ملفات » الطريف إلى العرش

السعودية.. ماذا وراء اعتقال صبيح المصري؟

في 2017/12/19

القدس العربي-

نقلت وكالة أنباء رويترز حديثا عن لسان صبيح المصري الملياردير الفلسطيني المختفي منذ أيام من مكان إقامته في السعودية قال فيه إن المملكة «عاملته بكل احترام»، واعتبرت الوكالة أن هذا يعني إفراجاً عن المصري.

لكنّ بقاءه في السعودية يعني، عمليّاً، أنه ما زال محتجزا وممنوعاً من السفر، الأمر الذي يذكر طبعاً بأحوال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري خلال فترة احتجازه في المملكة وتصريحاته «المطمئنة» عن حالته من هناك قبل أن يغادر إلى فرنسا بطريق عودته إلى لبنان.

يذكر الأمر أيضاً بموجة الاعتقالات الكبيرة لأمراء ومسؤولين كبار ورجال أعمال سعوديين في إطار ما يسمى بحملة «مكافحة الفساد» التي أطلقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

في الوقت نفسه سخرت صحف عالمية من التناقض الفاضح بين يافطة «مكافحة الفاسدين» ووقائع انغماس شركة تعود للأمير نفسه في «حملة شراء» لقصر ملكي في فرساي الفرنسية بسعر 300 مليون دولار، ويخت يعود لملك الفودكا الروسي بسعر 494 مليون دولار، ولوحة ليوناردو دافنشي «يسوع مخلص العالم» بسعر 450 مليون دولار، ضمن سلسلة مشتريات أخرى كثيرة وتفاصيل ذات مغزى منها إقامة الأمير سلسلة من الحفلات الباذخة في المالديف حضرها مغنون عالميون مشهورون.

بسبب الوزن الاقتصادي (والسياسي بالنتيجة) الكبير لقطب الاقتصاد الأردني ـ الفلسطيني ورئيس إدارة «البنك العربي» فمن المؤكد أن هذا القرار باعتقاله صدر من أعلى المستويات السياسية في المملكة وهو يحمل بالتأكيد بصمات وليّ العهد محمد بن سليمان.

ولو افترضنا أن زيارة المصري إلى السعودية كانت عاديّة وأنه سافر إلى هناك بإرادته لتفقد استثماراته الكثيرة هناك فهذا يعطي إشارة إلى الطبيعة المتسرّعة الانتهازية وغير المتحسبة للنتائج لعملية الاحتجاز.

أما إذا كان المصري قد تم استدعاؤه من السلطات السعودية، فهذا يعني أن قرار الاعتقال كان مبيّتاً وجاهزاً للتنفيذ قبل وصول الملياردير الفلسطيني إلى الرياض، وهذا يعطي مصداقية كبيرة لفرضية وجود أسباب سياسية، وليست ماليّة فحسب للاحتجاز!

كما أنه يثبّت حيثيات كثيرة تم تسريبها حول ضغوط الرياض على القيادتين السياسيتين في فلسطين والأردن، فيما يخصّ موضوع القدس واستتباعاته ومنها، طبعاً، محاولة منع حضور الملك الأردني والرئيس الفلسطيني للقمة الإسلامية في إسطنبول.

يشير احتجاز المصري إلى إشكالية كبرى تتعلّق بتحوّل سياسات المملكة تحت قيادة الأمير محمد بن سلمان إلى عنوان للخطر السياسي والاقتصادي على جيرانها الأقربين والأبعدين.

فهي تخوض حرباً ضروساً في اليمن، وهي تحاصر قطر، وتثير أزمة سياسية كبرى تهدد لبنان، وهي الآن تعتقل رمزاً كبيراً لاقتصاد الضفتين مما يهدّد بأزمة مع الأردن، وهي تضغط على القيادات الفلسطينية، وتحرّض ضد القيادة التركية.

وإذا ربطنا هذه الإشكالية بمفارقة توازي الابتزاز الماليّ للمعتقلين من الأمراء ورجال الأعمال ضمن «حملة مكافحة الفساد» مع الانفلات الفاحش في البذخ الذي يمارسه رجال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان فإن كل هذا سيبدو وصفة لكارثة لا يمكن توقع نتائجها النهائية ولكنها لن تكون نتائج سعيدة بالتأكيد!