علاقات » عربي

إنفاق السعودية الهائل على التسليح لا يهدد إيران

في 2017/12/18

بيزنس إنسايدر-

في الأعوام القليلة الماضية، قادت المملكة العربية السعودية تدخلا -غير مسبوق- في الحرب الأهلية في اليمن، وكانت القوة الدافعة وراء أزمة دبلوماسية بين قطر وجيرانها، وتدخلت في السياسة الداخلية للبنان.

وكان لكل هذه الأمور هدفا مشتركا -فيما يبدو- ألا وهو مواجهة نفوذ إيران.

لكن الخبراء يقولون إن طموحات السعودية مكبلة بسبب جيشها، الذي يعتبر قوة غير فعالة على الرغم من أن المملكة هي واحدة من أكبر المنفقين على الدفاع في العالم.

وقال «مايكل نايتس»، وهو زميل في معهد واشنطن المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في العراق وإيران والخليج العربي: «في الحقيقة، إيران أفضل في القيام بهذه الأشياء».

وقال «نايتس»: «لا يوجد أحد في الأركان العامة الإيرانية يخشى مواجهة السعودية على الأرض».

ويكشف صراع المملكة في اليمن - الذي دام طويلا ضد المتمردين الحوثيين دون نهاية في الأفق - عن أوجه القصور ضد خصم مثل إيران.

وقال «نايتس»: «ما نتحدث عنه هو حرب بالوكالة، هذا ما يفعلونه في المنطقة في الوقت الحاضر».

الأكثر إنفاقا على الدفاع

ويواجه الجيش السعودي مشكلتين رئيسيتين، فهو كبير جدا، ما يجعله أكثر عرضة للأخطاء التنظيمية وضعف الجودة، والثانية أنه تم تصميم ترسانته على أساس الحروب التقليدية الكبيرة وليس الحروب بالوكالة التي أصبحت سمة القرن الـ21.

وبالنسبة لعدم فعالية الجيش، فمن الصعب إلقاء اللوم على ضعف التسليح أو عدم تطور المعدات، ففي العام الماضي، كانت السعودية رابع أكبر منفق على المنتجات الدفاعية في العالم، خلف روسيا.

ووفقا لشركة آي إتش إس جين، وهي شركة نشر بريطانية متخصصة في الموضوعات العسكرية والفضائية والنقل، كانت المملكة أكبر مستورد للأسلحة في العالم عام 2014.

وتظهر بيانات معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام أن السعودية كانت ثاني أكبر مستورد للأسلحة في عامي 2015 و2016، وقد زادت واردات الأسلحة إلى المملكة بأكثر من 200% منذ عام 2012، وفقا للمعهد.

ولا تعد الأسلحة التي يتم شراؤها منخفضة الجودة، ويتم شراء معظم المعدات العسكرية السعودية من الشركات الأمريكية.

وفي الواقع، ذهبت 13% من جميع صادرات الأسلحة الأمريكية في عام 2016 إلى المملكة، وكانت الشركات من المملكة المتحدة وإسبانيا ثاني وثالث أكبر البائعين على التوالي.

وتشمل ترسانة سلاح الجو الملكي السعودي طائرات يوروفايتر تايفون - ربما تكون هي الطائرة المقاتلة الأكثر تقدما في الميدان من قبل الجيوش الأوروبية - وطائرات إيجل إف-15 الأمريكية - وهي ملكة السماء لمدة ثلاثة عقود بلا منازع. وحتى أن السعوديين لديهم حتى نموذجا خاصا بهم من الطائرات من طراز إف-15 إس أيه، قد بدأت للتو تسلمها هذا العام. (الصورة: طائرات يوروفايتر السعودية)

ولدى القوات البرية الملكية السعودية -الجيش السعودي- كل شيء من دبابات أبرامز إم1إيه1 والمركبات القتالية برادلي إم2، إلى طائرات الأباتشي لونغ بو إيه إتش 64-دي ومروحيات بلاك هوك يو إتش-60.

وقد بنيت كل سفينة في البحرية الملكية السعودية -تقريبا- في أحواض بناء السفن الأمريكية، وللمملكة العربية السعودية تحديدا، وتعد أحدث فرقاطاتها -فئة الرياض- إصدارا معدلا من الفرقاطة الفرنسية لا فاييت.

وقد تكون المملكة واحدة من أفضل الدول المجهزة في العالم، إلا أن الجيش السعودي لا يبعث الخوف في قلوب خصومه.

الحرب بالوكالة في اليمن

ويمكن رؤية أدلة على أوجه القصور في الجيش السعودي بالتوجه عبر الحدود السعودية الجنوبية إلى اليمن.

وبعد 3 أعوام تقريبا من قيام السعودية - بدعم من دول خليجية وعربية أخرى - بشن تدخل عسكري لدعم الرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي»، ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، ما زال الحوثيون نشطين ويواصلون احتلال أكبر مدينة في اليمن، العاصمة صنعاء.

