ملفات » العلاقات السعودية الاسرائيلية

«بن سلمان» لـ«عباس»: اترك القدس.. واذهب لدولة بغزة ولك المال

في 2017/12/12

وكالات-

«أغلق صفحة القدس وحق العودة واللاجئين، واتجه لدولة في قطاع غزة، وستهطل عليك الأموال.. أو لتتقدم باستقالتك»، بهذه الكلمات وجه ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان»، الرئيس الفلسطيني «محمود عباس»، خلال لقاء جمعهما الشهر الماضي، بالرياض.

تلك المعلومة، تبادلها علية القوم بين القاهرة وعمان، وحتى في أبوظبي، وأربكت الحسابات في الأردن، ودفعت السعودية إلى محاولة احتواء عمان خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي الأخير الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، والتوجيه بنقل سفارة بلاده إليها.

تصفية القضية

صحيفة «نيويورك تايمز»، قالت إن الخطة السعودية ترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية، ووصفتها بأنها «منحازة لـ(إسرائيل) أكثر من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه».

وذكرت الصحيفة أن «بن سلمان»، اقترح خطة، تكون فيها الدولة الفلسطينية مقسمة إلى عدد من المناطق ذات حكم ذاتي، و«تبقى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ملكا لـ(إسرائيل)».

خطة «بن سلمان»، التي أخبرها لـ«عباس» تضمنت أن تكون أبو ديس عاصمة فلسطين، وليس القدس الشرقية المحتلة، وكذلك لن يمنح حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وقالت الصحيفة إن الكثير من المسؤولين في واشنطن والشرق الأوسط تفاجأوا من الاقتراح، خاصة أن ولي العهد السعودي هو الذي طرحه على «عباس»، واعتبروا أنه يحاول تقديم خدمة للرئيس الأمريكي أو أنه يعمل لديه متطوعا.

ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بأنها مطلعة على تفاصيل المحادثة بين «بن سلمان» و«عباس»، خلال زيارة الأخير المفاجئة إلى الرياض، الشهر الماضي، قولهم إن عرض «بن سلمان» المالي، تضمن أموالا طائلة للسلطة الفلسطينية وله شخصيا.

وكانت المفاجئة أن «بن سلمان»، طالب «عباس»، بالاستقالة في حال رفض هذا العرض.

صحيفة «القدس العربي»، قالت إن «عباس»، رد على «بن سلمان»، بالقول: «سمو الأمير.. أرسل لي خطابا مكتوبا بالمضمون، حتى أضعه بين أيدي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وأحصل لكم على ما تريدون».

ارتباك بالأردن

تسريب تفاصيل اللقاء، دفع ملك الأردن «عبدالله الثاني» للاتجاه إلى تركيا، في اليوم ذاته الذي وقع فيه الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» قراره المشؤوم، بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل).

ونقلت مقترحات الأمير «بن سلمان»، بوضوح لنخب الشارع الأردني، الأمر الذي يبرر لاحقا هتافات أبناء المخيمات وغيرهم من النشطاء الأردنيين في مواجهة مقر السفارة الأمريكية بالعاصمة الأردنية ضد الأمير «بن سلمان»، بعدما صنفت مقترحاته للسلطة الفلسطينية بأنها «عدائية ومخيفة جدا».

احتواء سعودي

ومع التباين الملموس لكل المراقبين، بين هوامش التصعيد الدبلوماسي والشعبي الأردني، وما يمكن وصفه بالصمت السعودي، دعت السعودية الملك «عبدالله الثاني»، لقمة الثلاثاء بالرياض، في محاولة لاستعادة ثقة عمان، بعد العزلة في الاتصالات التنسيقية بين البلدين التي كانت ملموسة وواضحة طوال الشهرين الماضين، اللذين رفع فيهما رئيس وزراء الأردن شعار الاعتماد على الذات، اقتصاديا وماليا بالتزامن مع نعي عهد المساعدات السعودية.

