اقتصاد » فساد

«فورين بوليسي»: تفاصيل برنامج الإمارات السري لبناء إمبراطورية تجسس في الخليج

في 2017/12/22

جينا ماكلوغين - فورين بوليسي- ترجمة فتحي التريكي -

في بقعة تقع إلى الشمال الشرقي من ميناء زايد في أبوظبي، وفي فيلا خليجية نموذجية حديثة محاطة من أحد جوانبها بحمام سباحة أنيق، يقوم بعض الغربيين بتدريب الإماراتيين على استخدام أدوات التجسس الحديثة.

يبدأ اليوم بالأساسيات: ندوة في الساعة العاشرة صباح يوم الأحد تحت عنوان «ما هو الذكاء»، وفي يوم الخميس، يتعلم المتدربون كيفية العمل ضمن فرق مراقبة مكونة من 5-6 أشخاص.

خلال الأسبوع الأول، يتحلق المتدربون حول لعبة «سكافنجر هانت»، لعبة مطاردة عبر الإنترنت، أما في الأسابيع التالية فإنهم يحصلون على تدريب أكثر تطورا حيث يتم تدريبهم على الحصول على هويات زائفة لاستخدامها عند حضور مناسبات مع المسؤولين، كما يتم تدرسيهم حول الأصول الاستخباراتية، إضافة إلى مشاهدة بعض العروض التمثيلية حول تجنيد العملاء الليبيين.

يتدرب المجندون الإماراتيون أيضا في موقع آخر على بعد حوالي 30 دقيقة من قلب مدينة أبوظبي يطلق عليه «الأكاديمية»، وهو مجهز بالثكنات، وساحات إطلاق النار، وأماكن للتدريب على السباحة، وهو مكان يبدو شبيها بمزرعة وكالة المخابرات المركزية في كامب بيري؛ وهي منشأة تدريب تقع في جنوب شرق ولاية فرجينيا.

وترد تفاصيل التدريب في جدول مقرر رسمي تم استعراضه من قبل مجلة «فورين بوليسي» وأكده مسؤولون استخباراتيون سابقون من الذين شاركوا في هذا الجهد.

وتشكل المرافق والدورات جزءا من جهود الإمارات العربية المتحدة النشيطة لإنشاء كادر استخباراتي محترف على غرار الغرب.

تم جذب المسؤولين الاستخباراتيين الأمريكيين إلى الدولة الخليجية مع وعود بوظائف مربحة وأعمال مثيرة للاهتمام.

وقال موظف سابق لـ«فورين بوليسي»: «كان المال وفيرا، ألف دولار في اليوم الواحد، مع إمكانية أن تعيش في فيلا أو فندق 5 نجوم في أبوظبي».

ضابط المخابرات

ويعد الشخص الرئيسي وراء هذه العملية من التدريب الاستخباراتي هو رجل يدعى «لاري سانشيز»، ضابط المخابرات السابق الذي ساعد في بدء شراكة مثيرة للجدل بين وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وإدارة شرطة نيويورك، قال إن السبب الرئيسي منها هو الحؤول دون تطرف الإرهابيين المحتملين وتتبع الناس -وكثير منهم من المسلمين- في المساجد والمكتبات، وأماكن أخرى في جميع أنحاء نيويورك.

 يعد «سانشيز» من قدامى المحاربين في الخدمات السرية لوكالة الاستخبارات المركزية، وهو يعمل لدى ولي عهد أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة على مدى السنوات الست الماضية لبناء منظومة استخباراتية كاملة من الألف إلى الياء، وفقا لست مصادر تحدثت إلى مجلة «فورين بوليسي».

لكن «سانشيز» هو مجرد واحد من العديد من الأخصائيين الأمنيين الغربيين السابقين الذين توجهوا إلى الدولة الخليجية لتقديم التدريب الأمني.

وقد انتقل «إريك برنس» مؤسس «بلاك ووتر» إلى الإمارات العربية المتحدة لإنشاء كتيبة من القوات الأجنبية التي تخدم ولي العهد، والتي كشفت عنها صحيفة «نيويورك تايمز» لأول مرة في عام 2011، كما أن «ريتشارد كلارك» يعمل هو الآخر كمستشار كبير لولي عهد أبوظبي بصفته الرئيس التنفيذي لشركة «غود هاربور» لإدارة المخاطر الأمنية.

