ملفات » العلاقات السعودية الاسرائيلية

إسرائيليون بالسعودية.. تطبيع رياضي يطلّ برأسه بين الرياض وتل أبيب

في 2017/11/28

هاني زقوت - الخليج أونلاين-

دخلت المملكة العربية السعودية، منذ صعود الأمير محمد بن سلمان وتسلّمه ولاية العهد، عهداً جديداً بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ إذ اتخذت قرارات كانت إلى حدٍّ قريب "محظورة" و"لا يُمكن حتى مناقشتها"؛ على غرار السماح بقيادة المرأة للسيارة، ودخولها إلى الملاعب الرياضية، وإنشاء هيئة للترفيه، وغيرها.

ولم تكتفِ "السعودية الجديدة" بكل ما سبق؛ بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بكثير، وذلك في ظل تصاعد الحديث حول قرب التطبيع العلني بينها وبين "إسرائيل"، وفقاً لمسوؤلين في الدولة العبرية؛ بحجة مواجهة إيران.

وجاءت مقابلة صحيفة "إيلاف" السعودية مع رئيس الأركان الإسرائيلي، غادي إيزنكوت، في سابقة هي الأولى من نوعها في وسائل الإعلام السعودية والعربية، لتؤكد من جديد أن "التطبيع" بين البلدين بات قاب قوسين أو أدنى، وفقاً لنشطاء مواقع التواصل والشبكات الاجتماعية.

- التطبيع الرياضي

وفي ظل ما يدور خلف الغرف المُغلقة، خرج الإعلامي الرياضي السعودي الشهير، وليد الفراج، الذي يحظى بمتابعة كبيرة على مواقع التواصل، مُطالباً بلاده بضرورة استضافة الجميع في البطولات الرياضية، في خطوة فسرّها ناشطون بأنها إشارة واضحة إلى الرياضيين الإسرائيليين، قبل شهر على استضافة بطولة العالم للشطرنج.

وقال الفرّاج، في برنامجه "أكشن يا دوري"، على قناة "MBC ACTION"، إن المملكة يجب أن تستضيف وتستقبل وتنفتح على الجميع، قبل أن يتابع موضحاً: "لازم تشيل من راسك منع أحد، وحاول تتكيف مع المرحلة الجاية (المقبلة) ونستقبل الجميع ونرحب في كل الناس، ولما تحدث كوارث ما نشمت في الناس لأنهم من دولة أو دين ثانٍ".

وتستضيف السعودية بطولة العالم في الشطرنج، والتي سُمّيت بـ "كأس الملك سلمان للشطرنج"، في الفترة ما بين الـ 26 والـ 30 من ديسمبر المقبل، ويبلغ مجموع جوائزها مليوني دولار أمريكي.

- تأشيرات لـ10 إسرائيليين

في ذات السياق، قال مراسل "راديو إسرائيل"، شمعون آران، عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي الشهير "تويتر"، إن الاتحاد الدولي للشطرنج يتواصل مع السعودية للحصول على تأشيرات لـ 10 لاعبين إسرائيليين، سيشاركون في "كأس الملك سلمان العالمية للشطرنج".

ونقل المراسل الإسرائيلي عن نائب رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج، إسرائيل غيلفار، قوله: "إننا على اتصال مع السلطات السعودية لتلقّي تأشيرات الدخول للمشاركة في مسابقة الشطرنج السريع للأفراد في الرياض، زهاء 10 لاعبين من إسرائيل ينوون المشاركة، منح التأشيرة يعد دليلاً إيجابياً آخر للتقارب بين البلدين".

وأوضح غيلفار، أنه التقى المسؤول السعودي في اتحاد الشطرنج قبل ستة أشهر في العاصمة الروسية موسكو على مأدبة عشاء، وفقاً لشمعون آران.

9a

وبذلك تسير السعودية على خُطا الإمارات، التي استضافت رياضيين إسرائيليين، أواخر أكتوبر 2017، للمشاركة في بطولة "غراند سلام أبوظبي للجودو"، وشهدت تتويج الإسرائيليين بميداليات متنوّعة، وسط اعتذار إماراتي من عدم رفع العَلم الإسرائيلي وعزف النشيد، مع تعهّد بالسماح بذلك في نسخة العام المقبل.

على هامش البطولة، نشر لاعبون إسرائيليون صوراً لهم، مشيدين بالمضيفين وبتنظيم "غراند سلام أبوظبي للجودو"، رغم اشتراط مجلس أبوظبي الرياضي على البعثة الإسرائيلية عدم رفع شعارات دولهم؛ لأسباب أمنية.

- استعدادات سعودية

وتواصل الهيئة العامة للرياضة السعودية استعداداتها على قدم وساق من أجل إكمال تحضيراتها وترتيباتها لإقامة البطولة العالمية، للمرة الأولى في السعودية.

