ملفات » الطريف إلى العرش

هل يخضع متعب بن عبد الله للإقامة الجبرية؟

في 2017/11/30

الخليج اونلاين-

الرجل القوي في أيام والده لم يعد كذلك بعد الرابع من نوفمبر، فالأمير متعب بن عبد الله، لم يعد رئيساً للحرس الوطني الذي أسسه والده الملك الراحل، عبد الله بن عبد العزيز، وتعرّضت هيبته للكسر عندما اعتقله ابن عمه محمد بن سلمان، الذي يصغره بنحو 3 عقود، في قضايا فساد، ولم يخرج إلا بعد تسوية مالية وصلت إلى مليار دولار.

مسؤول سعودي ذكر لوكالة "رويترز"، أنه تم الإفراج عن الأمير متعب بعد التوصّل إلى "اتفاق تسوية مقبول" مع السلطات، يقضي بدفع أكثر من مليار دولار، بعد قرابة 3 أسابيع على توقيفه.

وأضاف: "لم يُكشف عن مبلغ التسوية، ولكن من المعتقد أنه يعادل أكثر من مليار دولار أمريكي"، متابعاً: "من المعلوم أن التسوية شملت الإقرار بالفساد الذي يشمل حالات معروفة".

تحليلات مراقبين ووسائل إعلام غربية تابعها "الخليج أونلاين"، ترى أن الأمير متعب بن عبد الله، والذي كان مرشحاً لتولي منصب ولاية العهد فترة حكم أبيه، وقام بزيارات قبل وفاة أبيه إلى واشنطن ليحصل على مباركة منهم بـ "العرش"، قد جرى اعتقاله لهدفين اثنين؛ الأول التخلّص من قوته السياسية والعسكرية الممثلة بوزارة الحرس الوطني، والتي تهدد وصول ولي العهد، محمد بن سلمان، إلى العرش، والثانية هي الحصول على ثروته.

وبهذه الخطوة يكون بن سلمان قد أزاح الشخص الأخطر والأكثر نفوذاً عسكرياً وسياسياً، لكن إطلاق سراحه في 28 نوفمبر، بعد شرائه حريته، يطرح احتمالين؛ وهما بقاؤه تحت الإقامة الجبرية، أو سعيه الجادّ لاستعادة نفوذه وقوته بمساندة داعميه في العائلة الحاكمة.

فقبل إقالته بمرسوم ملكي، في الرابع من نوفمبر، كان الأمير متعب يرأس الحرس الوطني السعودي، الذي تأسس كقوة أمنية داخلية من قوات خاصة، على أساس وحدات قبلية تقليدية أدارها والده على مدار خمسة عقود.

وكان الأمير خريج أكاديمية "كلية ساندهيرست" العسكرية البريطانية العريقة، وهو آخر من كان يحتفظ بمنصب رفيع في هيكل السلطة السعودية من فرع الملك عبد الله، وذلك بعد إعفاء أخويه مشعل وتركي من موقعيهما، في عام 2015.

ويتمتّع الأمير متعب (مواليد 1953) بشعبية واسعة من قبل قيادات وأفراد الحرس الوطني، الذي كان يقوده منذ 2010 وحتى تاريخ إقالته، ومن أهم الخطوات التي عزّزت مكانته في صفوف جنوده عندما قام، في يوليو 2016، بتسديد ديون 210 من منسوبي الحرس الوطني، ولاقت حينها ترحيباً واسعاً.

قيام الأمير "متعب" بجمع أنصاره في الحرس الوطني بات خطوة محتملة لاستعادة قوته، وهو ما يطرح إمكانية قيامه بحركة مضادة ضد بن سلمان.

كما من المتوقع أن تلقى أي دعوة للأمير متعب قبولاً واسعاً لدى أفراد القبائل، خصوصاً في "آل شمر"، الموالين لسلاسة عبد الله بن عبد العزيز، خاصة أنهم يعيشون تهميشاً من الملك سلمان والفرع "السديري" الذي ينتمي له.

ومما يعزز هذا التحرّك تجميد حسابات شيوخ القبائل المنخرِطين في الحرس الوطني، خاصة من قبيلتي "العتيبة ومطير" المواليتين للملك الراحل عبد الله وسلالته، والذين يشعرون بالغبن من تصرفات بن سلمان.

ووفق هذه المعطيات، يبدو أن الأمراء الذين جرحهم بن سلمان لن يسكتوا على ما حصل، وستشعل النزعة البدوية روح "الثأر" لديهم، الأمر الذي يهدد المملكة بصراع قبلي كبير.

ويعزز ذلك ما قاله الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، في تقرير خاص نشره موقع "ميدل إيست آي"، الجمعة 18 نوفمبر، إن الأمير متعب تعرّض للضرب والتعذيب مع 5 أمراء آخرين حين اعتقلتهم السلطات واستجوبتهم في الرياض.

ونقل هيرست عن مصادر، أن "الأمراء الستّة نُقلوا إلى المستشفى خلال الـ 24 ساعة التي أعقبت اعتقالهم، وكان أحدهم في حالة صعبة اقتضت نقله إلى وحدة العناية المركّزة بالمستشفى".

وقد تعرّض الأمراء لضرب شديد، وظهرت على أجسادهم آثار ركلات بأحذية عسكرية، لكن أياً منهم لم يصب بكسور. وقد قيل للعاملين في المستشفى إن إصابات جميع هذه الحالات ناتجة عن "محاولات انتحار".

وكانت صحيفة "ميدل إيست آي" ذكرت، في 27 من نوفمبر، أن الأمير متعب بن عبد الله توعّد محمد بن سلمان، وقال له: "ستتمنّى لو أنك ما وضعت رأسك برأسي"، على ذمة الصحيفة.

كما سبق أن ذكرت ذات الصحيفة، نقلاً عن مصادر لها، مطلع نوفمبر الجاري، أن ولي العهد السعودي يعيش كابوس حدوث انقلاب مضادّ يحصل داخل القصر السعودي، ولهذا يسعى لإحكام السيطرة على كافة الأجهزة العسكرية والأمنية في المملكة.

محللون سلطوا الضوء على سيناريو "الانقلاب المضاد"، وتحدّثوا عن ظهور فئة من المعارضين لحكم محمد بن سلمان للسعودية، ستخرج عليه وستطالبه بالتنحّي بحجج كثيرة؛ أهمها عدم الرضا عن نقل السلطة للأحفاد، وتقديم الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود بديلاً عنه؛ لكونه من أبناء الملك المؤسس، وعقب حملة الاعتقالات الأخيرة أكدت مصادر صحفية غربية وضع الأخير تحت الإقامة الجبرية.

بينما ذهبت تقارير للقول إن الأمير الذي جرى إعفاؤه من منصبه كولي للعهد، محمد بن نايف، قد وُضع قيد الإقامة الجبرية، ما يعني أنه لم يتخلَّ عن منصبه من تلقاء نفسه، وأن هناك اتجاهاً يرى أنه ربما يعدّ خلف الكواليس لتهيئة الأمير متعب بن عبد الله لمعارضة وصول بن سلمان للحكم، والذي بات "أسداً جريحاً اليوم".