لا يعد اعتماد دولة الإمارات العربية المتحدة على الأجانب لتشكيل مؤسساتها الأمنية شيئا جديدا، لكن الدولة الخليجية سعت دوما لإخفاء تفاصيل هذه الجهود بعيدا عن أعين الجماهير.

وفيما يتعلق بعملية التدريب الاستخباراتي الوليدة، فإن استخدام موظفي المخابرات الأمريكية السابقين لبناء قدرات التجسس لدول أجنبية يبدو أنه ينتقل إلى طور جديد.

ويوضح دور «سانشيز» في برنامج التدريب الاستخباراتي لدولة الإمارات العربية المتحدة حجم الدور الذي يلعبه المقاولون الخاصون، وحجم استثمارهم في بيع مهاراتهم المكتسبة من عقود من العمل مع الجيش الأمريكي ومجتمع الاستخبارات في وقت يثير فيه هذا النوع من العمل الآن جدلا قانونيا، حيث تكافح الحكومة الأمريكية من أجل تحديد الكيفية التي تحكم بها القوانين قدرة المسؤولين الاستخباراتيين المدربين تدريبا عاليا على بيع مهاراتهم في الخارج.

ووصف ستة مسؤولين سابقين في المخابرات عملية التدريب لمجلة «فورين بوليسي»، لكنهم طالبوا بعدم الكشف عن هوياتهم لمناقشة عمليات الاستخبارات الحساسة، وحماية الأصدقاء والزملاء الذين ما زالوا يعملون في دولة الإمارات العربية المتحدة، وحماية فرص عملهم في المستقبل.

وأعرب اثنان من الذين تمت مقابلتهم عن مخاوف بشأن ما إذا كانت الشركة لديها تراخيص مناسبة لتصدير عملية التدريب المتقدم، خاصة في ظل مشاركة مدربين دوليين آخرين في الحدث، ناهيك عن كون الشركة الإماراتية التابعة للحكومة التي تشارك الآن في إدارة العقد، «داركماتر»، واقعة قيد التحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي.

وبينما كان لدى الموظفين السابقين مجموعة من وجهات النظر حول ما إذا كان التدريب فعالا، وقانونيا، ويتوافق مع مصالح الولايات المتحدة، فقد اتفقوا جميعا على أن إنشاء مقاولين خاصين لجهاز استخبارات أجنبي كان على الأرجح غير مسبوق.

الطريق إلى أبوظبي

وقال أحد المصادر إن الهدف الرئيسي هو مساعدة دولة الإمارات العربية المتحدة على إنشاء وكالة المخابرات المركزية الخاصة بها.

وقد مر طريق «لاري سانشيز» من مقر وكالة المخابرات المركزية في لانغلي، فيرجينيا، إلى أبوظبي عبر نيويورك.

خلال فترة طويلة من حياته المهنية في وكالة المخابرات المركزية، عمل «سانشيز» كوكيل سري يحمل هوية وكالات أو منظمات أخرى، ولكن في عام 2002، بعد فترة وجيزة من هجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية، أرسل «جورج تينيت»، مدير المخابرات المركزية، «سانشيز» للعمل في نيويورك مع «ديفيد كوهين»، نائب مفوض المخابرات في شرطة نيويورك.

كانت هناك بالفعل صلة غير رسمية بين وكالة المخابرات المركزية وشرطة نيويورك حيث كان «كوهين» أيضا نائب مدير العمليات السابق في الوكالة.

وفي نيويورك، قدم «سانشيز» لوكالات إنفاذ القانون معلومات هامة حول تنظيم «القاعدة»، وأرسلت شرطة نيويورك، بدورها، ضباطا تسللوا إلى المساجد والمجتمعات الإسلامية، وكان الهدف هو منع أي هجوم آخر على غرار هجوم سبتمبر/أيلول.

وحين كان «سانشيز» يعمل في شركة نيويورك، كانت الهيئة توسع علاقاتها بشكل غير مسبوق مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي عام 2008 وقعت شرطة نيويورك مع دولة الإمارات صفقة لتبادل المعلومات الاستخبارية، وأنشأت شرطة نيويورك مكتبا فضائيا في أبوظبي.

