سياسة وأمن » حروب

اليمنيون في السعودية.. هل بدأ تضييق الخناق؟

في 2017/12/01

الخليج اونلاين-

بعد أسبوع فقط من عودته إلى العاصمة السعودية الرياض، بدأ الشاب اليمني عبده الفقي بالتواصل مع أصدقائه في العديد من الدول؛ للبحث عن فرصة عمل يؤمن من خلالها قوت أسرته في اليمن، التي يصل عددها إلى 12 فرداً.

تحركات الفقي لم تكن نتيجة فقدانه لعمله في أحد المطاعم، بل بسبب ما وصفها بالتضييقات التي أقرّتها السلطات السعودية على المقيمين، مع عدم استثناء اليمنيين منها، بالرغم من أن المملكة تقود حرباً في بلادهم منذ نحو 3 سنوات.

وفي حديثه لـ "الخليج أونلاين"، أكد الفقي أن رسوم تجديد إقامته كانت 5 آلاف ريال سعودي، لكنها بداية من مطلع العام المقبل ستصبح 9800 ريال سعودي، بزيادة تصل إلى نحو 90%، وهو ما يعني أن 30% من راتبه سيذهب لرسوم الإقامة.

وأوضح الفقي أن قرارات سَعْوَدة المهن والوظائف مستمرّة، وفي كل يوم تضاف مهنة لدائرة "للسعوديين فقط"، وهو ما أدى إلى فقدان أعداد كبيرة من المغتربين عملهم، خاصة من اليمنيين، وهم بانتظار أعمال بديلة أو قرار سعودي يستثني اليمنيين؛ لخصوصية الأوضاع التي تعيشها بلادهم.

- إنهاء هوية زائر

من جانب آخر، حدّدت الجوازات السعودية الثامن من ديسمبر المقبل موعداً لنهاية "هوية زائر" لعموم الزائرين اليمنيين للمملكة.

وهوية زائر هي معالجة سعودية لأكثر من 500 ألف يمني دخلوا المملكة بطرق غير شرعية، وقد أقرّتها السلطات السعودية بالتزامن مع انطلاق "عاصفة الحزم"، التي شنّتها الرياض وحلفاؤها دعماً لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.

وكانت وزارة العمل السعودية أقرّت، في مارس 2016، توطين قطاع الاتصالات، وهي خطوة تضرّر من جرائها نحو 37 ألف يمني، وفقاً لأرقام رسمية، فضلاً عن أولئك الذين فقدوا أعمالهم من جراء توطين مهن أخرى؛ مثل العقارات، وتجارة الإكسسوارات، والمكياج.

واعتباراً من يوليو الماضي، يتوجّب على المقيمين من جميع الجنسيات دفع 100 ريال سعودي شهرياً عن كل مرافق، ويتضاعف المبلغ إلى 200 ريال سعودي، ابتداءً من يوليو 2018.

- استياء يمني واسع

القرارات السعودية التي ستطول المغتربين اليمنيين، سواء من دخلوا البلاد بطريقة نظامية، أو ممن تمّت معالجة أوضاعهم في أثناء الحرب، وجدت استياءً كبيراً لدى اليمنيين؛ لكون المملكة المسؤول الأول عن الملفّ اليمني أثناء الحرب.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة، فيصل الحذيفي، أنه "لا يحقّ لأي دولة منح فيزا العمل لأي وافد ثم تستقبله بالمطاردة والترحيل، وبقوانين طارئة تنتهك حقوقه قبل أن يلتحق بالعمل، بعد أن باعت له فيزا بمبلغ خيالي، يستفيد منه المواطن".

ووصف بيع الفيزا بأنها "أشبه بالاتّجار بالبشر، مستطرداً: "من حق الدولة أن تمنع منح فيزا الدخول لأي إنسان ابتداء، وهذا حقها السيادي، وكل من دخل بطريقة غير شرعية من حقها أن تطبّق عليه ما تريد من القوانين".

وأشار الحذيفي في منشور له على موقع "فيسبوك"، إلى أن اليمنيين الذين تطولهم حرب بالداخل وحرب من الخارج، بمشاركة سعودية، لا ينبغي أن تطولهم القوانين في ظل هذه الظروف.

