ملفات » نيوم السعودية

بن سلمان يسعى لكبح جماح المؤسسة الدينية السعودية

في 2017/11/07

ترجمة منال حميد -

على مدى عقود، كانت المؤسسة الدينية في السعودية صاحبة الحق بتفسير الإسلام، مدعومة من العائلة الحاكمة ومستفيدة من ثروات النفط الهائلة لتركيز سيطرة السعودية ونشر مذهبها بعموم العالم، إلا أن الوضع بدأ يتغير بسرعة مع وصول ولي العهد، محمد بن سلمان، الذي يسعى لكبح جماح السلطة الدينية بالسعودية، بإطار حملة كبيرة يشنها من أجل ترسيخ قوته ونفوذه، بحسب تقرير لصحيفة نيوروك تايمز الأمريكية.

قبل حملة الاعتقالات الأخيرة التي شنها بن سلمان على أمراء ووزراء ومسؤولين سابقين وحاليين، جرد الأمير الشاب الشرطة الدينية، أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من صلاحياتها، كما سمح للمرأة بالدخول إلى الحياة العامة بشكل أوسع ومنحها حق قيادة السيارة، فضلاً عن احتجازه العشرات من رجال الدين، "وإذا ما واصل بن سلمان طريقته في إدارة الأمور بالسعودية فإن ذلك يعني أن هناك إعادة ترتيب تاريخي للدولة السعودية، خاصة أن بن سلمان أعرب عن نيته العودة بالسعودية إلى الإسلام الوسطي".

بن سلمان وعقب الاعتقالات التي نفذها ليلة السبت الماضي، صار مسيطراً على قوات الأمن الرئيسية في البلاد، وهو الآن بطريقه للسيطرة على المؤسسة الدينية القوية بالسعودية.

هيئة كبار العلماء أيدت في بيان لها الاعتقالات التي طالت أمراء ووزراء ومسؤولين سابقين، وقالت إن محاربة الفساد لا تقل عن محاربة الإرهاب، وإن الحفاظ على الوطن يتطلب ذلك.

ولكن هذا التنازل الكبير من قبل المؤسسة الدينية سيكون تحدياً كبيراً في مجتمع محافظ، ويمتلك خصوصية كبيرة باعتبار أنه مهد الإسلام، كل ذلك سيجعل من الصعب فرض تغييرات إصلاحية على هذه المؤسسة البيروقراطية الدينية المترامية الأطراف داخل المجتمع السعودي.

رجل دين حكومي من بريدة، بحسب ما وصفته الصحيفة، قال لموفد الصحيفة إن سير الأمور لا يجعله مرتاحاً؛ "القبول بالموسيقى في المناسبات العامة والعديد من التغييرات أمور تغضب الله، إنها مشكلة".

حالة الرفض هذه سعت الحكومة السعودية إلى إسكاتها من خلال حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من رجال الدين، وهي ضربة "وقائية". وبحسب رجل الدين السعودي الذي رفض الإفصاح عن اسمه "فكل الذين فكروا بالاعتراض وقول لا للحكومة تم اعتقالهم"، .

يقول ستيفان لاكرويكس، الباحث بالإسلام السياسي بمعهد العلوم السياسية في باريس، إن بن سلمان يسعى إلى إضعاف المؤسسة الدينية "ومعظم الوهابيين غير سعداء بما يحدث، ولكن الحفاظ على التحالف بين المؤسسة الدينية والنظام الملكي هو الأكثر أهمية في هذه المرحلة، لديهم الكثير ليخسرونه في حال الاحتجاج على إجراءات بن سلمان".

يعود تحالف رجال الدين والعائلة المالكة إلى تأسيس الأسرة السعودية في القرن السابع عشر، ومنذ ذلك الحين حكمت العائلة المالكة بتوجيه من رجال الدين الذين منحوا حكم آل سعود الشرعية الدينية، واستمر التحالف من خلال تأسيس المملكة السعودية في العام 1932، حيث تشكلت الدولة السعودية بصيغتها الإسلامية الصارمة.

جماعات حقوق الإنسان تقول إن الكتب المدرسية في السعودية ما زالت تعزز التعصب، وإن المحافظين يسيطرون على المناهج ويمررون من خلالها آراءهم وأفكارهم.

وعلى الرغم من أن الاختلاط بدأ يشاهد في المملكة فإن الفصل بين الجنسين ما يزال هو القاعدة.

وأظهر بن سلمان، منذ بزوغ نجمه، عدم احترام للمؤسسة الدينية التقليدية، وصدم بن سلمان بإجراءاته المؤسسة الدينية؛ فمع تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف أنشأ هيئة أخرى للترفيه سمحت بالموسيقى والعروض الغنائية والحفلات، كما سيتم السماح للنساء بالدخول إلى الملاعب التي كانت محظورة عليهن.

العديد من الشباب السعوديين أيدوا إصلاحات بن سلمان، فهم يريدون أن يعيشوا حياة عصرية، بعيداً عن الحياة التقليدية التي يفرضها عليهم رجال الدين المتشددون، بحسب ما تقوله الصحيفة.

رجل دين آخر تحدث للصحيفة قائلاً إن المجتمع بشكل عام خائف جداً؛ "إنهم يشعرون بأن القضية سلبية؛ دفع المرأة إلى المجتمع له عواقب وهو غير صحيح وسيجلب المزيد من الفساد بدلاً من الفوائد، إنهم يريدون الرقص والذهاب إلى السينما، وأن تكشف المرأة وجهها وساقيها وفخذيها، هذا هو الفكر الليبرالي والأيديولوجية الفاسدة".