خاص الموقع

الخليج.. ووقفة لازمة

في 2018/01/26

احمد شوقي- خاص راصد الخليج
هناك مشكلات كبرى وتحديات ضخمة تواجه دول الخليج، على رأسها مشكلة داخلية غير مسبوقة منذ الطفرة النفطية وتتعلق بدخل المواطنين وامتيازاتهم.
هناك بلا شك تنوع للنظم السياسية في الدول الحديثة، ويعد النمط الملكي السائد في الخليج من اكثر النظم التي يمكن انتقادها في الديمقراطيات الحديثة ولكن كانت امتيازات المواطنين تمنع الالتفات لهذا الشكل غير المنتمي للعصر الحديث.
وبلا شك ومع اتباع نمط الاندماج الكامل في الاقتصاد العالمي والذي يتخذ عنوان "الاصلاح" فان هناك التفاتا شعبيا متوقعا لنمط الحكم، وربما مع تناقص الامتيازات، يبدأ الالتفات لأشواق الديمقراطية والمشاركة.
وهو تحد جديد أمام الأنظمة الخليجية وخاصة النظام السعودي والمقدم على خصخصة درة التاج الممثلة في ارامكو، ايضا شعبية نظم الخليج بدأت تتقلص وتصل الى ادنى مستوياتها لعاملين رئيسيين:
أولهما: التدخل في شؤون الدول الأخرى ودعم أنظمة مستبدة لا شعبية لها، ما يجعل أنظمة الخليج في مواجهة مباشرة مع شعوب هذه الدول.
والثاني: بفعل الاجراءات الاقتصادية ايضا وتأثيراتها على العمالة الوافدة وايضا تداخل السياسة في التعامل مع هذه العمالة، وهو ما يفقد هذه النظم نفوذا شعبيا هاما كونته العمالة داخل بلدانها بفعل الامتيازات الاقتصادية  التي حققتها ودانت بسببها بالفضل لهذه الدول.
 وهناك عامل كبير ربما يشكل انهيارا لصورة الانظمة بعد فترة من الزمن وبعد ان تستفيق الشعوب من ازمتها الضاغطة وتلتفت الى قضايا امتها، عندما تتأمل الدور الخليجي الراهن في القضية الفلسطينية والذي تقوده السعودية دون اكتراث ودون تعقل للاصطفاف مع العدو الصهيوني.
شعوب الخليج ليس لها امة اخرى تنتمي لها سوى امتنا وفي الواقع فإن صمتها على القضايا العربية يؤثر كثيرا على مستقبلها، وهي حالة عامة في شعوب المنطقة ولكن يمكن تفهم –وليس قبول- صمت الشعوب المضغوطة اقتصاديا، ولكن لا يمكن تفهم أو قبول صمت شعوب الخليج لأن هذا سيترجم فوريا لقناعة مفادها الانفصال عن الامة والاستغناء عن فكرة الانتماء عبر رفاه حالي ومؤقت.
ان لم تستوعب انظمة الخليج هذه الاشكاليات فعلى عقلاء الخليج وحكمائهم الالتفات لها والبدء الفوري في التعاطي بجدية معها.
وعلى بعض الانظمة الخليجية المتمايزة جزئيا على النظام السعودي او المنقادة قهرا له ان تخرج فورا من عباءته لانه يقود السعودية لمستقبل غامض منفصل عن الامة، ولا نظن ان كل الانظمة اختارت هذا المستقبل.
ان ما اطلق عليه "صفقة القرن" هو اعادة لرسم الحدود ليست السياسية فقط وانما الوجدانية وحدود الانتماء والهوية وكذلك تغيير شامل للقيم والثوابت، ولا نظن ان الخليج سيقع بكامله في هذا الفخ، وان كانت هناك عروش ستبنى على هذه الصفقة كالعرش السعودي، فإن هناك عروشًا مبنية ومستقرة ليست بحاجة لهذه المغامرة والتي حتما ستسقط كامل العروش!