وحذّر من أن الكثير منهم سيلتحق بمعسكرات الحوثي، وستؤجّج هذه القرارات الكراهية التاريخية بين بلدين متجاورين.

- قرارات وسياسات خاطئة

لذلك يرى الباحث الاقتصادي هشام البكيري، أن مثل هذه القرارات تعكس سياسة خاطئة للسعودية في إدارة ملفاتها الداخلية والخارجية، وفي أبعادها السياسية والاقتصادية.

وحذّر البكيري، في حديثه لـ "الخليج أونلاين"، من عواقب سياسية واقتصادية وخيمة ستجنيها السلطات السعودية من هذه القرارات، كإنهاء هوية زائر.

وأوضح أنه "في الجانب السياسي ستزيد المملكة الضغط على الحاضنة الشعبية للشرعية من اليمنيين المساندين لعملياتها العسكرية ضد المليشيات الانقلابية".

وأضاف أن هذا القرار "سيثقل كاهل المغترب اليمني بمزيد من الأعباء الاقتصادية في دفع رسوم إقامات تمثل أكثر من 60% من الدخل السنوي للمغترب اليمني، خاصة مع الركود الاقتصادي الذي تعيشه المملكة".

وأضاف: "هذا القرار سيؤثر على ميزانية أكثر من 3 ملايين أسرة يمنية أصبحت تعتمد اعتماداً كلياً على المغتربين منذ سيطرة المليشيات الانقلابية على مؤسسات الدولة والبنك المركزي اليمني، وامتناعها عن صرف رواتب موظفي الدولة".

وتابع البكيري: "في حال تم ترحيل المغتربين الرافضين للقرار سيستفيد الانقلابيون من ترحيلهم في استغلال سخطهم على المملكة وحاجاتهم الاقتصادية، وسيغرونهم بالتجنيد معهم للانتقام من المملكة التي لم تراعِ وضعهم الاقتصادي وعائلاتهم، وتستغلهم المليشيات الانقلابية للقتال في صفوفها في الجبهات الحدودية مع المملكة للانتقام منها".

- تخفيف المعاناة الإنسانية

ووفقاً لتقرير اتحاد المصارف العربي، فإن حوالات المغتربين اليمنيين تسهم بشكل كبير في التخفيف من الوضع الإنساني المتدهور في البلاد، حيث بلغت العام الماضي نحو 3.4 مليارات دولار، فضلاً عن الحوالات العينية المتمثلة بالأثاث، والذهب، والسيارات، والآلات، وغيرها، خاصة من السعودية، في حين تذهب بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى نحو 8 مليارات دولار أمريكي سنوياً، الجزء الأكبر منها قادم من المملكة.

وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن الجالية اليمنية في المملكة السعودية تقترب من ثلاثة ملايين شخص، وهو رقم كبير مقارنة بعدد الأجانب في المملكة، الذين أوضح تعداد السكان في العام 2017 أنهم وصلوا إلى 12 مليوناً و185 ألفاً و284، من أصل 32 مليوناً و612 ألفاً و641 نسمة، هو عدد سكان المملكة.

وتمثّل السعودية سوقاً رئيسة للعمالة اليمنية، لكن كثيرين منهم يدفعون حياتهم ثمناً لمحاولات الدخول للمملكة عبر التهريب؛ بسبب صعوبة تأمين قيمة تأشيرة العمل، التي قد تصل إلى 20 ألف ريال سعودي (6 آلاف دولار).

- موقف رسمي بائس

أمام هذه التحديات التي تواجه المغتربين اليمنيين في السعودية، يأتي الموقف الرسمي بائساً صامتاً باستثناء ما نشرته وسائل إعلامية عن طلب نائب رئيس الجمهورية، علي محسن صالح، مؤخراً، من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، باستثناء المغتربين اليمنيين من بعض الإجراءات؛ نظراً للأوضاع الصعبة التي خلّفها الانقلاب.

في حين دشن ناشطون حملة على مواقع التواصل تطالب بإقالة وزير المغتربين، علوي بافقيه؛ بسبب ما قال عنه الناشطون الفساد والتقصير في مهامه.