ملفات » الطريف إلى العرش

إعادة هيكلة القيادة في السعودية بشكل قسري انتهاك للتقاليد

في 2017/11/20

الخليج الجديد-

قال الكاتب التركي البروفسور «محي الدين أتمان» في مقاله في صحيفة «ديلي صباح»، إن المملكة العربية السعودية  لطالما كانت معروفة بمجتمعها السياسي التقليدي.

وباعتبارها واحدة من أكثر الدول المؤيدة للوضع الراهن في الشرق الأوسط، فقد دعمت الرياض دائما الدول والمجموعات المحافظة.

وخلافا للدول العربية الأخرى، لم تتأثر السعودية بالموجات السياسية العالمية، وبشكل أكثر تحديدا، من انتفاضات الربيع العربي.

وكانت الأداة الرئيسية لرد فعلها على الانتفاضات العربية، هو تخصيص 37 مليار دولار، وهو رد فعل مماثل للخطوات السابقة التي اتخذتها الرياض عندما واجهت تطورات محلية ودولية.

ومع ذلك، لم يكن ذلك الأداة الوحيدة التي استخدمها الحكومة السعودية، فقد حاولت الحكومة السعودية إبقاء موجة الانتفاضات بعيدا عن الخليج، ليس فقط عن المملكة العربية السعودية، حيث أنشأت تحالفا إقليميا، وتدخلت في الشؤون السياسية البحرينية، وعملت في النهاية على قمع المظاهرات. وعلى هذا النحو، نجحت على الأقل في تأجيل تأثير الانتفاضات.

تغييرات

ومع ذلك، ومع تغير الإدارة في يناير/كانون الثاني 2015، اتبعت السعودية العديد من السياسات غير التقليدية أولا، بمجرد وصول الملك «سلمان» إلى السلطة في مطلع عام 2015، قام بعزل شقيقه ولي العهد «مقرن بن عبد العزيز» من مقعده، وعين في مكانه، «محمد بن نايف» وليا للعهد، الذي كان يعتبر واحدا من أقوى الأمراء السديريين.

ثانيا، قام الملك بتغيير ولي العهد مرة أخرى في يونيو/حزيران الماضي، حيث أزاح «بن نايف» من المنصب، وقام بتعيين ابنه «محمد بن سلمان».

وقد فوض الملك «سلمان» جميع المواقع الهامة لابنه، وهكذا، أصبح «محمد بن سلمان»، باعتباره واحدا من أصغر الأمراء وأقلهم خبرة أقوى فرد في البلاد من خلال اتخاذ منصبين قويين هما ولي العهد ووزير الدفاع.

ثالثا، عين «سلمان» الأسبوع الماضي، ابنه «محمد» رئيسا للجنة مكافحة الفساد المنشأة حديثا. وقد مكنت هذه المشاركة الأخيرة «بن سلمان» من اتهام أي منافس محتمل من الأسرة بالفساد.

وبدأ حملة اعتقالات جماعية للأمراء ورجال الأعمال والبيروقراطيين والمسؤولين الحكوميين السابقين.

قتل الأحفاد

وخلال العملية الأخيرة، فقد اثنين من الأمراء حياتهم، حيث قتل الأمير «منصور بن مقرن»، وهو أحد مستشاري ولي العهد السابق «بن نايف»، في حادث تحطم طائرة هليكوبتر.

وبما أن «منصور بن مقرن» كان مرتبطا بشكل وثيق مع أولياء العهد السابقين، فهناك العديد من التساؤلات حول وفاته.

وكان الأمير الآخر الذي قتل هو «عبدالعزيز بن فهد»، الذي كان معروفا بآرائه المناهضة لـ(إسرائيل) ومناهضة الإمارات، ويدعى أنه قتل عندما قاوم الاعتقال.

وبالنظر إلى اعتقال اثنين من أبناء الملك الراحل «عبد الله» وهما «معتب» و«تركي»، ورجال أعمال ليبراليين مثل «الوليد بن طلال»، فيمكن للمرء أن يدعي بسهولة أن النية الرئيسية وراء كل هذه التحركات كانت تعزيز قوة «محمد بن سلمان» الشخصية.

ومع ذلك، قد يكون لهذه الإجراءات آثار كبيرة على مستقبل المملكة العربية السعودية.

ومن خلال اعتقال عناصر سياسية واقتصادية قوية وتجميد أصولها المالية، يعرض «محمد بن سلمان»، نفسه للمخاطر من خلال إعادة هيكلة القيادة السعودية على طريق غير تقليدي.

وستفقد الجهات الاقتصادية الفاعلة الثقة بالنظام مع تجمد «بن سلمان»، الأصول المالية لأكثر من ألف رجل أعمال.

وستكون النتيجة زيادة تدفق رأس المال من المملكة في المستقبل القريب، وهذا يعني أنه من الآن فصاعدا، ستشكك بعض مراكز السلطة المحلية في الشرعية الداخلية للنظام السعودي، وهذا سيجعل شرعية النظام أكثر ضعفا من أي وقت مضى.

ويبدو أن صراعا قويا على السلطة بين أحفاد الملك «عبد العزيز بن سعود»، سيحدد مستقبل البلاد.

ومن المؤكد أن قتل حفيدين للمؤسس ومصادرة الأصول المالية لرجال الأعمال الرئيسيين سيكون له انعكاسات على السياسة السعودية في المستقبل القريب.

هذه هي المرة الأولى التي تهدد فيها الحكومة حياة وثروة الشخصيات المؤثرة في الأسرة، لذلك فإن أي إجراء يتخذه «بن سلمان» في المستقبل القريب سيكون له أهمية في تحديد المستقبل. لذلك، في الوقت الحاضر يمكن القول أن مستقبل المملكة العربية السعودية يقع في يد ولي العهد الذي قام بالكثير من المخاطرات من خلال الانحراف عن الخطاب السياسي التقليدي للمملكة. إذا لم يتمكن من إدارة وتيرة الأحداث في البلاد، فإن العملية قد تصبح مدمرة ذاتيا بالنسبة له، وللدولة السعودية.

وبشكل عام هناك قلق واضح في كتابات كافة الكتاب والمحللين السياسيين الأتراك المتابعين للشأن الخليجي من الإجراءات التي يقوم بها «بن سلمان»، مما يشي بانعكاسات سلبية على العلاقات التركية السعودية.