسكو (وطهران) على منحها فرصة لمواصلة هجومها ضد وحدات حماية الشعب الكردية.

كذلك سيستمر إحباط تركيا من استمرار الدعم الأمريكي للمقاتلين الأكراد.

وفي إطار محادثات السلام السورية التي تمت استضافتها في أستانة، حاولت كازاخستان وروسيا وإيران إقناع تركيا بإعادة النظر في مساعدتها للمعارضة في محافظ إدلب (شمال). 

وكما يحدث، ظهر مصدر غير محتمل لدعم قضيتهم، وهو هيئة تحرير الشام. وإدراكا من الجماعة السلفية المسلحة لاحتمال هجوم من الموالين في الأفق، فقد نشطت دفاعاتها في محافظة إدلب لعدة أشهر، وجاءت تلك العملية على حساب شركاء تركيا من مقاتلي المعارضة.

وقد ترغب تركيا في استعادة الأرض ونفوذها على هيئة تحرير الشام، وقد تختار تركيا القيام بدور عسكري أكثر نشاطا في شمال المحافظة؛ حيث يهاجم الموالون المدعومون من الروس والمدعومون من إيران المجموعة في الجنوب والشرق من المنطقة، في الأشهر القليلة المقبلة.

وبينما يتحرك زخم الحرب الأهلية السورية في صالح الموالين، سيتمتع أحد حلفائهم الرئيسيين، وهو «حزب الله» اللبناني، بالحرية في تجميع قواته على حدود (إسرائيل) مرة أخرى.

وإدراكا منها للعودة الوشيكة لخصمها المدعوم من إيران، ستصعد (إسرائيل) من ضرباتها ضد «حزب الله» وشركائه قبل أن يتاح للحزب فرصة إعادة التجمع.

وقد يشجع تأثير إيران المتزايد في سوريا (إسرائيل) على اتخاذ إجراءات أسرع ضد «حزب الله» رغم أن القيام بذلك يتطلب أولا مفاوضات معقدة مع روسيا. وبغض النظر عن ذلك، ستتحرك (إسرائيل) بقوة في سوريا في الربع المقبل، مع تزايد وجود إيران الدائم هناك.

الاستقلال الكردي لا يزال بعيدا

واحد من الأشياء القليلة التي يمكن أن تتفق عليها القوى في الشرق الأوسط هو الاستفتاء الكردي.

وتجدر الإشارة إلى أن تصويت الدولة، التى لم يعترف بها بعد، والتى طال انتظارها للمطالبة بالاستقلال عن الحكومة المركزية في بغداد، جرى في 25 سبتمبر/أيلول، وجاءت النتيجة بـ «نعم» بنسبة مدوية، الأمر الذي يمنح «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الحاكم للإقليم الشرعية التي يسعى إليها.

والآن، سيستخدم الحزب هذه الشرعية لتحصين موقعه على رأس كردستان العراق، وتحسين مكانته في المفاوضات مع بغداد حول حقوق الطاقة والتمويل والأراضي المتنازع عليها.

إلا أن أكبر منافسي «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، وهما حزبا «الاتحاد الوطني الكردستاني» وحزب «كوران» أو «حركة التغيير» الكردية، سيعملون على تأمين حصصهم من السلطة السياسية والمالية خلال المحادثات مع بغداد، التي ستبدأ جديا في 2018، بعد غضب الحكومة المركزية بسبب الاستفتاء.

وبينما تحاول الأحزاب الكردية ضمان تحقيق نتائج الاستفتاء، ستتعمق التصدعات فيما بينها؛ الأمر الذي سيثير الخلافات التي ستظهر في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني.

ولن يتفاقم الاقتتال الكردي إلا بعد تدخل أكبر الجهات الداعمة ماليا لحكومة إقليم كردستان، تركيا وإيران والولايات المتحدة، لدعم موقف بغداد وحجب المساعدات الإضافية لأربيل، للإبقاء على الاستفتاء في قالب الرمزية، سعيا للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

والآن، بعد أن احتوت التهديدات المباشرة من قبل تنظيم «الدولة الإسلامية»، تصبح القوى الكردية والعربية التي واجهت التنظيم في خطر تحريك غضبها تجاه بعضها البعض، خلال السعي للسيطرة على الأراضي القيمة.

ويوجد في كل من أربيل وبغداد ميليشيات في مناطق متنازع عليها مثل كركوك وديالى، ومع تزايد التوتر بينها، يزداد خطر الاشتباكات على الأرض.

ومع الرفض الموحد من قبل إيران وتركيا، فسيستخدمان وكلاءهما في كردستان العراق للدفاع عن مصالحهما في هذه النزاعات الإقليمية خلال هذا الربع. وبينما يعملان مع الحكومة المركزية العراقية لاحتواء تداعيات التصويت، ستزداد قوة علاقاتهما مع بغداد.

النزاعات والإصلاحات في الخليج

وبعبور الحدود الجنوبية للعراق، ستتعامل السعودية مع بعض الأزمات الخاصة بها.

وفي الأشهر الأخيرة، قادت المملكة بعض أقرانها في «مجلس التعاون الخليجي» في حملة لعزل قطر، كعقاب على بعض سياساتها. 

وقد كشفت تلك الحملة عن العيوب في خطط الكتلة لتحقيق تكامل أكبر من خلال تضارب مصالح أعضائها.

فعلى سبيل المثال، تتقاسم السعودية والإمارات أهداف وقف انتشار النفوذ الإيراني والجماعات الإسلامية، وهما من الدوافع الرئيسية وراء الحصار المفروض على قطر، لكن أولوياتهما التشغيلية تتناقض.

