ملفات » الطريف إلى العرش

5 أشهر من الأزمة.. 3 ردود قطرية صامتة على دول الحصار

في 2017/11/06

أحمد علي حسن - الخليج أونلاين-

تدخل الأزمة الخليجية شهرها السادس بعد 5 أشهر من القطيعة التامة بين قطر ودول الحصار؛ بدأت بتضييق اقتصادي، وامتدت لقطع العلاقات مع الدوحة، لكن الذي لم ينقطع هو سيل الهجوم الإعلامي والتصريحات ضد قطر.

الموقف القطري، كما يصفه محللون ومراقبون، اتّسم بالحكمة والمرونة، منذ بدء الأزمة من خلال القدرة الدبلوماسية، والحنكة السياسية في الرد على مطالب الرباعي العربي (السعودية، الإمارات، البحرين، مصر).

وعبر مواقف مختلفة استطاع أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن يوصل رسائل لدول الحصار بطريقة ضمنية دون التصريح، مما أظهر قوة الموقف القطري في التعامل مع الأزمة الخليجية.

- المشاركة باحتفال "الجزيرة"

في آخر رسائله وأولها، حرص أمير قطر على المشاركة في احتفالية الذكرى الـ21 لانطلاقة "الجزيرة" القطرية، في خطوة اعتبرها مراقبون بمنزلة رد على دول الحصار التي تضع إغلاق القناة ضمن شروط إنهاء الأزمة الخليجية.

حضور الشيخ تميم فعالية "الجزيرة" يحمل في مضمونه تأكيد موقف قطر الرافض لإغلاق القناة كشرط لإنهاء الحصار والأزمة، إذ حسمت الدوحة مؤخراً أمرها وأعلنت أنه "لا تفاوض على مستقبل الجزيرة درة الإعلام القطري".

 

 

كما أن هذه الخطوة التي ربما تكون مقصودة، توصد أبواب التكهنات بمستقبل القناة، في ظل مطالبة دول الحصار بإغلاقها، وهو ما ترفضه الدوحة جملة وتفصيلاً، على اعتبار أنها مكّنت قطر من أداء دور إقليمي أكثر تأثيراً.

ودون أن يلقي كلمة خلال الحفل أو يدلي بتصريح، فقد استطاع أمير قطر القول ضمنياً إن "قناة الجزيرة لن تُغلق"، في تأكيد لما صرّح به مؤخراً خلال مقابلة مع قناة "سي بي إس" الأمريكية.

والشيخ تميم نجل أمير قطر الوالد حمد بن خليفة آل ثاني، الذي أسس قناة "الجزيرة" في تسعينيات القرن الماضي، والتي رفعت منذ بدايتها شعار "منبر من لا منبر له"، لتفتح بذلك نافذة للأصوات المعارضة التي طالما حجبتها أنظمة بلادها.

و"الجزيرة" انطلقت سنة 1996، وانبثق منها شعار "الرأي والرأي الآخر"، لتكتسب ثقة جماهير عربية شغوفة بمعرفة ما يدور في محيطها بمهنية عالية، واستوحت اسمها من شبه الجزيرة العربية.

واستطاعت القناة مزاحمة وسائل إعلام عالمية على الصدارة، لتغدو الشاهد الوحيد على أحداث مفصلية تاريخية إقليمياً وعالمياً، كما أعادت رسم الخريطة السياسية للعديد من دول العالم، التي برزت جليّة أخيراً في أحداث الربيع العربي عام 2011.

وغلق قناة الجزيرة هو أحد المطالب الـ13 التي قدمتها الدول الأربع المقاطِعة لقطر لإعادة العلاقات معها، والتي اعتبرتها الدوحة "ليست واقعية ولا متوازنة وغير منطقية وغير قابلة للتنفيذ".

- حضور "الكواري"

إلى جانب أمير قطر في احتفال الجزيرة، كان المستشار بالديوان الأميري حمد بن عبد العزيز الكواري حاضراً، وذلك بعد أيام قليلة من معركة رئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، التي نافس فيها بقوة.

