دول » الامارات

مثيرون للجدل فتحت السعودية والإمارات أبوابها لهم.. ما الغاية؟

في 2017/12/08

الخليج اونلاين-

يلجأ عدد من الساسة العرب إلى السعودية والإمارات لكونهما يتمتعان باستقرار في منطقة كالبحر الهائج؛ علّهم يحصلون على تقاعد مريح في ملاذ آمن، لكن تلك الإقامة بدت تحمل في طياتها نوايا سياسية ومحاولة سيطرة على قرارهم السياسي.

فمع تصاعد وتيرة تدخلات أبوظبي والرياض الخارجية، يجد هؤلاء الساسة أنفسهم تحوّلوا لـ "دمى" في أيدي حكومة البلدين، لاستخدامهم في الوقت المناسب كمندوبين أو مستشارين.

ويكون السبيل لإجبار هؤلاء إما بالترغيب أو الترهيب، كما سبق أن نشرت وثائق "ويكليكس" قيام السعودية في العام 2015 تقديم معونات ومبالغ مادية لقاء مواقف سياسية موالية لها.

- "الثري" وناكر الجميل

بشهادة عدة دول في العالم، أخذت السعودية رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، كـ "رهينة"، مع إجباره على تقديم استقالته، وكيف هبّ التيار الموالي للرياض للثناء على خطوة الحريري التي رآها كثيرون "مفاجئة".

والحريري من أسرة مقرّبة من النظام الحاكم في السعودية، وكان والده يحمل جنسية المملكة، وكوّن ثروة طائلة بفضل علاقاته المتميزة مع آل سعود، بالإضافة إلى أن الرياض دعمت سعد الحريري لثبيته زعيماً في لبنان.

الحريري ليس وحده؛ فأحمد شفيق، رئيس الوزراء المصري السابق، اتهم السلطات في دولة الإمارات علانية بمنعه من مغادرة البلاد، وذلك بعد ساعات من إعلان نيته الترشّح لانتخابات الرئاسة المصرية المقررة العام المقبل.

وفي رسالة مصوّرة تلقّتها وكالة "فرانس برس" للأنباء، قال شفيق: "فوجئت بمنعي من مغادرة الدولة الشقيقة الإمارات، لأسباب لا أفهمها".

وأضاف شفيق أنه "كان ينوي إجراء جولة لمتابعة المصريين المغتربين قبل أن يتوجه إلى بلده خلال الأيام المقبلة".

ورداً على شفيق، نفت الإمارات على لسان أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، وجود "أي عوائق تمنع شفيق من مغادرة الإمارات".

وانتقد قرقاش تصريحات شفيق في تغريدات على تويتر قائلاً: "تأسف دولة الإمارات أن يرد الفريق أحمد شفيق الجميل بالنكران، فقد لجأ إلى الإمارات هارباً من مصر إثر إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2012، وقدّمنا له كل التسهيلات وواجبات الضيافة الكريمة، رغم تحفّظنا الشديد على بعض مواقفه"، ما يشكّل إقراراً إماراتياً بدعم شفيق.

 

 

وكان شفيق خسر الانتخابات الرئاسية عام 2012 أمام محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وكانت هذه أول انتخابات رئاسية تشهدها مصر في أعقاب انتفاضة 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، ليقرر بعدها السفر إلى الإمارات والعمل كمستشار لرئيس البلاد، خليفة بن زايد آل ثاني.

- حفتر اليمن

ولأن اليمن يثير أطماع الكثير من الدول، وضعت أبوظبي عينها صوبه، وشكّل الإماراتيون قواتٍ محلية تضم مئات من أبناء الساحل الغربي من الموالين لهم بشكل كامل، ولم يتم إدراجهم أو اعتمادهم في القوات الحكومية اليمنية، وهم يشكّلون -إلى جانب آخرين من أبناء الجنوب- "الحزام الأمني" الذي تشرف عليه الإمارات.

ولحاجة أي قوة عسكرية إلى مظلّة سياسية، كان خالد بحّاح هو هذه المظلّة، إذ رأى محللون أن الإمارات تدفع ببحّاح ليكون "حفتر اليمن"، في إشارة إلى الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر، الذي يشنّ حرباً على الثوار والفصائل الإسلامية في ليبيا بدعم من الإمارات ومصر، وباستخدامه للضغط على الرئيس عبد ربه منصور هادي، حتى يقبل إملاءات الإمارات.

وبحّاح هو رئيس الوزراء اليمني السابق، كُلّف في 13 أكتوبر 2014 بتشكيل الحكومة، وتولّى رئاستها في 7 نوفمبر 2014، وبعد أقل من ثلاثة أشهر قدم استقالته؛ بعد انقلاب الحوثيين، وفي 12 أبريل 2015، عُيّن نائباً للرئيس هادي بقرار منه، واستأنف مهامه كرئيس لمجلس وزراء الحكومة المؤقتة في المنفى، حتى إقالته في 2016 وسفره إلى أبوظبي.

كما يشدد متابعون للشأن اليمني على أن أبوظبي تريد إعادة بحّاح إلى السلطة كشخصٍ مدني، بعد أن أنشأت عدداً من الوحدات العسكرية والأمنية التابعة لها بالكامل، "وهي في الواقع تضع يدها على جنوب اليمن بوقاحة نادرة".

ومن بين الشخصيات الموالية لأبوظبي والمقيمة هناك، أحمد علي عبد الله صالح، والسفير اليمني فيها من 2013 حتى 2015، وهو أكبر أولاد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، كان قائد الحرس الجمهوري اليمني لمدة 8 سنوات حتى 2012.