وقد قدمت أبوظبي الملايين من الدولارات آنذاك لتمكين «شرطة نيويورك الوطنية من توظيف مفتشين في جميع أنحاء العالم للعمل مع إنفاذ القانون المحلية على الحوادث المتعلقة بالإرهاب».

وخلال فترة ولايته في نيويورك، طور «سانشيز» «علاقة مستمرة» مع مسؤولين إماراتيين رفيعي المستوى، من بينهم الشيخ «خليفة بن زايد آل نهيان»، حاكم أبوظبي، وفقا لمصدر سابق في وكالة إنفاذ القانون.

وقال المصدر: «لم يكن الإماراتيون على دراية بعالم الاستخبارات، حين ذهب لهم سانشيز وقال لهم: استمعوا، لن أكون مثل بعض هذه الكيانات الأمريكية الأخرى التي تأتي ثم تغادر، سوف أكون هنا في كل وقت، اتصلوا بي في الساعة 3 صباحا، سأكون متاحا، لقد نجح في الفوز بهم من خلال تأكيد التزامه تجاههم».

وتزامنا مع بناء «سانشيز» علاقته مع دولة الإمارات العربية المتحدة، كان عمله في الولايات المتحدة يخضع للفحص.

ولم يجد تحقيق مفتش عام وكالة المخابرات المركزية لعام 2011 حول الضباط المنخرطين في شرطة نيويورك انتهاكات محددة للقانون، لكنه خلص إلى أن تصور وجود علاقة مريحة بين أكبر وكالة تجسس أجنبية وقسم الشرطة المحلية يضعف ثقة الجمهور.

أدى الكشف عن هذه العلاقة إلى نشوب احتجاجات عامة كبيرة من منظمات الحريات المدنية المهتمة بقضايا الخصوصية.

وقالت وكالة المخابرات المركزية إن دعمها لا يشكل تجسسا على الأمريكيين، ولكن المدافعين عن الحقوق المدنية اختلفوا معهم.

وبحلول الوقت الذي استقر فيه الغبار وقررت وكالة الاستخبارات المركزية إنهاء برنامجها في نيويورك، كان «سانشيز» قد وصل بالفعل إلى الشرق الأوسط.

عولمة الأمن

عندما سقط البرجان التوأمان في نيويورك عام 2011، وجدت دولة الإمارات نفسها في مخاوف بشأن الإرهاب الدولي.

وكانت الدولة الخليجية مركزا لعبور الإرهابيين، حيث كان اثنان من الخاطفين من المواطنين الإماراتيين.

وقال «جون ألترمان»، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن الهجمات كانت نقطة تحول بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة.

ويؤكد «ألترمان»: «لقد دفعهم ذلك إلى القيام بعدد من الأمور ليس فقط لمحاصرة التنظيمات الدينية داخل البلاد، ولكنهم أولوا اهتماما خاصا لكل ما يتعلق بالأمن القومي، كان هناك دائما قلق بشأن الأمن القومي، ولكن أعتقد أن الكثير منه تفاقم بفعل 11 سبتمبر/أيلول».

كانت دولة الإمارات العربية المتحدة ترغب في بناء بنيتها الاستخباراتية، وتوجهت لطلب المساعدة من الغرب.

وهدف المسؤولون الإماراتيون تاريخيا إلى استنساخ الهياكل الأمنية الغربية، وعند صياغة استراتيجيتها الدفاعية، قامت دولة الإمارات بدراسة أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول غربية أخرى.

ومع ذلك، فإن الجانب السلبي لهذا النهج هو أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد اشترت الاستراتيجيات، ووضعتها معا مثل قطع اللغز غير المتناسبة، وهي غالبا ما تفتقر إلى رؤية مركزية وخطة.

خلال فترة وجود «سانشيز» في الإمارات العربية المتحدة، كانت المشاركة الأجنبية في عملية التدريب الاستخباراتي آخذة في الازدياد، حيث عملت عمل كل من الاستخبارات العسكرية الأسترالية والبريطانية هناك أيضا.

غير أن «سانشيز» استفاد من علاقته الشخصية مع العائلة الحاكمة التي أقيمت خلال سنوات عمله في مكافحة الإرهاب في مدينة نيويورك.