بالإضافة إلى ذلك، أثبت الحوثيون قدرة على شن هجمات رفيعة المستوى ضد السعوديين، وتشمل تلك الهجمات غارات متعددة عبر الحدود على السعودية، والهجمات الناجحة على السفن البحرية الإماراتية والسعودية، وإطلاق الصواريخ الباليستية في قلب المملكة.

وفي أحدث موقف محرج للمملكة، أشار تقرير صادر عن صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن الصواريخ الباليستية التي أطلقها الحوثيون -التي انفجرت في مطار بالعاصمة السعودية الرياض- لم يتم إسقاطها فعلا كما ذكر الجيش السعودي سابقا.

بدون نصر

واجه السعوديون مهمة صعبة في اليمن، وكان عليهم أن يواجهوا قوة قتالية مدربة تدريبا جيدا وممولة تمويلا جيدا ومزودة بتجهيزات جيدة، ألا وهم الحوثيون.

لكن المملكة لم تنشر قوات برية كبيرة في اليمن، وهو الأمر اللازم للفوز في ساحة المعركة.

وقال «نايتس» لـ«بيزنس إنسايدر»: «لا نعرف ما إذا كان الجيش السعودي قادرا على إحداث تأثير كبير على حرب اليمن، لأننا لم نشهد سوى تدخل القوات الجوية السعودية».

وأضاف: «بشكل عام، لن يكون لحملة القوات الجوية سوى تأثير كبير على المدنيين، خاصة في هذا النوع من التضاريس المعقدة مع عدو قادر على الاختباء من القوة الجوية».

ويقدر «نايتس» أن هناك حاجة إلى نشر 10 آلاف إلى 20 ألف جندي برا ليكون للمملكة التأثير المطلوب، إلا أن الجيش السعودي لم ينشر قواته البرية -على الأرجح كما يقول نايتس- لأن القيادة السعودية تعرف أن قواتها البرية «تعاني من نقاط ضعف كبيرة».

وتشمل نقاط الضعف هذه نقص المعدات اللوجستية والخبرة اللازمة لتنفيذ هذه الحملة.

وأضاف: «ليس لديهم خبرة في القيام بالعمليات الاستطلاعية»، مشيرا إلى أن حملة عاصفة الصحراء ضد العراق -التي ساهمت السعودية فيها- كانت إلى حد كبير بقيادة وجنود أمريكيين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن القوات البرية السعودية -ككل- غير مدربة بشكل جيد بما فيه الكفاية بحيث تكون قادرة على أداء عمليات واسعة النطاق بنجاح، وعلى هذا النحو، فإن القوة البرية السعودية في اليمن قد تسبب ضررا أكثر مما تنفع.

وقال «بلال صعب»، وهو زميل بارز ومدير برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط، لـ«بيزنس إنسايدر» إن القيادة السعودية تفهم الضرر المحتمل على قواتها البرية. وقال «صعب» في رسالة بالبريد الإلكتروني إن السعودية لن تنشر فرقا كبيرة من القوات البرية «لأنها ستتكبد الكثير من الضحايا، وأنها على الأرجح ستتعرض لأضرار هائلة في اليمن».

ماذا يمكن أن تفعل

في رأي «نايتس»، تحتاج المملكة إلى تقليص حجم جيشها، والتركيز على جودة التوظيف والتدريب، وجعل الوحدات القادرة على القتال تقاتل إلى جانب حلفاء محليين.

واليوم، تشكل الميليشيات المحلية والجماعات القبلية غالبية القوات البرية التي تقاتل الحوثيين، مع عدد قليل من الجنود السعوديين الذين يساعدونهم، باستثناء عدد قليل من وحدات القوات الخاصة.

ويقول «نايتس»: «نتيجة لذلك، لا يوجد ضغط عسكري موثوق به على الحوثيين».

وتعتبر الحرب بالوكالة في اليمن مجرد مثال واحد على تأثير إيران المتزايد في الشرق الأوسط. وبالنظر إلى حزب الله -على سبيل المثال- نجد أنه أفضل تسليحا وتنظيما من الجيش اللبناني الرسمي، كما أن حماس -التي تشارك في صراع مستمر مع (إسرائيل)- تدعمها إيران علنا، كما يتلقى عدد من الميليشيات في وحدات الحشد الشعبي العراقية التدريب والتمويل والمعدات من الدول المجاورة لها.

وتحتاج ترسانة السعودية أيضا -وإن كانت مثيرة للإعجاب- إلى وضع تراكم الخبرات التطبيقية اللازمة من قبل الأفراد في الاعتبار، وفي الوقت الراهن، يبدو أن تلك الحروب بالوكالة تدور بين جيش تقليدي من حقبة الحرب الباردة ضد عدو نادرا ما يظهر في نفس الرداء.