ملفات » الطريف إلى العرش

أسرار فترة احتجاز الملياردير «صبيح المصري» بمعتقل «الريتز كارلتون»

في 2018/01/19

العربي الجديد-

طوال الوقت ولأكثر من ستة أسابيع بعد الإفراج عنه لم تصدر عن الملياردير الأردني الفلسطيني السعودي «صبيح المصري» أي عبارة ناقدة للسعودية بعد حادثة اعتقاله والتحقيق معه في الرياض التي أثارت جدلا واسعا.

خلافا لذلك أظهر «المصري» محبته لبلده الثاني «السعودية» في جميع الجلسات التي جرت معه، وأعتبر توقيفه واعتقاله أمرا يخص الشأن السعودي الداخلي، مصرا في الجرعات الإعلامية العلنية الخفيفة التي صدرت عنه على أنه تم التعامل معه باحترام وأن المسألة كانت تخص «الاستفسار عن معلومات» فقط.

 تلك بكل حال رواية منطقية لرجل في حنكة وخبرة «المصري» لا يظهر بالعادة أي اهتمام من أي نوع بالتقاطعات والتعاكسات السياسية ويميل إلى عدم تسييس ما حصل معه وهو ما ترغب به المرجعيات أيضا في عمان عاصمة الأردن.

الرواية الواقعية لمسار الأحداث كشفتها مصادر خاصة لـ«القدس العربي».

 الملياردير «المصري» أعتقل في الشارع العام وأثناء توجهه للمطار عائدا إلى عمان، ثم تم إيداعه معصوب العينين في فندق «الريتز» مُعتقل الأُمراء والأثرياء الشهير، وليس في منزل الرجل كما قيل سابقا.

 أودع «المصري» في جناح صغير في فندق «الريتز» وليس في جناح كبير وطلب منه إبقاء الباب مفتوحا وتم إبلاغه بأنه لا يستطيع استعمال شفرة الحلاقة وأنه لا يوجد أقلام في الغرفة، وأنه يستطيع الحصول على تقنية خاصة تمكنه من الحلاقة بدون شفرات عندما يرغب.

طلب منه النوم في جناحه وإبقاء الباب مفتوحا وأبلغ أن الأمن سيقتحم غرفته في أي لحظة يغلق فيها الباب.. وبأنه يستطيع الحصول على ما يريد من خدمات الطعام والشراب وكي الملابس والصيانة والنظافة في أي لحظة، وعبر الهاتف الذي لا يوجد فيه صفر دولي، كما أُبلغ بانه لا يستطيع استعمال الإنترنت، فقابل هذا الإبلاغ بابتسامة، فهم منها مصدر التعليمات السعودي بأن الرجل لا يجيد أصلا استعمال الإنترنت.

بقي الملياردير الثمانيني العمر ليلته الأولى والثانية في غرفته فقط ولم يخضع لأي استجواب ولم يزره أي شخص.

 وعند منتصف الليلة الثالثة حضر إلى جناح «المصري» الصغير شخصان سعوديان لا يعرفهما سابقا وبدءا استجوابه بدون توثيق أو تسجيل، وبدون وجود أجانب أصلا أو غرباء. تركز الاستجواب هنا ليس على الأمير «خالد بن سلطان كما توقع الكثيرون ولكن على الأمير «فهد بن سلطان» في المقام الأول ..وعلى طبيعة علاقته به.

سئل «المصري» عما إذا توافرت لديه معلومات عن عطاء شهير قبل 25 عاما عندما كان الأمير «خالد بن سلطان» وزيرا للدفاع.

 أفاد أن شركته حصلت على عطاء تموين الجيش الأمريكي في عقد ملتزم بالقانون تماما، ونفى علمه بالمطلق بأي مبالغ دفعت هنا أو هناك بطريقة غير نظامية عبر الأمير «خالد بن سلطان» أو غيره، وأفاد بأنه حصل على عطاء نظامي وأوراقه موجودة ورسمية، وقرر في العام التالي من تلقاء نفسه عدم التقدم لنفس العطاء لأسباب تخص شركته.

فهم «المصري» من المتحدثين معه أن الأمير «خالد بن سلطان قدم إفادته أصلا حول هذا الموضوع ثم فوجئ «المصري بالسؤال التالي: «ماهي طبيعة علاقتك بالأمير فهد بن سلطان؟.. لماذا تطلق على المؤسسة الطبية التي تملكها وعلى منشآت تخصك اسم الأمير فهد بن سلطان؟».

 ابتسم «المصري» ابتسامة خفيفة هنا وسأل: «هل تتوقعون اسم أحد أقاربي على مشاريعي.. كيف سيفيدني ذلك؟ أطلقت اسم الأمير ببساطة شديدة حتى تعبر مصالحي وأستفيد، فأنا رجل أعمال في النهاية.

 بدا شفافا وصريحا كما تحدث معه الشخصان بلباقة وانتهى اللقاء الوحيد عمليا في الاستجواب بعد ساعتين وعشرين دقيقة فجر اليوم التالي بآخر توجيه للرجل: «حسنا.. نحن انتهينا هنا.. نرجو أن تكتب مضمون ما حصل بيننا والمعلومات التي لديك على أوراق خاصة وبخط يدك وتسلمنا إياه».

 قبل مغادرة الرجلين قيل له إن فجر يوم الاستجواب وهو الجمعة ولا يمكن اتخاذ قرارات بالإفراج عنه أو إطلاقه حرا لكن لا يوجد ما يبرر الاستمرار بتوقيفه أيضا، وعليه الانتظار حتى يبدأ يوم دوام رسمي لكي يطلق سراحه ويستطيع المغادرة لأي مكان يريده.

لأنه ليس ممنوعا من السفر كما قيل له.

بقي «المصري» ليلتين بعد هذه المحادثة ثم تم إبلاغه في صباح اليوم التالي بإمكانية مغادرته الفندق إلى منزله في الرياض ولكن دون أن يسافر إلى أن يأتيه خبر يقين.

غادر الرجل إلى منزله وبقي فيه ليلة إضافية إلى أن زاره شخصان أيضا معتذرين عما حصل معه وأبلغاه بأنه يستطيع المغادرة وشكراه على تعاونه في التحقيق والمعلومات التي قدمها.

 الشخصان هنا عرفهما «المصري» وطبيعة وظيفتهما تؤشر على رسالة ودية وصلته في النتيجة من الأمير «محمد بن سلمان» شخصيا، وهما قائد مجموعة الحرس الملكي الملحقة بمكتب ولي العهد والمدير الثاني في مكتب ولي العهد السعودي.