كما ساعدت الحكومة الأمريكية بدورها في بعض الأحيان مباشرة، خلال عامي 2010 و2011، عندما بنى الإيرانيون قدراتهم على الهجمات الإلكترونية، سافر مسؤولون حكوميون أمريكيون ومقاولون للدفاع إلى الإمارات العربية المتحدة، وساعدوا على تدريب الإماراتيين في مجال الأمن الرقمي والعمليات الإلكترونية الهجومية.

وبينما اعتنقت الحكومة الأمريكية بشكل عام جهود دول الخليج لبناء كادر خاص بها بمساعدة من الولايات المتحدة، رسم كبار المسؤولين خطا يمنع المواطنين الأمريكيين من المشاركة فى العمليات السيبرانية الهجومية.

وفي أواخر عام 2011، ساعد مستشارو ومقاولو الحكومة الأمريكية في إنشاء المعادل الإماراتي لوكالة الأمن القومي الأمريكية التي تغير اسمها إلى الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني، والآن وكالة استخبارات الإشارات.

واشتركت الولايات المتحدة في كل شيء من المساعدة في اختيار موقع آمن إلى تحديد وتصنيف المباني العامة والمحظورة، وفق وثائق اطلعت عليها «فورين بوليسي».

وفي نفس الوقت تقريبا، وصل «سانشيز» وفريقه وبدأوا في تدريس تقنيات المراقبة الداخلية، وبصفته رئيسا للمقاول الاستخباراتي المرموق «كاغن غلوبال» ومقرها في بالتيمور، بدأ «سانشيز» يدير فريقا من ضباط إنفاذ القانون ومسؤولي استخبارات غربيين متقاعدين، وجنود سابقين لتدريب المواطنين الإماراتيين على العمل كجواسيس ومقاولين شبه عسكريين.

قد نما البرنامج التدريبي، الذي بدأ كتوجيه بسيط من قيادة الإمارات، بشكل أسرع مما كان يتوقعه أي شخص مشارك حيث بدأوا الاعتماد بشكل كبير على «سانشيز»، لدرجة أنهم أرادوا منه بناء جميع وكالات الاستخبارات الرئيسية.

وقد تم تقسيم هذه الدورات، التي تم تصميمها على غرار تدريب وكالة المخابرات المركزية، إلى قطاعات مختلفة، بما في ذلك «خط تدريب المعلومات الأساسية» الذي يتضمن التدريب على كتابة التقارير، واستخلاص المعلومات، وتسجيل الملاحظات، إضافة إلى برنامج الاستخبارات الخارجية، ودورة إنفاذ القانون، ودورة شبه عسكرية، من بين أمور أخرى.

ويتضمن برنامج التدريب الذي حصلت عليه «فورين بوليسي» دورة تدريبية تحت عنوان «فرار الأرنب» يتم خلالها تدريب المشاركين على على عدم لفت انتباه مدرب آخر، يحاول تتبعهم، كما يدرسون أيضا «فن المراقبة» وكيفية اكتشاف الأهداف المحتملة.

وتبقى دورات المراقبة الخارجية تقريبا نسخة طبق الأصل من تدريب مزرعة وكالة المخابرات المركزية، وقال موظف سابق في شركة سانشيز لـ«فورين بوليسي»: «إنها تقريبا نفس المادة».

ووفقا لمصدر ثان مطلع على الشركة، فإن استخدام المدربين للمواد التي وضعت على غرار تدريب وكالة المخابرات المركزية في الواقع استقطب تدقيق وكالة الاستخبارات المركزية وغضبها، ما دفع إلى مراجعة للبرنامج الذي انتهى في نهاية المطاف في صالح «سانشيز».

ففي إحدى الدورات على سبيل المثال، يقوم مشغلون سابقون بتدريس المهارات شبه العسكرية، مثل القيادة وإطلاق النار، ويقول أحد المدربين السابقين: «عادة ما يذهبون إلى تلك الدورة قبل أو بعد نشرهم في مكان مثل اليمن».

غير أن جميع الذين تمت مقابلتهم حول تجربتهم اتفقوا على أنه في حين أن المواد التي تدرس تراوحت في التعقيد، فإن الطلاب أنفسهم كانوا مبتدئين، وكانت هذه الأمور جديدة تماما بالنسبة إليهم.

