سياسة وأمن » حروب

بالاغتيال والإقالات.. لماذا تلفظ عدن محافظيها؟

في 2017/11/28

الخليج اونلاين-

في أقل من عامين ونصف العام عيّن الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، أربعة محافظين للعاصمة المؤقتة عدن، بعد إعلانها "محررة" من مليشيا الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح منتصف العام 2015.

لكن هذه التعيينات لم يكتب لأي منها النجاح، بل كانت نهاية أحدهم الاغتيال، واثنان منهم انتهت مهّمتهما بالإقالة من منصبيهما، في حين قدم الأخير استقالته.

فلم يدم نايف البكري طويلاً حتى أُقيل ضمنياً، وعُيّن وزيراً للشباب والرياضة، وخلفه اللواء جعفر محمد سعد، الذي تولى إدارة المحافظة في مرحلة شهدت تفجيرات وعمليات إرهابية، بعد أن قاد عملية التحرير من مليشيا الحوثي وصالح.

لكن سعد اغتيل في تفجير إرهابي مطلع ديسمبر قبل عامين، وتسلم عيدروس الزبيدي عدن، ثم أقيل واتسعت فجوة الخلافات بينه وبين الحكومة بعد ذلك، وعُين عبد العزيز المفلحي محافظاً رابعاً.

-اتهام الحكومة

كان آخر المحافظين يحاول جاهداً التغيير للأفضل وإعادة تطبيع الحياة، لكنه فشل لأسباب نسبها إلى الحكومة في رسالة استقالته التي قدّمها منتصف نوفمبر الجاري.

المحلل السياسي أكرم الآنسي أشار إلى أن الاختلالات، التي تشهدها بعض المحافظات المحررة، تكشف بعضاً من الأسباب التي عادة ما تدفع المحافظين إلى تقديم الاستقالة، أو الخروج عن الطريق التي ترسمها لهم الحكومة.

وحمّل الآنسي في تصريح خاص لـ"الخليج أونلاين" الرئيس هادي وحكومته المسؤولية، إذ يقول إن الأمر لم يكن في عدن فقط بل تعز أيضاً، وقد تشهده محافظات أخرى تتشابه فيها الأسباب التي تدفع المسؤولين الشرعيين نحو الاستقالة.

وأضاف: "رسالة الاستقالة التي قدمها المحافظ عبد العزيز المفلحي حملت الكثير من أسباب عدم نجاح المحافظين في عدن، وتتلخص في الفساد المالي والإداري والتطفل، وإلغاء دور المحافظ وتحجيمه ووجود قوى مسلحة خارج الإطار الشرعي".

وكان المفلحي وصف الحكومة اليمنية في استقالته "بمعسكر كبير للفساد، كتائبه مدربة وحصونه محمية بحراسة يقودها رئيس الحكومة".

وأكد الآنسي أن الجهود الكبيرة التي بذلتها السلطة المحلية بمحافظة عدن لإيقاف "التدهور الممنهج" فشلت، بسبب الحكومة التي "دأبت على وضع العراقيل تلو العراقيل لأسباب ينبغي مساءلتها عليها".

واتهم حكومة أحمد بن دغر بالسعي وراء إفشال المحافظين، من خلال عدم توفير الإمكانيات اللازمة لعملهم، كما تمنعهم من استغلال الموارد المتاحة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية التي فشلت فيها عدن كثيراً.

ووفق الآنسي فقد تكون سياسة "تقليم الأظافر" التي تنتهجها الحكومة والرئاسة تجاه من تعينهم في عدن، تهدف إلى التقليل من فرص ذهاب المحافظين بعدن إلى الانفصال، إلا أنها تسيء إليها لكونها الجهة المسؤولة عن إعادة الحياة للمحافظة وكل المدن المحررة.

ويشير إلى أن عدن لن تكون قادرة على إدارة شؤونها في ظل التعقيدات بين التكوينات المختلفة، التي وصلت حد المواجهة المسلحة ولم يكن المحافظ قادراً على التحرك بحرية في الميدان.

-هادي تركه وحيداً

لم يبت هادي بعد في استقالة المفلحي التي رُفضت وحُدد لقاء بينهما، وما تزال احتمالات عودته لإدارة شؤون العاصمة المؤقتة عدن ضئيلة، في حين لا تشير النتائج إلى إمكانية إعادة عيدروس الزبيدي (رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي باليمن).

ومن الممكن أن تشهد عدن تعيين محافظ جديد في حال لم تتجاوب الحكومة مع مطالب المفلحي.

وفي استفتاء أجراه رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد"، فتحي بن لزرق، على صفحته في فيسبوك بتاريخ 24 نوفمبر الجاري، أجاب أكثر من ثلاثة آلاف مشارك؛ منهم 59% أيدوا إعادة تعيين نايف البكري محافظاً لعدن.

وقال بن لزرق في مقال صحافي تعليقاً على استقالة المفلحي: "عيّن الرئيس هادي المفلحي محافظاً لعدن لكنه تركه وحيداً، ولم يسارع بشكل جدّي ومسؤول لمعالجة شكواه من تجاوزات الحكومة".

واعتبر أنه "لو سارع للتعامل مع شكاوى المفلحي بشكل جدي لتمكن من تجاوز حالة الشرخ الحاصلة في جدار سلطته بعدن، والتي يشكل هذا الرجل أحد أطرافها وتمثل الحكومة الطرف الآخر".

ويُتوقع أن تنعكس حالة الفشل التي اعترت المحافظين والحكومة على الساحة بعدن، وتتيح المجال أكثر للمجلس الانتقالي الذي أسسه المحافظ المقال الزبيدي، ولم يرفضه التحالف العربي على الأرض، وقد يكون له دور بارز مع اقتراب يوم الاستقلال (30 نوفمبر).

الصحافي اليمني صابر خالد اعتبر أن ما حدث لعديد المحافظين في عدن لا يعبر بالضرورة عن الحالة الشعبية، ولا يعكس نيتها في التخلص من المحافظين الذين تناوبوا على إدارة شؤون المحافظة.

ويضيف خالد في حديث لـ"الخليج أونلاين"، أن السيناريوهات المختلفة التي واجهها محافظو عدن لم يكن الشارع أو الرأي العام أي سبب مباشر أو غير مباشر فيها، بل كانت سياسية كما حدث مع آخر محافظَين، وتصفية مُبهمة كما حصل مع اللواء جعفر.

ويقول إن التباين بين الأهداف التي سعى إليها المُقال الزبيدي من جهة، وتوجهات الحكومة والرئاسة من جهة أخرى، تسبب في رحيله وفشله هو وهادي في احتواء وتلبية مطالب المواطنين، ولم ينجح أحد منهما في استمالة الشارع نحوه، ومن ثم دفع كل منهما الثمن.

واعتبر خالد أن استمرار العمل الانفرادي، سواء في المحافظة أو على مستوى الحكومة (..)، يحد من عمل المحافظ ويدفع به نحو الاستقالة.

واستطرد بالقول: "قد لا يكون بمقدوره إرضاء جميع الأطراف ومن ثم فمصيره الإقالة، في حين أن تنظيمات أخرى (لم يذكرها) تدير سيناريو الانفلات الأمني وتحدي خطط المحافظة في الاستقرار".

وطالب الصحافي خالد الحكومة والرئيس هادي بتوفير أجواء ملائمة لأي محافظ في عدن؛ من خلال إنهاء وجود القوى المسلحة التي لا تتبع المحافظة، وضمان توفر الموارد ومنحه صلاحية كاملة في توفير وإدارة المال، بما يخدم عدن اقتصادياً وأمنياً.