المراقبون توقعوا أن تكون جهة أقوى من حكومة البلدين تدخلت لاحتواء أزمة حقيقية تدحرجت في الكواليس على خلفية هتافات الشارع الأردني المنتقدة للدور السعودي تجاه القدس وانتقادات وتهديدات السفير السعودي لنواب أردنيين.

ولفت المراقبون، إلى أن الجهة الوحيدة المؤهلة لهذا الدور، هي الولايات المتحدة نفسها، التي نشطت بدورها في محاولة لترقيع الأزمة التي تسببت بها وسط معسكرها العربي الحليف.

من هنا، يخدم اللقاء السعودي الأردني، المنتظر سياسة الاحتواء لأي خلافات بين البلدين، مع تسجيل وتدوين الملحوظة التي تقول إن «الرياض تجاهلت الأردن طوال الأسابيع الماضية وبالتالي هتافات الشارع الأردني أعادت المعادلة إلى نصابها الطبيعي، فاضطر السعوديون إلى اللقاء والإصغاء والاجتماع وفي بعض التفسيرات للاحتواء، الأمر الذي يمكنه أن يعود بمكاسب من كل صنف للجانب الأردني، بعدما اكتشف أهل الرياض أن تجاهل الأردن والتنكر له شيء، والخصومة معه ومنازعته في ملف الحرم المقدسي ودوره في القدس شيء آخر تماما».

وأشار المراقبون، إلى أن اتجاهات الشارع الأردني في التصعيد ضد «ترامب» والصمت السعودي، خدمت موقع الحكومة الأردنية في البوصلة السعودية، وقد تدفع الرياض إلى إعادة التفاوض مع شريكها الأردني الذي تجاهلته أكثر من مرة، وفي أكثر من موقع، حتى وإن كان العنوان العريض لقمة الملكين الثلاثاء، هو البحث في أوراق القمة العربية الاستثنائية، التي ستعقد لاحقا أو في تنشيط التنسيق لمرحلة ما بعد قرار «ترامب» في القـدس.

اصطفاف مع (إسرائيل)

وسبق أن كشفت «رويترز»، أن السعودية تضغط منذ أسابيع، على الفلسطينيين، لتأييد خطة سلام أمريكية وليدة، يعتزم «ترامب»، الإعلان عنها في النصف الأول من عام 2018، رغم تنديدها ظاهريا بخطوة الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي».

كما ذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية، أن قرار «ترامب» الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)، تم بضوء أخضر من مصر والسعودية.

ويتحدث محللون ومسؤولون إسرائيليون عن تنسيق وتقدم في العلاقات بين دول عربية و(إسرائيل)، ويتوقعون أن يظهر بعضها، لا سيما مع السعودية، بشكل مضطرد إلى العلن، على قاعدة أن ما يجمع الطرفين هو العداء المشترك لإيران.

والشهر الماضي، كشف ​وزير الطاقة​ الإسرائيلي «يوفال شتاينيتس»، أن (إسرائيل) تقيم علاقات سرية مع دول عربية (معتدلة) بينها السعودية.

وشهدت الشهور الأخيرة، انطلاق دعوات بالسعودية غير مسبوقة للتطبيع مع «إسرائيل»، رغم أن التصريح بهذا الأمر علنا كان من قبيل «التابوهات» (المحرمات)، قبل وصول الأمير «محمد بن سلمان»، إلى رأس السلطة في المملكة.

وتواصل السعودية من خلال تحركات واتصالات ولقاءات مع مسؤولين إسرائيليين، تهيئة الشارع السعودي لتقبل التوجه الجديد نحو التطبيع.

وكانت وكالات أنباء ووسائل إعلام ذكرت أن ولي العهد السعودي قد زار (إسرائيل) سرا في سبتمبر/أيلول الماضي، وهو خبر سارعت وزارة الخارجية السعودية إلى نفيه.