خارج الحدود

وفي حين كان «سانشيز» وغيره من مقاولي وكالة المخابرات المركزية يوسعون أنشطتهم في الإمارات، كان واحدا من الأسئلة المزعجة لكثير من المدربين يتعلق بمدى قانونية نشاطهم.

ويواجه الأمريكيون قيودا على نوع التدريب العسكري والاستخباراتي الذي يسمح لهم بتوفيره في الخارج، بسبب القواعد الصارمة حول تصدير هذا النوع من التدريب.

ويخاطر الأمريكيون الذين يهربون من تلك الأنظمة بالملاحقة القضائية.

وحصلت شركة «سانشيز»، «كاغن غلوبال»، على رخصة تصدير من وزارة الخارجية لإجراء التدريب الأساسي على الأمن والاستخبارات عندما بدأت، بيد أنها خضعت لمراجعة العام الماضى من قبل العديد من الوكالات الحكومية بما فيها وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية.

وقال أحد المصادر إن المراجعة كانت لها علاقة بإحباط وزارة الخارجية ووكالة المخابرات استخدام مواد تدريبية مماثلة لموادهم، غير أن الأمر تم حله في نهاية المطاف.

توسع عمل «سانشيز» من دورات الاستخبارات المحلية التي ركزت على المراقبة الداخلية والتهديدات المتصورة مثل حزب الإصلاح، وهي حركة إسلامية تابعة لجماعة «الإخوان المسلمون».

في الأشهر الستة الأخيرة أو نحو ذلك، نظر «سانشيز» وفريقه إلى الخارج بهدف تشكيل جهاز استخبارات أجنبي جديد يركز على التهديدات خارج حدود الدولة الخليجية في دول مثل اليمن وإيران وسوريا وقطر، وإريتريا، وليبيا.

وقال أحد المصادر إن الإماراتيين «يعيشون في جوار سيئ»، هم يرون أن اليمن دولة فاشلة، ويواجهون بانتظام قادة القاعدة، ويخشون عدم اليقين في الصومال وعمان، وقال المصدر إن صراعهم مع إيران عميق وسيظل كذلك.

وقال المصدر أيضا إن الإماراتيين أصدقاء للولايات المتحدة، لكنهم يشعرون بالقلق من أن الغرب سيتركهم يوما ما، وأصبحوا يعتقدون أن عليهم حماية أنفسهم.

غير أن مصدرين مطلعين على البرنامج التدريبي أكدا إنه «حتى لو كانت دولة الإمارات العربية المتحدة قادرة على إنتاج جواسيس مدربين فإن نشرهم في الخارج غير مضمون لأن الدولة لا تقوم بتمويل السفارات في تلك الدول، وليس هناك الدعم اللوجيستي اللازم لإنهاء البرنامج بشكل كامل، ولا سيما في دول أكبر وأكثر وعيا بالأمن مثل إيران».

وفي حين أن تشييد سجن من المراقبة في الإمارة الاستبدادية يبدو خطة تقاعد غريبة لاستخباراتي سابق، لكن «سانشيز» يتشارك نفس المخاوف الأمنية مع حكومة الإمارات.

وكان الأعداء المحتملون، سواء كانوا من إيران أو «الإخوان المسلمون» أو تنظيم «القاعدة»، على رأس قائمة التهديدات المحتملة لدولة الإمارات العربية المتحدة.

وبالمثل، فإن «سانشيز» كان دائما يشعر بالقلق إزاء «الإخوان» والإيرانيين، وفقا لما ذكره مصدر مطلع، كما أن «سانشيز» يتربح من وظيفته بشكل جيد أيضا، حيث يمتلك قارب صيد فاخرا موهوبا له من قبل ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد».

نظام سيئ السمعة

لكن عمل «سانشيز» في الإمارات العربية المتحدة لا يخلو من المخاوف، منذ البداية، كانت إحدى الأسئلة التي طرحها البعض في مجتمع الاستخبارات هي ما إذا كان نظام الإمارات يصف النقاد الشرعيين له على أنهم إرهابيون أو عملاء أجانب.