ونجحت السعودية في نيل شرف استضافة البطولة العالمية في الشطرنج؛ بناءً على اتفاقية التعاون المشترك، التي وقّعها رئيس الهيئة العامة للرياضة، تركي آل الشيخ، مع رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج، كيرسان إيليو مجينوف، في العاصمة البريطانية لندن.

وتضمّنت الاتفاقية استضافة السعودية بطولة العالم للشطرنج بفئاتها الثلاث؛ وهي السريعة والمتوسطة والمفتوحة.

بدوره أكد رئيس الاتحاد السعودي للشطرنج، معتز السليمان، الذي يرأس اللجنة المنظمة لبطولة العالم للشطرنج، أن الاتحاد الدولي للعبة سيمنح الفائزين ببطولتي الشطرنج السريع والخاطف لقب بطل العالم، لافتاً إلى أن البطولة تُقام على مدار 5 أيام، وتُعدّ جوائزها المالية "هي الأعلى في تاريخ بطولات الاتحاد الدولي للشطرنج".

- "بطولة ممنوعة في الإسلام"

وأحدثت فتوى سابقة صادرة عن مفتي السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وصف فيها رياضة الشطرنج بأنها "عمل من أعمال الشيطان، وممنوعة في الإسلام"، جدلاً واسعاً على الشبكات الاجتماعية، ما دفع وسائل إعلام غربية لتسليط الضوء على تبعاتها.

ومنتصف نوفمبر 2017، ذكرت صحيفة "التليغراف" البريطانية أن لاعبي شطرنج دوليين كشفوا عن نيتهم مقاطعة البطولة؛ وذلك على خلفيّة ما يُثار من مخاوف بشأن حقوق الإنسان في السعودية، متّهمين الاتحاد الدولي للعبة بالتردّي الأخلاقي؛ بسبب إسناد الاستضافة للرياض.

ووفقاً للصحيفة البريطانية، فإن عدداً من كبار البطولة سيُقاطعون البطولة، من بينهم البطلة الأوكرانية آنا موزيتشوك، بطلة العالم للشطرنج مرتين، والأستاذ الأمريكي ذو الأصول اليابانية، هيكارو ناكامورا؛ لأن منافسيهم من عدة دول كإيران وقطر لن يتمكّنوا من الحضور إلى السعودية للمشاركة.

وكان الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي للشطرنج، سيلفيو دانيلوف، قد وجه سؤالاً استنكارياً للاتحاد الدولي للّعبة؛ مفاده: "بعد إيران والسعودية.. أين ستحصل البطولة القادمة؛ في كوريا الشمالية؟"، في حين أشار ناكامورا إلى أن تنظيم بطولة للشطرنج في دولة لا تحترم أدنى حقوق الإنسان يُعدّ "أمراً مروّعاً".

- خطوات متسارعة نحو التطبيع

وشهدت الأشهر القليلة الماضية، وتحديداً منذ إزاحة الأمير محمد بن نايف وتولّى الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد بالسعودية، تسارعاً لافتاً في وتيرة التطبيع بين الرياض وتل أبيب.

وبدأ الأمر بأنباء عن زيارة سرية متبادلة لمسؤولين رفيعي المستوى في البلدين، كما خرج وزراء في الدولة العبرية يشيدون بالتعاون الاستخباراتي بين الطرفين، علاوة على فتوى مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، عبد العزيز آل الشيخ، بعدم جواز قتال "إسرائيل".

كما بات واضحاً المقالات التي بدأت تنتشر على نطاق واسع في الصحف ووسائل الإعلام السعودية، والتي تدعو علانية للتطبيع وعقد اتفاقية سلام بين السعودية و"إسرائيل"، بل ذهب البعض إلى أبعد من ذلك؛ بتأكيده أن تل أبيب ستكون الوجهة السياحية الأولى بالنسبة إلى السعوديين، إضافة إلى التغنّي بتاريخ اليهود، مقابل شنّ اتهامات وانتقادلات لاذعة للفلسطينيين.

كما أطلق ناشطون على موقع التغريدات القصيرة "تويتر"، وسماً حمل عنوان: "#الرياض_اهم_من_القدس"، في خطوة أرادوا من خلالها "الانسلاخ عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية"، و"منح صانعي القرار السعودي دفعة المضيّ قدماً في عملية التطبيع".

وفي الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء دفاع "التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب"، في العاصمة السعودية الرياض، الأحد 26 نوفمبر 2017، عُرض مقطع فيديو تضمّن مشاهد لمقاومين فلسطينيين يشتبكون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، صُنّفوا على أنهم "إرهابيون"، وتجب محاربتهم والتصدّي لهم.