وعلاوة على ذلك، فإن استئناف قطر مؤخرا للعلاقات مع إيران أظهر مدى فشل الحصار، فضلا عن المدى الذي تعمل فيه الدوحة على علاقاتها مع طهران وأنقرة لمقاومة الآثار الضارة لعزلتها.

وعلى المدى الطويل، سيؤدي الحصار إلى إضعاف نسيج «مجلس التعاون الخليجي» في المجمل. وستستمر الحروب الإعلامية بين الطرفين بعد فترة طويلة من التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة، وسيتم عرض عدائهما الدائم خلال القمة السنوية للكتلة التي ستعقد في ديسمبر/كانون الأول المقبل.

ومع ذلك، ستحاول دول المجلس بشكل فردي التغلب على عجز موازناتها لعام 2018، والوفاء بالموعد النهائي المتفق عليه في يناير/كانون الثاني لإصدار ضريبة القيمة المضافة المشتركة. لكن عدم الثقة المتبادل، الذي تخلله العداء مع قطر، لن يجعل تحقيق أي من هذه الأهداف سهلا.

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه هذه الخلافات، ستواجه السعودية تحديا آخر يتمثل في العديد من التغييرات الجذرية في أعلى مستويات حكومتها.

وسينصب تركيز ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» على ضمان حصوله على الدعم القوي من قادة البلاد وسكانها، خاصة بعد إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في المملكة.

وقد ازداد اهتمامه بقاعدته السياسية وسط شائعات عن تنازل وشيك محتمل من قبل الملك عن العرش؛ لذا فمن المرجح أن يتولى العرش في المستقبل القريب.

ويشير اعتقال السلطات السعودية مؤخرا لعدد من رجال الدين والناشطين والعلماء البارزين إلى نية الأمير في الحد من معارضة خطوة توليه الحكم، وذلك مع استمرار المشاكل المالية في الرياض.

وستعمل المملكة على تعزيز عائداتها غير النفطية خلال الربع الرابع من العام الجاري، مع آخر محاولة لتطبيق خطة للتوسع في التوظيف بين مواطنيها.

وستعطي كل هذه التغيرات الهائلة السعودية سببا في السعي إلى الهدوء قدر الإمكان، بما في ذلك في علاقتها مع إيران.

تجدد عملية السلام في ليبيا

ستكون السمة الغالبة في ليبيا هي الهدوء في الربع المقبل؛ حيث يواصل ممثلو الحكومة المؤقتة، ومقرها البيضاء (شرق)، التفاوض على حل سياسي للنزاع ودستور جديد ودور للمشير «خليفة حفتر» وجيشه في أي حكومة وحدة مستقبلية.

ورغم أن خطة العمل التي تقودها الأمم المتحدة، التي تم كشف النقاب عنها في سبتمبر/أيلول، أعادت تنشيط المحادثات، فمن غير المحتمل أن تؤدي إلى تحقيق تقدم قبل نهاية العام.

وبعد كل شيء، لا يزال «حفتر» شخصية مثيرة للانقسام في شرق ليبيا؛ حيث يسيطر على ما يكفي من البلاد، ويستقوي بما يكفي من الدعم الأجنبي، لمواصلة تعقيد الموقف أمام المنافسين السياسيين في الغرب الضعيف.

وسيظل إنتاج ليبيا من النفط متقلبا مثل سياساتها. وعلى الرغم من أن الإنتاج بلغ ذروته عند نحو مليون برميل يوميا في يوليو/تموز، وهو أعلى رقم شهدته ليبيا منذ عام 2014، إلا أن الارتفاع لم يدم طويلا. وأغلق أفراد الأمن والميليشيات عدة خطوط أنابيب وحقول نفطية رئيسية في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول في محاولة للمقايضة للحصول على مرتبات أعلى أو الأجور غير المدفوعة.

ويعد استخدام خطوط الأنابيب كعامل مساومة من جانب المجتمعات المحلية والميليشيات سمة ثابتة في صناعة الطاقة في ليبيا، ومن المرجح أن تستمر خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وفي الوقت نفسه، عادت الفروع الليبية التابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية» إلى الظهور.

وبعد شن عدة هجمات خلال الربع الثالث، من المرجح أن يواصل المسلحون تهديد نقاط التفتيش الأمنية والبنية التحتية للنفط والمياه حتى نهاية العام.

وسيشجع نشاطهم التعاون التكتيكي بين القوات الليبية المتنافسة التي تشترك في هدف القضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية»، مثل «البنيان المرصوص» والقوات التي يقودها «حفتر».

ولن تكون عودة فروع تنظيم «الدولة الإسلامية» أمرا جديدا بالنسبة إلى ليبيا. ومع خسارة التنظيم المتطرف لأراضيه ومعاقله في العراق وسوريا، سيعود إلى أساليب التمرد التي اعتمد عليها قبل إنشاء ما يسمى بالخلافة.

وفي الوقت نفسه، سيركز على تعزيز ولاياته في شبه جزيرة سيناء وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، لتحويل الانتباه عن نكساته في ساحات المعارك الأخرى.

ورغم فقدان التنظيم للأراضي والجنود، لا يزال لديه منافذ دعائية قابلة للحياة، قادرة على إلهام وتحريض الهجمات الشعبية في جميع أنحاء العالم.

لكن رغم أن هذه المنافذ قد دعت إلى عمليات معقدة ومتطورة، من التسميم بالسيانيد إلى عمليات تخريب قضبان السكك الحديدية، إلا أن أنواع الهجمات التي يحتمل أن يتبعها أتباع التنظيم ستكون بسيطة تكتيكيا، ولن تتعدى عمليات الطعن بالسكين أو عمليات الدهس.