وقال مسؤول استخباراتي سابق على دراية بالمنطقة: «تدعي الإمارات أن أي شخص ضد النظام يعمل لصالح إيران أو جماعة الإخوان المسلمون».

وحتى في ظل بناء مؤسسات على غرار الغرب، تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا بسمعة غير طيبة في سحق المعارضة السياسية.

وقد وثقت جماعات حقوق الإنسان حالات الاعتقال التعسفي وتعذيب الناشطين والمعارضين، وأبرزها أن الحكومة استخدمت بعض أدوات المراقبة المستوردة لاستهداف «أحمد منصور»، وهو ناشط بارز اعتقل منذ مارس/آذار.

لكن مسؤولي الاستخبارات الذين قابلتهم «فورين بوليسي» يؤكدون أن التدريب يركز على التهديدات الخارجية وليس المعارضين السياسيين، وعلى بناء مهارات الاستخبارات، وليس التخطيط للعمليات.

وقال «مارك لونثال»، صاحب أكاديمية الاستخبارات والأمن، وهي شركة استشارية للاستخبارات تقدم المشورة للشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم: «إن سجلهم في مجال حقوق الإنسان مشكلة، ولكن الحريات المدنية ليست محددة بالطريقة التي تتواجد بها هنا».

وقال مصدر سابق في مجال إنفاذ القانون إن موظفي المخابرات الأمريكية العاملين في الإمارات العربية المتحدة كانوا يتجنبون الاتصال المباشر مع «سانشيز» أو شركته.

ولكن حتى لو لم يكن لدى موظفي وكالة المخابرات المركزية اتصال مباشر مع «سانشيز»، فإن الوكالة لا يبدو أنها تواجه مشكلة في عمله، ووفقا لمصادر ثلاثة، كان مدير مركز المخابرات المركزية في أبوظبي على علم تام بمهمة «سانشيز»، وفي الواقع، عملت زوجة مدير المركز في شركة «سانشيز» لفترة من الوقت.

لكننا قد لا نحتاج للقلق حول مستقبل «سانشيز» في الإمارات العربية المتحدة طويلا، حيث سيتقاعد قريبا على الأرجح، وكان هناك معدل دوران كبير في الأشهر الأخيرة بسبب مشاحنات القيادة، وقال موظف سابق: «هناك الكثير من الشركات الكبيرة هناك مع إدارة سيئة».

وقالت المصادر إن أحد الأسباب الكبرى لارتفاع معدل التغييرات، هو مسؤول سابق بالمخابرات الأمريكية جلبه «سانشيز» كمسؤول عن العمليات، ووفقا لمصدرين، قام المسؤول باستبعاد العديد من المدربين بشكل منتظم وخلق بيئة عمل سامة.

ومنذ ذلك الحين، تغيرت الشركة التي تتولى قيادة عقد التدريب الاستخباراتي مرتين، وفقا لموظفين سابقين ومصدر واحد على دراية بالمنطقة.

وكانت شركة إماراتية تدعى «لوا LUAA LLC» يديرها مسؤول سابق في الخدمات الجوية البريطانية، تولت المهمة في الربيع الماضي.

والآن هناك شركة إماراتية ثالثة وهي شركة تابعة لشركة تدعى «دارك ماتر»، تعمل لصالح حكومة الإمارات العربية المتحدة بشأن الأمن السيبراني والمعلومات الاستخباراتية.

في هذه الأثناء، يستمر برنامج التدريب الاستخباراتي في التحول، ووفقا لمصدرين، فإن كلا من «كاجن جلوبال» و«سانشيز» الآن ليسا على وفاق مع المسؤولين الإماراتيين في حين تتولى «دارك ماتر» المسؤولية.

روفضت شركة «دارك ماتر» التعليق على عملياتها الجارية، لكنها أوضحت أن الدول والشركات التي تسعى إلى «أمن المعلومات الإلكترونية وتحسين قدراتها الاستخباراتية» تمثل فرصا جيدة لعمل الشركة.

أما بالنسبة للأمريكيين الذين ساعدوا في بناء عمليات المخابرات الإماراتية، فهناك دائما البرنامج التالي، وأشار مصدران إلى أن هناك جهودا متوقفة منذ سنوات لتقديم برنامج تدريب استخباراتي مماثل إلى المملكة العربية السعودية.