جلوس الكواري إلى جانب الشيخ تميم في مقدّمة صفوف حاضري الحفل، يرد بطريقة أو بأخرى على مواقف دول الحصار التي ساهمت عبر ممثليها في "اليونسكو"، بإنجاح منافسته الفرنسية أودري أوزلاي.

وقبلها بأيام، منح الشيخ تميم وشاح الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة، للكواري، وذلك "تقديراً لعطائه ودوره في خدمة البلاد (قطر)، وعلى تمثيله المشرف لدولة قطر في المنابر الثقافة الدولية".

ومما يؤكد مؤامرة اليونسكو، تصريح وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، الذي كشف فيه عن تعرض بعض الدول التي لم تصوّت لمصلحة مرشح قطر للابتزاز.

وأضاف أن بعض هذه الدول، خاصةً جزر القمر والصومال، تعرضت لأعمال انتقامية بسبب عدم طاعتها لدول الحصار، معتبراً أن "ما حدث من تآمر ضد الكواري، يعد خيانة وطعنة بسكين في الظهر ممن كنا نعتبرهم أشقاء".

وعقب إعلان فوز منافِسة الكواري، صرح دبلوماسي مصري، قائلاً: "تسقط قطر وتعيش فرنسا"، محاولاً الشماتة بعدم فوز مرشح قطر، مما أثار استياء الدبلوماسيين الدوليين.

- زيارة أنقرة وزيادة التعاون العسكري

وضمن مطالب دول الحصار وشروطها لوقف حصار قطر، إغلاق القاعدة العسكرية التركية، التي ردّ عليها أمير قطر بزيارة إلى أنقرة، منتصف سبتمبر الماضي، والتي كانت وجهته الأولى في أول جولة خارجية، بعد 100 يوم من الحصار.

زيارة الشيخ تميم أكدت في مضمونها رفض إغلاق القاعدة التركية، وهو ما أثبتته بالفعل جملة التصريحات الصادرة عن زعيمي البلدين، التي أعقبت بدء الأزمة، وأكدت عمق العلاقة بينهما.

ويعكس اختيار أنقرة وجهةً أولى في جولة أمير قطر، حرْص الأخير على العلاقات مع تركيا التي تعتبر الشريك القوي والحليف الأول للدوحة، كما تحمل رسالة للدول المُطالبة بغلق القاعدة التركية.

 

 

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، خاصة في الأسابيع الأولى من الأزمة الخليجية، أرسلت تركيا على دفعات عدداً من جنودها إلى القاعدة العسكرية في الدوحة، وهو ما اعتبره مراقبون تحدّياً مشروعاً لمطلب دول بالحصار بإغلاقها.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد اعتبر مطالبة دول الحصار بالإغلاق الفوري للقاعدة التركية، ووقف أي تعاون عسكري قطري مع تركيا، "مطالبة قبيحة" ولا يجدها صحيحة، مشيراً إلى أنها تمثل تدخلاً في العلاقات الثنائية.

ومنذ اندلاع الأزمة الخليجية، تبنّى البرلمان التركي، الأربعاء 7 يونيو 2017، اتفاقيتين تسمحان بنشر قوات عسكرية بقاعدة تركية في قطر؛ تطبيقاً لاتفاقية الدفاع المشترك التي وقّعها البلدان عام 2014، بالإضافة إلى تدريب قوات الدرك.

وبعد 50 يوماً من الغياب الحكيم، أطل الشيخ تميم بخطاب جامع أجمل فيه الموقف القطري إزاء الخلاف مع دول الخليج الثلاث (السعودية، والإمارات، والبحرين).

الخطاب المُتّزن- وفق مراقبين- تميز بالحنكة ورصانة القول في التعامل والرد على الدول الثلاث المحاصِرة، كما حمل رسائل نقد شديدة لتصرفات الدول الشقيقة مع قطر، في فرض الحصار البري والبحري والجوي.

وفي 5 يونيو الماضي، قطعت كل من السعودية ومصر والإمارات والبحرين علاقاتها مع قطر؛ بدعوى "دعمها للإرهاب"، وهو ما نفته الدوحة، معتبرةً أنها تواجه "حملة افتراءات وأكاذيب".