وما زال أحمد علي، بالإضافة إلى والده قبل مقتله، يتمتعون بحصانة من الملاحقة القضائية مُنحت لهم باتفاق المبادرة الخليجية، ما سمح لهم باستغلال النفوذ الواسع في الكثير من قطاعات الجيش اليمني وقادته العسكريين، خاصة الألوية التي كانت تعرف بالحرس الجمهوري اليمني، لدعم الحوثيين في الانقلاب ضد الرئيس هادي، وتحارب حالياً جنباً إلى جنب مع الحوثيين.

وكان أحمد علي صالح أطلق من أبوظبي دعوة مثيرة للجدل، في يونيو الماضي، دعا فيها إلى تعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة ما سمّاه "العدوان"، قاصداً التحالف العربي الذي تقوده السعودية وتشارك فيه الإمارات، ما يطرح تساؤلاً مهماً حول أهداف التحالف العربي في اليمن.

- دحلان.. منبوذ فلسطينياً مقبول إماراتياً

لعل محمد دحلان هو أكثر الشخصيات شهرة والموالية صراحة للإمارات وسياستها، كما تنسب للرجل عندما كان عضواً في حركة فتح انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وفي عام 2011، تمّ طرده من الحركة بعدما أدانته لجنة تحقيق بالتورُّط في قضايا جنائية ومالية.

غادر حينها إلى الإمارات ليعمل كما نقلت وسائل إعلام غربية، مستشاراً لولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، كما تنظر إليه على أنه قادر على تسوية القضية الفلسطينية، وإقصاء حركة حماس على اعتبارها موالية لجماعة الإخوان المسلمين.

وبفضل الإمارات، تحقق لمحمد دحلان نفوذ واسع في مصر، فقد أدى دوراً رئيساً في تمويل حركة "تمرد" بأموالٍ إماراتية، وتأسيس كياناتٍ إعلامية مناهضة لحُكم الرئيس المعزول، محمد مرسي، مارس نفس المهام على السلطة التي تشكّلت بعد تنصيب عبد الفتاح السيسي رئيساً للبلاد، كما سبق أن أكدت صحيفة "الغارديان البريطانية" في العام 2014.

ووفق "الغارديان"، كان دحلان الوسيط المالي في توسيع استثمارات دولة الإمارات التجارية والعسكرية داخل الدول الأوروبية الواقعة بمنطقة أوروبا الشرقية، وهو ما حقق له أموالاً طائلة نتيجة هذه الوساطة، وتمتّعه بالجنسية الصربية هو وعائلته مكأفاةً من الدولة الأوروبية على خدماته ووساطاته.

- حبيب "الهارب"

ولكي تكتمل السلسلة، انضم حبيب العادلي إلى قائمة الساسة الذين تتحكّم بهم السعودية، على الرغم من سجلّه المثير للرعب في حقوق الإنسان.

اللواء حبيب العادلي هو وزير الداخلية في جمهورية مصر العربية، من عام 1997 حتى عام 2011، حيث تمّت إقالته بعد أحداث ثورة 25 يناير، والتي اتُّهمت فيها وزارة الداخلية بمحاولة تفريق المتظاهرين بالقوة؛ ما أسفر عن سقوط ضحايا وجرحى بين المتظاهرين، كما شهد عهده انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان "باسم الأمن القومي".

تم حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيق في قضايا فساد مالي، بدءاً من 18 فبراير 2011، كما حُكم عليه بـ 12 سنة بتهم تتعلق بفساد مالي وغسل أموال، إلى أن تمت تبرئته في العام 2015 من هذه التهم، لكنه هرب من تنفيذ حكم بالسجن 7 سنوات في قضية إهدار المال العام وجارٍ البحث عنه.

صحيفة "نيويورك تايمز" أثارت جدلاً واسعاً عندما قالت، في تقرير لها منتصف نوفمبر الماضي، إن العادلي بات يشغل منصب مستشار لدى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

وأكدت الصحيفة الأمريكية أن حملة الاعتقالات التي قام بها بن سلمان في إطار مكافحة الفساد في السعودية جاءت بعد استشارة من وصفته بـ "مسؤول أمني مصري سابق" متهم في قضايا تعذيب وكسب غير مشروع في بلاده.

- زين العابدين بن علي

يقيم الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، في جدة بالسعودية، بعيداً عن الأضواء، منذ تخلّيه عن السلطة قبل خمس سنوات، في 14 يناير 2011، بعد أن حكم تونس بقبضة من حديد طيلة 23 عاماً.

ومنذ انتقاله إلى السعودية، نادراً ما تتسرّب معلومات عن الرئيس التونسي المخلوع، ويكتفي محامٍ له لبناني بإصدار بيانات صحفية للرد على تقارير تتناوله، في حين أنه لا معلومات على الإطلاق حول طريقة عيشه والموارد التي يستفيد منها لتغطية نفقاته.

وفي عام 2011، قدّم الرئيس التونسي السابق روايته عن فراره عبر محاميه، موضحاً أنه كان "ضحيّة مخطط وضعه المسؤول عن أمنه، الجنرال علي السرياطي، الذي قال له إن هناك تهديدات باغتياله، ودفعه إلى المغادرة لنقل عائلته إلى مكان آمن، ثم منعه من العودة إلى البلاد".

وقبل عام من ذلك، نشرت زوجته ليلى الطرابلسي، كتاباً بعنوان "حقيقتي"، ترفض فيه اتهامات الفساد والتوجه الدكتاتوري للنظام السابق، وهو ما يرفضه ثوار تونس، الذي يصرّون على أن لحظة مغادرته البلاد "هرموا من أجلها".